صحيفة صينية: أصداء الحرب في غزة لا تزال تتردد في أنحاء جنوب شرق آسيا
قالت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الصينية إنه على الرغم من مرور عام على الذكرى الكئيبة لاندلاع الحرب في قطاع غزة، لا تزال أصداؤها تتردد في مختلف أنحاء منطقة جنوب شرق آسيا حيث يقطن مئات الملايين من المسلمين الذين يتعاطفون بشغف مع النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وأشارت الصحيفة - في سياق تقرير نشرته اليوم الإثنين إلى أن تأثير الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة يمتد إلى ما هو أبعد من الجوانب الدينية، إذ يصل تأثيره إلى الدول التي تفتقر إلى مثل هذا الانتماء المباشر، فتواجه بعض الشركات المقاطعة وينقسم الرأي العام بشكل حاد وتواجه الحكومات أزمة إنسانية غير مسبوقة النطاق.
ولفتت الصحيفة الصينية إلى أن الأحداث التي بدأتها حركة حماس في السابع من أكتوبر تحولت إلى حصار إسرائيلي لا هوادة فيه للفلسطينيين، مع امتداد العنف بشكل متزايد إلى لبنان بالإضافة إلى تهديد إيران، ومثل هذه التصعيدات لا تعرض الأرواح فقط للخطر بل تؤثر أيضا على الاستقرار الاقتصادي، مما يثير المخاوف بشأن أسعار النفط والتضخم العالمي .
بالنسبة لماليزيا وإندونيسيا - ذات الأغلبية المسلمة - أدانتا بشكل صريح الحرب الإسرائيلية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة.
ومع عدم ظهور أي علامات على توقف المذبحة الإسرائيلية في قطاع غزة ، تغلغل الإحباط والحزن في هذه المجتمعات مع تزايد الشعور بالعجز.
وردا على ذلك، أصدر مصمم الجرافيك والرسام الماليزي عارف رفحان عثمان أعمالا فنية تدمج بين التصميمات الماليزية التقليدية والألوان والرموز الفلسطينية، بما في ذلك البطيخ الذي أصبح موجودا في كل مكان الآن.
وقال عثمان "إن الرواية المتعلقة بالنضال الفلسطيني تم التلاعب بها وكتمها"، لذا فهو يعتقد أنه من واجبه أن يجعل الناس يتحدثون عنها، ويساعدهم على التعرف على تاريخ الصراع وإعلاء أصوات الضحايا من خلال فنه.
ويؤكد عثمان أنه "ليس ناشطا" إلا أن فنه الذي يبدعه ويوزعه مجانا اكتسب زخما، إذ ظهر على القمصان والملصقات بالإضافة إلى تعاونه مع شركة الملابس الرياضية "أيراز" التي تذهب عائداتها إلى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين
كما يقاطع الإندونيسيون العلامات التجارية التي تدعم إسرائيل، حيث أعلنت شركة "دجاج كنتاكي" في إندونيسيا عن خسارة صافية بلغت 5ر21 مليون دولار أمريكي في الربع الأول من العام الجاري، وحث مجلس العلماء الإندونيسي (الهيئة الرائدة للعلماء المسلمين في إندونيسيا) المواطنين على مواصلة جهودهم في المقاطعة مؤكدين الضرورة الأخلاقية لدعم "استقلال فلسطين".
وقال شوليل نفيس رئيس مجلس علماء إندونيسيا في بيان اليوم "لا تتوقفوا أبدا عن حركة المقاطعة لأن الإبادة الجماعية لم تتوقف أيضا، هذه مسألة تتعلق بإنسانيتنا المشتركة ويجب ألا نلتزم الصمت " .
وسلطت "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الضوء أيضا على الفلسطينيين الذين يعيشون بعيدا عن موطنهم ويعانون من الألم العميق جراء العنف المستمر في بلادهم.
ويقول رائد عرادة - وهو طالب فلسطيني يبلغ من العمر 26 عاماً يدرس في جامعة إندونيسيا ويعيش هناك منذ خمس سنوات - "لقد استمر هذا لفترة طويلة ونحن متعبون للغاية، حتى محاولة الاتصال بالمنزل والاطمئنان على حال أسرتي أمر صعب".
وتابع عرادة بقوله "عندما نسمع عن الخطر المستمر والضربات والتفجيرات نشعر بالخوف والتعب، إن التركيز على دراستي في الجامعة هنا أمر صعب لأن ذهني دائما منصب على أسرتي وسلامتها"، فقد نزحت أسرته من منزلها في رفح وتعيش الآن في مخيمات اللاجئين في خان يونس .
أما بالنسبة لتايلاند فإن الصراع يشكل تهديدا لسلامة مواطنيها الذين يعملون -مثل مواطني الهند ونيبال - في المزارع الإسرائيلية، وقد فقدت تايلاند بالفعل أكثر من 40 مواطنا خلال الأحداث الراهنة .
وبالنسبة إلى سنغافورة المتعددة الثقافات - حيث التماسك الاجتماعي هو الأهم - حظرت الحكومة المظاهرات العامة المرتبطة بالصراع وأصدرت تحذيرات ضد عرض الرموز المرتبطة به، ومع ذلك لا تزال الدعوات مستمرة من أنصار القضية الفلسطينية لقطع العلاقات الدفاعية مع إسرائيل، مثل الحادث الذي وقع في أبريل حيث رفع الناشطون لافتة مكتوب عليها "إنهاء تجارة الأسلحة بين سنغافورة وإسرائيل" والتي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت إسرائيل شريكا عسكريا رئيسيا لسنغافورة منذ انفصالها عن ماليزيا في عام 1965، حيث قدمت دعما حاسما لبناء قدراتها الدفاعية، وقد حصدت عريضة لوقف تجارة الأسلحة مع إسرائيل مؤخرا ما يقرب من 2000 توقيع في يوم واحد، مما يسلط الضوء على المشاعر العامة.
وتؤكد الحكومة السنغافورية أن موقفها "مبدئي" ومتماشٍ مع القانون الدولي ويهدف إلى تعزيز السلام العالمي، وفي تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي أيدت سنغافورة قرارا يطالب إسرائيل بإنهاء وجودها غير القانوني فيالأراضي الفلسطينية المحتلة في غضون عام.