علي الكشوطي يكتب: مسرحية ”حاجة تخوف”.. تخوِّف فعلاً بس تفرَّح
من حين لآخر يطبطب المخرج خالد جلال على قلوبنا يطمئنا على قوة مصر الناعمة المستقبلية، يغربل المواهب، يصقلها ويخرج أجمل ما فيها ويقدمها للجمهور ومحبى وعشاق المسرح والفنون وللصناعة مانحا السوق مجموعة من الشباب "تفرح" تشرح القلب، تمنحنا آمل فى أن مصر الولادة قوتها الناعمة لا تنضب، وهو ما حدث ومازال يحدث فى عروض تخرج مركز الإبداع وآخرها "حاجة تخوف" مشروع تخرج الدفعة الجديدة من المركز، ذلك العرض والذى رغم أنه "بيخوف فعلا بس عرض يفرح"، يفرح بالمواهب التى يقدمها العرض يفرح بالأفكار التى يتناولها العمل، يفرح بطاقة الحب والآمل التى يمنحها العرض لجمهوره
زحام شديد، الجمهور يتحرك بسرعة ونهم حرصا على إيجاد مقعد مناسب يضمن رؤية واضحة ومتابعة دؤوبة، فى ثوان معدودة يتحول المسرح، وكأنك دخلت فى عالم الأحلام عالم مغاير عن ذلك العالم الذى اتيت منه بضوضائه وزخمه.
هدوء وظلام دامس تظهر المواهب فى افتتاحية مبهرة المسافة بينهم وبينك قصيرة جدا، تجد نفسك جزء من الأحداث مع دفعة على فايز الشاب الموهوب الذى رحل تاركا امل فى زملاءه لإكمال حلمه فى التمثيل، أثناء العرض تجد نفسك تتماهى مع ما تراه عينك، تضحك، تبكي، تذهل بحجم المواهب وبقدرتها على التعبير عن أفكارهم، يدهشك وعى المواهب بالقضايا المحيطة.
سيمفونية يعزفها المخرج خالد جلال بحرفية شديدة، يساعده فيها مواهب من لحم ودم مواهب طازجة ناضجة قادرة على نقلك لعالمهم وأنت فى مكانك، عالم يغوص داخل نفسك البشرية يضع مخاوفك أمامك، نواقصك، هناتك، شهواتك، غفواتك، يمنحك الاختيار ما بين المواجهة أو الاستسلام، يدهشك بكم الخطايا البشرية التى تضعك فى مفترق الطريق، إما تقاوم أو تغرق فى مزيد من الخطايا.
استوقفنى العديد من المواهب الشابة فى عرض "حاجة تخوف"، منهم شريف إسماعيل وشاهندة على، حيث قدما الثنائى واحد من أهم الدويتهات فى المسرحية بمشهد أوردر المطعم واسقاطه على مستقبلهما سويا كحبيبين يطمحان للزواج، كذلك خلود خالد حتى الآن يرن صوت صراخها على زوجها "قاسم" باسم الجندى حيث تعانى ألم الفقد والخوف من الوحدة كلاهما ابدعا فى المشهد.
منة حمدى والتى قدمت دور الفنانة التى انحسرت عنها الأضواء والأدوار، واحدة من المواهب الواعدة، حضورا وأداء وتملك من أدوات الشخصية وإنفعالاتها، ومحمد حسين مودي، بتقديمه دور العريس ذلك الشاب الذى يقع ضحية الطمع ويتحول الحب لطاقة خوف من الارتباط.
محمد سراج واحد من المواهب اللامعة فى عرض حاجة تخوف، بمشهديه اللذان يحملان التضاد، ذلك الشاب المستهتر الذى يتكسب من السوشيال ميديا ويتتبع اللايكات ونسب المشاهدة، والآخر الذى يلعب فيه دور الصعيدى الذى يحافظ على هويته وعاداته وتقاليده ويرفض الإغراءات، واعتقد أن العرض سيفتح أمامه أبواب كثيرة خاصة وأنه يجمع بين الغناء والتمثيل والتلحين، وشارك فى مشهد أبناء صعيد مصر الممثل محمد إبراهيم والذى أرى فيه فنان من العيار الثقيل.
مى حمدى ونورا نبيل، من المواهب المنتظرة وأحمد حسام وشريف حليم يستحقان الإشادة خاصة بمشهد دار المسنين بما يحمله من انفعالات ومشاعر تتدفق للجمهور منهما بكل بساطة وانسيابية.
لا أريد أن أنسى نهى نبيل التى لعبت دور الجدة، التى تربى ابنة ابنتها أو حبيبة النادي، جميعهم مواهب "تفرح" والجميل فى العرض هو أنه جمع العديد من أصحاب الخبرات والتجارب السابقة ممن منحوا المسرحية الكثير من الآلق مثل محمد نديم واشرف مهدى ونادر جودة ومحمود جراتسى ومحمد حسيب وهبة كامل ويحيى محمود وأخرين.