نيويورك تايمز: الضربة الإسرائيلية على ميناء يمني تضر بالمدنيين وليس الحوثيين
رأت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية اليوم الاثنين أن الهجوم الإسرائيلي على الحوثيين ، والذي أشعل النيران في ميناء يمني حيوي ، لن يفعل الكثير لردع ميليشيا الحوثي عن شن المزيد من الهجمات لكنه من المرجح أن يؤدي إلى تعميق المعاناة الإنسانية في اليمن..لافتة إلى أن الغارات الإسرائيلية استهدفت الميناء الذي يعد القناة الرئيسية التي تدخل من خلالها واردات الغذاء والوقود والمساعدات إلى شمال اليمن الفقير حيث يعيش أكثر من 20 مليون شخص.
وقال الأدميرال دانييل هاجاري المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي : "إن إسرائيل نفذت القصف لوقف هجمات الحوثيين وإنها ضربت أهدافا ذات استخدام مزدوج بما في ذلك البنية التحتية للطاقة".
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن باحثين يمنيين ومسؤولين أمريكيين سابقين يدرسون شؤون اليمن : إن الضربات الإسرائيلية لن تلحق ضررا يذكر بالحوثيين..مشيرين إلى أنه من المرجح أن يؤدي الهجوم إلى تفاقم المعاناة في اليمن الذي يشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم بعد عقد من الحرب.
وبدوره .. اعتبر آدم كليمنتس، الذي كان ملحقا عسكريا أمريكيا في اليمن وهو متقاعد حاليا، أن الضربة لا تضر بقدرة الحوثيين على شن هجمات على البحر الأحمر أو إسرائيل بقدر ما تضر بالمواطن اليمني العادي.
ونقلت الصحيفة عن هشام العميسي المحلل السياسي اليمني - الذي سجنه الحوثيون عام 2017 - القول إن الضربات الإسرائيلية لن تردع عمليات الحوثيين أو تؤثر عليها..مضيفا : إن الميليشيا، المدعومة من إيران والتي استولت على العاصمة اليمنية في عام 2014 ثم اجتاحوا معظم أنحاء البلاد، لطالما صاغت روايتها حول معارضة إسرائيل والولايات المتحدة وأرادت دائما جر إسرائيل إلى مواجهة مباشرة.
ومنذ بدء الحرب في غزة العام الماضي، أطلق المقاتلون
الحوثيون مئات الصواريخ والطائرات بدون طيار باتجاه إسرائيل تم اعتراض معظمها، وهاجموا السفن المارة عبر البحر الأحمر، وقد صاغ قادة الميليشيا حملتهم على أنها محاولة لإجبار إسرائيل على وقف قصفها لغزة والسماح بالتدفق الحر للمساعدات للفلسطينيين.
وقال العميسي : إن الهجوم الإسرائيلي يمنح قادة الحوثيين فرصة لتأجيج خطاب "العدو الخارجي" وإضفاء الشرعية على ادعائهم بأنهم المدافعون عن العرب والمسلمين وتعزيز تجنيدهم للأفراد وتعزيز قبضتهم على السلطة.
وكتب المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام على منصة "إكس" أن قصف البنية التحتية للطاقة دليل على رغبة إسرائيل في "تكثيف معاناة الشعب".
ويعد ميناء الحديدة مصدرا رئيسيا للإيرادات الضريبية للحوثيين. ولكنه أيضًا جزء حيوي من البنية التحتية التي يعتمد عليها اليمنيون الذين يقيمون في الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون للحصول على المساعدات والواردات الغذائية والسلع الأخرى.
وأصابت الضربات الإسرائيلية محطة كهرباء بالإضافة إلى مستودعات الغاز والنفط حول الميناء، وفقا لمتحدث باسم الحوثيين ومسؤولين إقليميين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وقال محمد الباشا، أحد كبار خبراء الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي وهي منظمة بحثية، إن إعادة بناء هذه الهياكل من المرجح أن تكون مكلفة وتستغرق وقتا طويلا..متوقعا حدوث نقص حاد في الوقود في جميع أنحاء شمال اليمن مما قد يضر بالأساسيات مثل مولدات الديزل للمستشفيات..لافتا إلى أن إتلاف محطة الكهرباء في الصيف سيؤدي إلى تفاقم معاناة السكان المحليين.
ونقلت الصحيفة عن المواطن اليمني منير أحمد وهو أب لخمسة أطفال يبلغ من العمر 46 عاماً في الحديدة قوله: إن طوابير طويلة بدأت تتشكل بالفعل ليل أمس الأول /السبت/ عند محطات الوقود في جميع أنحاء المدينة، بسبب المخاوف من نقص الوقود.
ووفقا لمذكرة داخلية صاغها مسؤولون عسكريون واطلعت عليها صحيفة "نيويورك تايمز"، أكد مسؤولو الأمن الإسرائيليون أن الميناء كان هدفا عسكريا مشروعا وأن معظم المساعدات الإنسانية التي تصل إلى ذلك الميناء تحت سيطرة الحوثيين الذين استخدموها للحصول على الدعم السياسي ومعاقبة المعارضين..مطالبين المجتمع الدولي بإعادة توجيه المساعدات من الحديدة إلى ميناء عدن الجنوبي.
واتهمت منظمات الإغاثة الإنسانية الحوثيين بتحويل وجهة المساعدات إلى مجالات أخرى في الماضي، لكنها استمرت بشكل عام في إرسال المساعدات على الرغم من ذلك.. مشيرة إلى الحاجة الماسة إليها. ونفى الحوثيون سرقة المساعدات.
واعتبرت الصحيفة أن أي خطة لتوزيع المساعدات في شمال اليمن عبر عدن ستواجه عقبات كبيرة ..موضحة أن ميناء الحديدة مجهز بشكل أفضل لاستقبال كميات كبيرة من البضائع وهو أقرب إلى المراكز السكانية..لافتة في هذا الصدد إلى أن الهجوم الإسرائيلي جاء بعد حملة قصف استمرت أكثر من ستة شهور شنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة واستهدف مواقع الحوثيين في جميع أنحاء اليمن.
وقال فارع المسلمي زميل أبحاث يمني في مركز بحوث "تشاتام هاوس" في لندن: إن الضربات الإسرائيلية لن يكون لها تأثير كبير على أسلحة الحوثيين الباليستية أو قدرات الطائرات بدون طيار..مرجحا أن يرد الحوثيون بمزيد من الهجمات على إسرائيل وربما على حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
ومثل غيره من الباحثين الذين يدرسون اليمن..توقع أن يؤدي الهجوم الإسرائيلي إلى تفاقم محنة المدنيين..واصفا هذا النهج بأنه مشابه للحملة العسكرية الإسرائيلية للقضاء على حماس في غزة.
وقالت دانا سترول وهي من كبار المسؤولين السابقين عن سياسة الشرق الأوسط في البنتاجون والباحثة حاليا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى :"إن تدمير البنية التحتية للطاقة لن يساعد بالتأكيد في محنة المدنيين اليمنيين ، لكن من المهم أن نتذكر أن الحياة تحت حكم الحوثيين بائسة بالفعل