الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب: ستة ملايين مواطن فى جنازة وداع زعيم الأمة جمال عبدالناصر
فقدت الجمهورية المتحدة ، وفقدت الأمة العربية ، وفقدت الإنسانية كلها رجلاً من أغلى الرجال وأشجع الرجال وأخلص الرجال .. هو الرئيس جمال عبد الناصر
بمجرد أن أعلن محمد أنور السادات نائب رئيس الجمهورية آنذاك هذا الخبر الصادم يوم ٢٨ سبتمبر سنة ١٩٧٠ فرت الدموع من الرجال قبل النساء وعم الصراخ والعويل بيوت جماهير الوطن وإنطفأت الأنوار وإتشح الجميع بالسواد فكم كان الخبر صادما والمفاجأة كانت مفجعة زلزلت وجدان الجميع وهزت مشاعرهم ودمت قلوبهم إنه الرحيل المر لزعيم الأمة العربية .. مات جمال عبد الناصر الذى يسكن قلوب الجماهير لما قدمه من تضحيات كبيرة وحقق إنجازات عظيمة إستطاع أن يحنو بحق على الغلابة وإنتشلهم من براثن الذل والعبودية ورفع عنهم الظلم والقهر وإستعاد كرامتهم المهدرة التى داس عليها باشاوات ومحاسيب الملك ولذلك أطلق عليه البسطاء لقب " قنديل الغلابة " الذى أضاء لهم طريق الحرية والعدالة والكرامة.
تقرر أن تشيع جنازة الفقيد الغالى الذى رحل صغيرا عن عمر يناهز ٥٢ عاما فقط حقق خلالها ما لم يقدر على تحقيقه رجال كل منهم عاش مائة عام مما يعدون .. فى يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر _ أى فى مثل هذا اليوم قبل ٥٤ عاماً _ وهو اليوم الثالث من الرحيل المفجع حيث ظل كثير من الرجال يفترشون الشوارع يبيتون فيها إنتظارا للحظة الوداع ليوارى الجثمان الطاهر الثرى ليستقر كما هو متفق عليه فى مقبرة جامع النصر بكوبرى القبة الذى تغير إسمه عقب الرحيل إلى مسجد عبدالناصر.
شلالات بشرية تملأ شوارع موكب الجنازة وفوق أسطح المنازل أكثر من ستة ملايين من جماهير الشعب جائوا من كل فج عميق ليلقوا نظرة الوداع على زعيمهم العظيم حبا وإخلاصا له الكل ينتحب نساء كثيرات يلطمن الخدود الرجال يتسابقون يحاولون إختراق الموكب من بين كتائب جنود الجيش المحيطة به منذ أن سار الموكب المهيب من مجلس قيادة الثورة إلى قصر النيل مرورا بالتحرير ورمسيس وصولا إلى ميدان العباسية حتى مرقده الأخير بالمسجد الواقع حاليا بشارع الخليفة المأمون الكل يطمح أن يلامس النعش ليقبلّه أو حتى يمس العلم الذى يحتضن جثمان حبيب الملايين ناصر الغلابة حشود أخرى حاولت أن تصل إلى العربة الحربية المصفحة التى كان يستقلها عبدالناصر فى زياراته للمواقع العسكرية الكل يسعى فقط لملامستها وتقبيلها لمجرد أن الزعيم كان يستقلها " أى حب هذا وعشق لزعيم لم تنجب الأمة مثله " تلك هى جنازة عبدالناصر التى لم يشهد تاريخ العالم مثلها مهما كانت شخصية المودع إنه الزعيم جمال عبد الناصر .. جموع الشعب والوفود العربية وزعماء العالم الكل يبكى على فقيد التحرر والإستقلال.
تعد أنشودة أو ترنيمة " الوداع .. يا جمال .. يا حبيب الملايين " أكثر شهرة بين جميع كلمات الرثاء التى كتبت عقب رحيل الزعيم عبدالناصر.
كانت تقول تلك الكلمات التى ألفها الشاعر عبدالرحمن عرنوس ولحنها بالموسيقى الجنائزية الملحن اليونانى أندريا رايدر وغنتها المجموعة وهى من كورال طلبة معهد الموسيقى العربية.
كلمات تلك الأنشودة كانت تقول "
الوداع يا جمال يا حبيب الملايين .. ثورتك ثورة كفاح عشتها طول السنين
أنت عايش فى قلوبنا يا جمال الملايين الوداع يا فقير يا ابن الفقير .. أنت نوارة بلادنا وإحنا شوفنا الحنين
يا جمال أنت قلة مية صافية تسقى كل العطشانين .. يا جمال أنت قنديل الغلابة يهدى كل المحرومين
.. أنت ريحة ذكية فى قلوب الفلاحين
الوداع يا حبيب الملايين .. الوداع يا ناصر
ويهتف الملايين من جماهير الوطن بأعلى صوت .. " بالروح بالدم هنكمل المشوار " .. نعم نعاهدك يا جمال يا حبيب الملايين بأن نكمل مشوارك بأرواحنا ودمائنا.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى