2024..عام حافل بمساع مصرية مضنية لإعادة الهدوء والاستقرار للمنطقة
"أود التأكيد على أن مصر..لن تألو جهداً، في دعم شعوب أمتها العربية والإسلامية..لحفظ سيادتها وسلامة أراضيها..وستواصل مصر جهودها الحثيثة، لخفض التصعيد بالمنطقة..واستعادة الأمن والاستقرار والسلام.. من أجل المضي قدماً، على طريق التنمية والتقدم.. وبناء مستقبل أفضل لشعوبنا"..، بتلك الكلمات اختتم الرئيس عبد الفتاح السيسي حديثه أمام الجلسة الخاصة حوّل فلسطين ولبنان في مؤتمر الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي الذي عقد في مصر الأسبوع الماضي؛ ليعيد التنبيه إلى أن مصر لم ولن تتوقف عن مساعيها لإعادة الهدوء والاستقرار للمنطقة.
ورغم التحديات العديدة التي تحيط بمصر من كافة الاتجاهات الاستراتيجية، إلا أنها مستمرة في الاضطلاع بمسئوليتها السياسية والجغرافية والتاريخية والأخلاقية والإنسانية تجاه أمتها العربية والإسلامية، متمسكة بالأمل واثقة بأن الفرصة لاتزال قائمة لإنقاذ المنطقة من الحرب والدمار والتوجه نحو مستقبل أفضل لشعوبنا العربية والإفريقية.
ومع طي صفحات عام 2024 الذي شهد تصعيداً والمزيد من إراقة الدماء لاسيما في فلسطين ولبنان والسودان، استعرض مساعدو وزير الخارجية السابقون، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء، الجهود والتحركات المصرية منذ بداية العام من أجل إحلال الأمن والسلام بالمنطقة والدفع نحو طريق التنمية المستدامة المنشودة في الشرق الأوسط وإفريقيا.
وفي هذا الإطار، قال السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن 2024 كان عاما حافلا بالأزمات التي أحاطت بمصر من كل جانب، وكلها تقع في صميم الأمن القومي المصري، وقد بذلت القاهرة جهوداً مضنية من أجل تقريب وجهات النظر وحلها بالطرق السلمية والدبلوماسية، مضيفا أن مصر عملت على تحقيق التهدئة في ليبيا واستضافت على أرضها الفرقاء الليبيين في محاولة للتهدئة فيما بينهم وكسر الحلقة المفرغة التي يدورون فيها وإعلاء مصلحة الوطن الليبي فوق كل اعتبار.
أما السودان، أكد السفير رخا أن مصر لم تدخر جهداً من أجل لم شمل السودانيين الذين اجتمعوا أكثر من مرة في القاهرة لبحث سبل وقف الصراع وإنهاء الانقسام، وتواصلت مصر مع كل مكونات المجتمع السوداني لتقريب وجهات النظر بينهم ومساعدتهم على العبور ببلادهم إلى بر الأمان والمحافظة على موارد وطنهم الكبيرة.
وتابع أن القيادة المصرية أولت أمن واستقرار منطقة القرن الإفريقي أهمية خاصة، وعززت ال
ت العلاقات مع إريتريا وحرصت على تعزيز إمكانات مؤسسات الدولة الصومالية لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية، وتمكين الجيش الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بكافة صوره، وحماية حدوده البرية والبحرية وصيانة وحدة أراضيه، واستجابت لمطلب الصومال في المشاركة في قوات حفظ السلام اعتباراً من العام الجديد.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، شدد مساعد وزير الخارجية الأسبق على أن مصر لم تترك باباً إلا وطرقته سواء من أجل وقف نزيف الدم الفلسطيني ووقف إطلاق النار أو لإدخال المساعدات الإغاثية، فضلاً عن تشجيع ودفع دول العالم نحو الاعتراف المباشر بدولة فلسطين، لافتا إلى أن مصر تحرص كل الحرص على عدم ترك شعب فلسطين الشقيق يواجه وحده دولة استعمارية استيطانية عنصرية فعلت كل ما هو مخالف للأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.
وأردف أن أمن البحر الأحمر تصدر كذلك الأولوية لدى مصر، منبهاً إلى أن حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة هي التي تسببت في تهديد أمن البحر الأحمر مما يؤثر على استقرار ومصالح كل الدول المتشاطئة للبحر الأحمر.
وأبرز مساعي مصر لمساعدة لبنان منذ بدء العدوان الإسرائيلي عليها، موضحاً أن القاهرة تواصلت مع كافة الأطراف المعنية للدفع باتجاه احترام القرار الأممي 1701 الذي يطالب إسرائيل ولبنان بوقف الأعمال القتالية وإخلاء المنطقة الفاصلة بين الخط الأرزق ونهر الليطاني جنوبي لبنان من أي مسلحين، لافتاً كذلك إلى المساعدات الإنسانية التي قدمتها مصر للبنان في أزمته .
وحول سوريا، قال السفير رخا إن مصر القريبة من كل السوريين لها موقف واضح تجاه ما تشهده الساحة السورية اليوم، وهو ضرورة المحافظة على وحدة وسلامة الأراضي السورية.
واختتم بأن مصر دولة مؤسسة للاتحاد من أجل المتوسط ولا يغيب دورها واهتمامها عن منطقة المتوسط، وتكن لها دول ضفتي المتوسط كل احترام وتقدير لجهودها من أجل إرساء ثقافة السلام والتنمية في محيطها وحرصها على مصالح جيرانها وجميع الشعوب الشقيقة والصديقة.
من جهته، أكد السفير حازم خيرت مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر السابق لدى كل من دمشق وتل أبيب، أنه رغم الصعوبات والتحديات والتعقيدات التي يشهدها الشرق الأوسط في تلك المرحلة الدقيقة، فإن مصر لم تدخر جهداً وبذلت كل ما يمكن القيام به في كافة المحافل الدولية من أجل تسوية الأزمات ووضع حد للقتال والمواجهات بالمنطقة والتي تهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين.
ولفت إلى أن حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ أكثر من عام على قطاع غزة استحوذت على أولويات التحركات المصرية نظراً لكونها السبب الرئيسي لزعزعة استقرار المنطقة وجر الأطراف الإقليمية إلى الصراع.
وأشار إلى أن الدبلوماسية المصرية لم تعرف اليأس منذ بداية تلك الأزمة وتعاملت بصبر مع تعنت ومماطلة إسرائيل التي يقودها حكومة يمينية متطرفة، وظلت ماضية في مفاوضات مع "تل أبيب" و"حماس" لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين، علاوة على حرص القاهرة الشديد على نفاذ المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع المنكوب.
وتابع أن مصر استقبلت قادة ومسئولين ووفودا من كافة أنحاء العالم ونظمت لهم زيارات إلى العريش ومعبر رفح لكي يقفوا بأنفسهم على أرض الواقع من أقرب نقطة ممكنة إلى غزة وليشاهد المجتمع الدولي ما تقوم به إسرائيل من جرائم بحق المدنيين داخل القطاع.
أشار إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها مصر ولاتزال جميعها محل تقدير كبير من المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، والمنظمات التابعة لها، مذكراً بإشادة مختلف بلدان العالم بمساعي مصر الرامية إلى استتباب الأمن في المنطقة، وبتحركاتها لوقف العدوان على فلسطين ولبنان.
وأضاف أن القيادة السياسية تحمل معها في كافة المحافل واللقاءات والزيارات قضايا منطقتنا وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية وضرورة وقف الحرب والدفع نحو حل الدولتين، لافتا إلى مشاركة الرئيس السيسي في قمة مجموعة العشرين بالبرازيل نوفمبر الماضي والتي عكست التقدير الدولي لدور مصر على المستوى العربي والإفريقي.
وسلط الضوء على أهمية الزيارات والجولات التي قام بها الرئيس السيسي خلال عام 2024، منوهاً بالقمة الثلاثية التي جمعت الرئيس السيسي، مع كل من رئيس إريتريا إسياس أفورقي ورئيس الصومال د. حسن شيخ محمود، في أكتوبر بالعاصمة الإريترية أسمرة، فضلاً عن اهتمام مصر بعلاقتها مع دول القرن الإفريقي والرغبة في دعمها وتعزيز العلاقات والتعاون معها بهدف تحقيق الأمن وتسوية النزاعات، والمشاركة الإيجابية في بعثة حفظ السلام.
ولفت إلى أن "دبلوماسية القمة" التي ينتهجها الرئيس السيسي ساهمت في استعادة مصر لثقلها الإقليمي ولدورها الريادي وحققت المزيد من التعاون والزخم في العلاقات الدولية.
وأكد أن هذا العام سجل نجاح مصر وتركيا في طي صفحات الماضي، والرغبة المشتركة في تحسين ودفع العلاقات الثنائية بما يحقق المصالح المشتركة ويخدم أمن واستقرار الإقليم لاسيما في ضوء التنسيق المستمر والتشاور بين البلدين فيما يتعلق بالأزمات الإقليمية، مذكراً في هذا الصدد بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فبراير الماضي، إلى مصر ثم زيارة الرئيس السيسي، في سبتمبر الماضي، لأنقرة.
وشدد على أهمية القمة المصرية الأوروبية في مارس الماضي بالقاهرة، والتي رفعت العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية والشاملة"؛ لتحقيق نقلة نوعية في التعاون والتنسيق بين الجانبين.
وسلط الضوء على الأهمية التي توليها مصر للأمن القومي العربي، موضحاً أن مصر قلب العروبة تربطها علاقات طيبة من المحيط إلى الخليج؛ فهي دولة محبة لوطنها العربي وتثق بها كل الشعوب العربية لأنها ليس لديها أي أجندات ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة.
واختتم السفير حازم خيرت بالتذكير بأن العام 2024 حمل الكثير للشرق الأوسط وكان آخره التغيير الذي شهدته سوريا، مشدداً في هذا السياق على العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين المصري والسوري، وحرص مصر على وحدة تراب سوريا والحفاظ على حدود الدولة السورية، وعلى أن تكون سوريا بكامل ترابها الوطني ملكا لشعبها الشقيق، قائلاً "وستظل مصر على العهد والوعد في العمل لصالح الشعوب العربية والإسلامية والإفريقية".
من جهته..قال السفير عمرو رمضان مندوب مصر الأسبق لدى الأمم المتحدة بجنيف سفير مصر السابق لدى البرتغال والنرويج، إن مصر قامت وتقوم بجهود حثيثة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزارة الخارجية وبقية أجهزة الدولة ذات الصلة نحو العودة إلى الاستقرار والهدوء النسبي فى الشرق الأوسط تلك المنطقة المضطربة دائماً والملتهبة حالياً، وذلك بالتعاون مع عدد من الشركاء الإقليميين والدوليين مثل الأردن والسعودية وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وروسيا وكذلك الولايات المتحدة.
وأضاف أن الجميع تابع جهود السياسة الخارجية المصرية خلال عام 2024 بشأن الوضع في غزة ولبنان، إلى جانب ليبيا والسودان وجنوبه، وبما لا يغفل مناطق أخرى في محيطنا الإقليمي الأوسع كاليمن والصومال.
وأوضح أن تلك الجهود شملت تحركات دبلوماسية وسياسية موسعة، والتواصل الحثيث مع أطراف المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية من أجل إنهاء هذه الصراعات والعودة إلى مسارات سياسية تضمن الأمن والهدوء والاستقرار لشعوب المنطقة والعمل على التركيز على الجانب الاقتصادي التنموي بما يخدم تطلعات شعوبها وما تصبو إليه هذه المنطقة التاريخية من العالم.
وشدد على أن العالم ينظر إلى مصر كأيقونة للسلام والعقل والوسطية في ظل عالم أصبح يشوبه الجنون أحياناً، ويجنح إلى مسارات لا عائد إيجابي منها لأي طرف، بينما تجلب الدمار والخراب على أصحابها سواء على المستوى القريب أو المستويين المتوسط وطويل الأجل.
ونوه السفير عمرو رمضان بأن مصر معروفة تاريخياً بأنها دولة ليست لها أطماع خارجية، وتسعى إلى العيش بسلام مع جيرانها، وحريصة على أطر للتعاون بين دول المنطقة تضمن الاستقرار والتنمية، مؤكداً "ولا شك أن هذه السياسة المصرية العاقلة والرشيدة ستتواصل خلال عام 2025".
من ناحيته، قال السفير أيمن مشرفة مساعد وزير الخارجية الأسبق سفير مصر السابق لدى الجزائر وتونس، إن القاهرة استمرت طوال 2024 في مواصلة جهودها من أجل إعادة الاستقرار والهدوء إلى محيطها العربي والإفريقي، بعد أن شهد هذا العام تصعيداً للأزمات الإقليمية والمواجهات في المنطقة.
وأضاف أن مصر - المحاطة بقوس من الاضطرابات بدءا من ليبيا غرباً، والصراع الدموي في السودان جنوباً والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة شرقاً وتداعياته على أمن البحر الأحمر - لم تتوقف يوماً عن مساعيها لمجابهة وتسوية تلك الأزمات التي تؤثر على أمننا القومي وعلى استقرار منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
وتابع أن الدبلوماسية المصرية قامت بجهود حثيثة لاحتواء تلك الأزمات الإقليمية وفي المقدمة منها الحرب على أهل غزة، عبر التحركات السياسية والدبلوماسية والاتصالات المكثفة والوساطة واستضافة مختلف الأطراف لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية لأهل القطاع الذي يعاني من إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ.
ولفت إلى حرص الرئيس السيسي خلال محادثاته الثنائية أو مشاركته في المحافل الدولية على حث المجتمع الدولي على الضغط على إسرائيل لوقف الحرب، وكان أخرها خلال استضافة مصر لقمة مجموعة الدول الثماني التي أصدرت "إعلان القاهرة" الداعي إلى التضامن ونصرة الشعب الفلسطيني، علاوة على التزام القيادة السياسية بتقديم العون للشعب اللبناني ووقف العدوان الإسرائيلي عليه والتنفيذ الكامل وغير الانتقائي لقرار مجلس الأمن رقم "1701".
وأبرز السفير مشرفة حرص الرئيس السيسي على حمل القضايا العربية والإفريقية في جولاته الخارجية، وآخرها هذا العام جولته الأوروبية في بلدان معروفة بمواقفها العادلة تجاه القضية الفلسطينية (الدنمارك وإيرلندا والنرويج).
وذكر أن مصر تدين وتشجب العدوان الإسرائيلي على سوريا واستغلال الأوضاع لتوسيع الاستيطان واحتلال مزيد من الأراضي؛ كما طالبت حكومة تل أبيب بالانسحاب الفوري من الأراضي التي احتلتها بعد سقوط النظام في سوريا، والعودة إلى خط الهدنة لعام 1974.
وشدد على أن الدبلوماسية المصرية لا تتوقف عن التنسيق الدائم مع كافة الشركاء الإقليميين والأشقاء في السعودية والأردن والعراق والإمارات، وكذلك تركيا وإيران، للتشاور وتبادل وجهات النظر وتضافر الجهود للحيلولة دون اتساع دائرة الصراع وزعزعة استقرار المنطقة.
وأكد أن مصر على مدار عام كامل بل على مدار تاريخها كله لم تكل ولا تمل من الاضطلاع بمسئوليتها تجاه شعوب القارة الإفريقية وأمتها العربية، تلك المسئولية التي وُكلت إليها بحكم التاريخ والجغرافيا وباعتبارها رمانة الميزان في المنطقة، مشيرا إلى أن مصر لن تتوقف يوماً عن هذا الدور وتلك الجهود حتى يعم السلام والرخاء والتنمية المنشودة في محيطنا العربي والإفريقي.