”فاينانشيال تايمز”: لبنان يعيش أكثر الأيام دموية منذ عقود.. وتصاعد التوترات يُنذر بحرب شاملة
ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، أن لبنان يعيش أكثر الأيام دموية منذ عقود في ضوء تصاعد التوترات والمواجهات بين إسرائيل وحزب الله بما ينذر بدفع المنطقة إلى حرب شاملة.
وأبرزت الصحيفة - في سياق مقال تحليلي كتبته رئيسة تحريرها رولا خلف - بيان وزارة الصحة اللبنانية بأن الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة قتلت نحو 500 شخص في لبنان، موضحة أن التحذيرات التي أطلقتها الولايات المتحدة أمس الإثنين بشأن تصعيد الهجمات على حزب الله أعقبتها موجة من الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت ما قالت إنها أهداف تابعة للحزب ، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 500 شخص.
وضربت الطائرات الحربية الإسرائيلية مئات الأهداف في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث كثفت حكومة بنيامين نتنياهو هجومها على حزب الله في "مرحلة جديدة" من الحرب أطلقت عليها اسم عملية "السهام الشمالية".
وأكدت الصحيفة أن القصف الأخير أدى إلى تفاقم المخاوف بشأن تصعيد الأعمال العدائية في الشرق الأوسط ونشر الذعر في جميع أنحاء لبنان، مما دفع عشرات الآلاف إلى الفرار من المناطق المستهدفة.
وكان عدد القتلى على مدار أمس الإثنين الأعلى منذ شنت إسرائيل هجومًا بريا ضد حزب الله في عام 2006، وجاء- حسبما أفادت الصحيفة- على الرغم من تحذير الولايات المتحدة أمس الأول لإسرائيل من فتح جبهة جديدة لحرب شاملة مع الجماعة المسلحة المدعومة من إيران. وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن 58 امرأة و35 طفلاً كانوا من بين 492 شخصا لقوا حتفهم، بينما أُصيب 1645 آخرون.
واكتظت الطرق في جنوب لبنان بالسيارات مع فرار المدنيين شمالا نحو بيروت كما تحولت المدارس في جميع أنحاء البلاد إلى ملاجئ طارئة للنازحين في حين كررت الولايات المتحدة في وقت متأخر من أمس تحذيرها من خطر تصعيد الصراع بين إسرائيل وحزب الله.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير: "إن خطر التصعيد حقيقي.. لكن ما زلنا نعتقد أن الحل الدبلوماسي قابل للتحقيق وعاجل"، مضيفة أن الصراع بين إسرائيل وحزب الله استمر "لفترة كافية"، و"من مصلحة الجميع حله بسرعة ودبلوماسية".
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف نحو 1600 هدف لحزب الله وتعهد بمواصلة ضرب المباني التي يعتقد أن الجماعة المسلحة تخزن فيها أسلحة، وحذر المدنيين من إخلائها. وقال نتنياهو "نحن لا ننتظر التهديد، بل نستبقه"، محذرا من "أيام معقدة" قادمة.
ووافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على رفع "حالة طوارئ خاصة" في جميع أنحاء إسرائيل بما يسمح للجيش بمزيد من الحرية لتقييد حياة المدنيين وأنشطتهم تحسبًا لرد عنيف من حزب الله.
من جانبه، قال وزير الصحة اللبناني فراس أبيض إن الضربات الإسرائيلية استهدفت مراكز طبية وسيارات إسعاف وشاحنات إطفاء، مضيفًا أن اثنين من المسعفين قُتلا وأصيب 16. وقال للصحفيين: "لقد استهدفوا حتى قوافل النازحين وسيارات الناس أثناء فرارهم إلى مناطق أكثر أمانًا"، فيما لم يستجب الجيش الإسرائيلي على الفور لطلب التعليق.
وردًا على ذلك، قال حزب الله إنه أطلق عشرات الصواريخ على أهداف متعددة في شمال إسرائيل، بما في ذلك موقع مملوك لشركة رافائيل العسكرية شمال حيفا. مؤكدا أن الهجمات تأتي "دفاعًا عن لبنان وشعبه" وركزت على أهداف عسكرية.
وبالفعل دوت صفارات الإنذار عدة مرات في شمال إسرائيل طوال اليوم. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إحدى الضربات أصابت منزلًا خاصًا في قرية جفعات أفني في الجليل. كما تم اعتراض الصواريخ فوق الضفة الغربية المحتلة، وفقًا لما ذكره مجلس إقليمي للمستوطنات الإسرائيلية في المنطقة.
وأثار التصعيد مخاوف من احتمال اندلاع حرب برية شاملة. وبدوره، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاجاري، عندما سُئل عن احتمال التوغل البري في جنوب لبنان، إن البلاد ستواصل "فعل كل ما هو ضروري" لمنع حزب الله من القدرة على ضرب شمال إسرائيل والسماح للسكان المحليين بالعودة إلى منازلهم.
وأظهرت مقاطع فيديو في وسائل الإعلام اللبنانية انفجارات تهز القرى في وادي البقاع، ومسعفين وسكان يشقون طريقهم وسط الأنقاض بعد إحدى الضربات. وقال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي خلال اجتماع لمجلس الوزراء إن الهجمات الإسرائيلية كانت "ضربة قاسية".