بوابة الدولة
الجمعة 22 نوفمبر 2024 08:14 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرصالح شلبي
مستشار التحريرمحمود نفادي
بوابة الدولة الاخبارية

محمد عبد الرحمن يكتب: ”أرزة” دراجة لبنان الضائعة وطائفيته المقيمة

محمد عبد الرحمن
محمد عبد الرحمن

قبل 10 سنوات قدم الممثل البوليودى عامر خان، فيلمه المثير للجدل "pK" وهو العمل الذي تعمق في التركيبة الطائفية للمجتمع الهندي، وجسد شروخًا مجتمعية لخطاب التفرقة والكراهية السائد بسبب التمايز الطائفي هناك، مبينًا حقيقة بعض رجال الدين وكيف يَسُوقون عقول الناس، وكيف انقسم البشر بين عشرات الآلهة والمعتقدات، ليصل في النهاية إلى أن الدين الصحيح ربما كان في المبادئ والقيم ومن هذا الخط الدرامي الذي يبين حالة التفسخ المجتمعي في الهند بسبب تعدد المعتقدات الدينية، ومن هذا المنطلق تعاملت المخرجة اللبنانية ميرا شعيب في فيلمها "أرزة" الذي عرض مؤخرا بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، متخذة من نفس السياق الدرامي للفيلم الهندي، لتجسد الظروف الاقتصادية اللبنانية الصعبة والطاحنة، في وسط مجتمع ممزق بسبب التشبث بطائفيته.

تنطلق الأحداث من خلال معاناة "أرزة" - دياموند أبو عبود - التي تعمل على إعداد الشطائر المنزلية، في حين يقوم نجلها بإيصالها إلى طالبيها سيرًا على الأقدام، فيما تلح على شقيقتها الكبرى (ليلى) التي لا تغادر المنزل، لبيع مجوهراتها، من أجل شراء دراجة نارية، لتوصيل الطلبات بشكل أسرع وتحسين خدمة التوصيل، بما سينعكس على زيادة الدخل للأسرة، لكن الشقيقة التي تعاني من مشكلات عدة ترفض الإسهام؛ مما يدفع (أرزة) إلى سرقة سوار ليلى ورهنه من أجل دفع مقدم ثمن الشراء، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وتسرق السكوتر من ابنها (كنان) عند استعداده للعودة إلى المنزل، في صورة تتشابه إلى حد كبير مع حال المودعين اللبنانيين الذي يطلبون باسترداد أموالهم من المصارف اللبنانية والتي اتهمت الحكومة بتبديدها.

منذ العتبة البصرية الأولى للفيلم/ البوستر، تشتبك ميرا شعيب مع الواقع اللبناني، إذ نجد "أرزة" – بطلة العمل - على الأرض بمفردها في حالة يُرثى لها، وإلى جوارها مجموعة من الصناديق الكرتونية الصغيرة، وكأن "أرزة" هنا رمز لحال لبنان بأكمله، والدراجة هي الهوية المهدرة بين الطوائف، لتجسد لنا حال وطن مزقته الطائفية والأزمات الاقتصادية الطاحنة على مدار عقود، وربما اختارت المخرجة أن تكون بطلة الحكاية امرأة، لكي تُزيد من الصعوبات التي يمكن أن تتعرض لها في مجتمع التشبث بالطوائف فيه يمزقه، فضلا عن اختيارها اسم "أرزة" نفسها لما يحمله من مدلول رمزي يتشابك مع الهوية اللبنانية، فشجرة الأرز هي رمز الوطن وهى شجرة معمرة ومقاومة، كحال وطن عاني مأساة العدوان والحرب الأهلية لكنه ظل صامدًا.

تدور الأحداث بأكملها حول رحلة "أرزة" غير محددة الوجهة بحثًا عن السكوتر، وفي مسار تلك الرحلة يأخذنا الشريط السينمائي إلى صورة بانورامية للمعاناة التراجيدية في الداخل اللبناني، وتضع الجمهور في مواجهة مباشرة مع قسوة الحياة في بيئة تمزقت بالعنف والطائفية والفقر والاضطرابات السياسية، وتأخذنا السردية السينمائية إلى عوالم متداخلة للتباين الطائفي في لبنان، وتبرز من خلالها نظرة كل طائفة للأخرى وحالة التشكيك وعدم الاطمئنان داخل المجتمع الواحد، وجسد الفيلم تلك التقسيم الطائفي بمزيج بين العنف والسخرية، فخلال رحلة الثنائي الأم وابنها وتنقلهما من منطقة مسيحية إلى أخرى سنية إلى ثالثة شيعية، تتعرض فيها الأم للكثير الذي يجعلها تتنكر تارة بارتداء ملابس مختلفة، وتارة تغير من لهجتها، وصولا لتغير اسمها واسم ابنها من أجل التماهي مع كل طائفة، في صورة لا تخفي حجم خطاب الكراهية والعنف في الخطاب الطائفي، لكنها ورغم كل ذلك لا يكون الحال أفضل من الأخرى، وكأنها تجسيد إلى لبنان التي تبدلت عليها الحكومات ذات الطبيعية الدينية بين سنية وشيعية ومارونية وغيرها لكنها لم تحقق آمال الشعب الذي مزقته الطائفية ودهسته الأزمات الاقتصادية والسياسية، وصورة تعبر عن تحايل النخبة السياسية في مواجهة الشعب اللبناني.

في "أرزة" تضع ميرا شعيب الجميع أمام محاكمة، في محاولتها للبحث عن طريق خلاص للشعب اللبناني من أزمته، فالجميع في نظر ميرا متهم ومجني عليه في ذات الوقت، فرغم أن الأم تعمل على تأمين حياة أسرتها، لكنها تظهر في صورة أنانية متسلطة تتجاهل رغبات ابنها وأوجاع شقيقتها من أجل حلم المطعم، في صورة تتشابه إلى حد كبير عن النخبة اللبنانية التي تجاهلت تطلعات الشعب اللبناني وتقاسمت وتصارعت على السلطة دون النظر إلى الوطن الذي تفسخ تحت وطأة هذا الصرع، فدخل إلى منحنى مخيف من الفقر والطائفية، بينما الابن مراهق متهور يفكر في السفر ويتجاهل مساعدة أمه في رحلتها ويحملها كل الأخطاء، لكنه على الرغم من ذلك يتمسك ببلد تلفظه، وتصعب الحياة عليه، في تجسيد أكثر تعبيرا عن حال أغلب الشباب العربى الذى يرفض العيش فى واقع يبدو كأنه لا يتغير، ويتأرجح بين حبه لأمه/ وطنه، ورغبته فى عيش حياته الخاصة.

في النهاية قدمت ميرا شعيب معالجة لا تتوقف عن الاشتباك مع الواقع اللبناني في ظل أزمات اقتصادية وانقسامات طائفية، من خلال صورة سينمائية جمالية كاشفة لعين الحقيقة بإسقاطاتها الفنية، تتمرد فيها على الطائفية ودخان بنادق تجار الحروب وانتصاراً للإنسان من همجية العنف وصراعات الأديان، مُتناسبة في عناصرها الفنية وتكاملها، من دون ضخبٍ أو افتعال، ولا إفراط.

موضوعات متعلقة

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى21 نوفمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 49.6247 49.7247
يورو 52.2102 52.3204
جنيه إسترلينى 62.7058 62.8520
فرنك سويسرى 56.1112 56.2560
100 ين يابانى 32.0760 32.1489
ريال سعودى 13.2174 13.2454
دينار كويتى 161.3130 161.6906
درهم اماراتى 13.5092 13.5390
اليوان الصينى 6.8525 6.8672

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 4297 جنيه 4274 جنيه $86.86
سعر ذهب 22 3939 جنيه 3918 جنيه $79.62
سعر ذهب 21 3760 جنيه 3740 جنيه $76.00
سعر ذهب 18 3223 جنيه 3206 جنيه $65.14
سعر ذهب 14 2507 جنيه 2493 جنيه $50.67
سعر ذهب 12 2149 جنيه 2137 جنيه $43.43
سعر الأونصة 133656 جنيه 132945 جنيه $2701.61
الجنيه الذهب 30080 جنيه 29920 جنيه $608.01
الأونصة بالدولار 2701.61 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى