حكايات النصر والتضحية خلدتها أغنيات أكتوبر وأثرت وجدان المصريين بالعزة والكرامة
يحتفل المصريون بالذكرى الـ51 لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة، والتى شهدت قصة كفاح كبيرة وإصرار وعزيمة من المصريين لاسترداد أرض سيناء التى احتلتها إسرائيل، ولكل مجال اهتمام فكان لمجال الفن جانب كبير من حيث الأغاني التى رسخت ودونت هذه الانتصارات فى وجدان وعقول المصريين، وكان انتصار عظيم كتب بماء الذهب فى التاريخ.
واستطاعت الأعمال الفنية من سينما ودراما وأغان نقل فرحة النصر للمصريين وكأنهم على الجبهة، ووراء هذه الأغنيات الكثير من الكواليس أبرزها كواليس أغنية "على الربابة بغني"، حيث أسرع بليغ حمدي ووردة، فور النصر إلى الإذاعة المصرية، إلا أن الأمن منع دخولهم، وهو ما دفع وردة وبليغ حمدي لاستدعاء الشرطة وتقديم بلاغ رسمي ضد وجدي الحكيم والإذاعة المصرية مفاده أنهم منعوا بليغ من التعبير عن فرحته بالنصر، وهو ما كشفه الإعلامي الراحل وجدي الحكيم، حيث ذهب الحكيم على بوابة ماسبيرو – مبني الإذاعة والتلفزيون وأخبر بليغ أنه لا يستطيع السماح له بالدخول لأن الأمر في يد الأمن خاصة في تلك الظروف التي تشهدها البلاد، إلا أن الأمر وصل إلى الإذاعي بابا شارو ووقتها استطاع حل الأمر وإدخال بليغ حمدي ووردة حيث قاما بتسجيل الأغنية فجرا، وفي صباح السابع من أكتوبر، الساعة السابعة ونصف صباحا سمع بابا شارو الأغنية 3 مرات ووافق عليها.
وتعتبر الأغنية من أولى الأغاني التي تم تسجيلها بعد العبور مباشرة، ثم أغنية "بسم الله الله أكبر" وهي من غناء المجموعة ومن كلمات الشاعر عبد الرحيم منصور وألحان بليغ حمدى، وكانت أغنية "بسم الله" من أوائل الأغاني التي تم تقديمها عن حرب أكتوبر 1973، والتي كان بطلها الملحن والموسيقار الكبير بليغ حمدي، الذي تفاعل وقتها بشكل كبير مع الحرب.
كما قدمت الفنانة شادية أغنية "عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة" والتى تقول: "عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة، باسمك يا بلادى تشتد العزيمة، باسمك يا بلادى عدينا القنال، باسمك يا بلادى خطينا المحال، باسمك يا حبيبتى، مصر يا حبيبتى، خطينا المحال، باسمك يا حبيبتى هاسمى الحرية، باسمك يا حبيبتى هاسمى النضال، هاسمى الشجاعة واسمى الآمال"، وهي من كلمات عبد الرحيم منصور، وألحان بليغ حمدى.
وكانت أغنية "رايات النصر" من أشهر الأغاني التي تعبر عن حرب أكتوبر وانتصار الجيش المصري، والتي كتبت كلماتها الشاعرة نبيلة قنديل ولحنها زوجها على إسماعيل، وكانت الأغنية جاهزة قبل عام من حرب أكتوبر لتعرض في فيلم "العصفور" للمخرج يوسف شاهين، ولكن شاهين قدمها للإذاعة بعد انتصار أكتوبر، قائلًا: "نصر أكتوبر عندي أهم من الفيلم".
أما أغنية "عاش اللى قال" فهي من كلمات محمد حمزة، وألحان بليغ حمدى، وغناء العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، حيث تحمس العندليب لتقديم تلك الأغنية بعد النصر، فاختار كلمات محمد حمزة، ووجد أن الأنسب لتلحينها هو بليغ حمدي، الذي قدم بالفعل وبدأت البروفات في منزل عبد الحليم بالزمالك، فضلا عن مشاركة مجموعة من الكورال بتوصية من بليغ، وبعد تسجيل الأغنية علم السادات أن اسمه يردد ضمن كلمات الأغنية وهذا ما رفضه، ليضطر عبد الحليم لتسجيل الأغنية مرة أخرى وإعادة إذاعتها مرة أخرى.
كما قدم العندليب عبد الحليم حافظ أغنية "خلّى السلاح صاحى" وهى من أشعار أحمد شفيق كامل وألحان كمال الطويل، وهى من أشهر وأقصر أغانى حرب أكتوبر، حتى إن المصريين كانوا يستخدمونها فى لغتهم اليومية كمثال للانتباه، ومن المدهش أن نجد روايات تقول إنها كُتبت أثناء حرب الاستنزاف من قبيل حث الجنود على الاستعداد للثأر .
وتعد أغنية "أم البطل" ذات طابع خاص بين الأغاني الوطنية التي رصدت انتصار أكتوبر 1973، إذ سارعت الفنانة شريفة فاضل بالتواصل مع صديقتها الشاعرة نبيلة قنديل لكتابة كلمات أغنية تتناسب مع أم فقدت ابنها، وهو ما مرت به شريفة فاضل بالفعل.
وبعد 3 أشهر من استشهاد ابن شريفة فاضل في حرب الاستنزاف، غنت أمه له هذه الكلمات: ابنى حبيبى يا نور عينى .. بيضربوا بيك المثل .. كل الحبايب بتهنينى .. طبعا ما أنا أم البطل .. يا مصر ولدى الحر .. اتربى وشبع من خيرك .. اتقوى من عظمه شمسك .. اتعلم على ايد احرارك .. اتسلح بايمانه واسمك .. شد الرحال .. شق الرمال .. هد الجبال .. عدى المحال .. زرع العلم .. طرح الامل .. وبقيت أنا .. أم البطل، ولكن الأغنية ارتبطت في وجدان كل أم استشهد ابنها في الحرب.