الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب :البشرى غير سارة .. يا دكتور مدبولى !
مؤخراً .. خرج علينا الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء وكأنه يزف علينا بشرى سارة نستقبل بها العام الجديد ، حيث أعلن أن الحكومة تستعد لطرح أسهم عشرة من الشركات الحكومية الناجحة والمحققة لعوائد إقتصادية وأرباح كبيرة أمام المستثمرين فى بورصة الأوراق المالية خلال عام ٢٠٢٥ الذى نستقبله بعد بضع أيام. وهذه البشرى فى حقيقة الأمر لن تسعد المواطنين كما يتوهم رئيس الوزراء خاصة خاصة وأنها ترسيخاً لفكرة تعمد الحكومة للإستمرار فى إتباع سياسة التفريط فى الصروح الصناعية الكبرى بدلا من العمل على الإحتفاظ بها ومن ثم الاستفادة من عائداتها الكبيرة ، فمثل هذه العمليات تعد صورة صارخة من صور الخصخصة حيث ترفع الحكومة يدها تماما عن هذه الشركات والتى سوف تقع فريسة سهلة وصيداً ثميناً فى أيدى مستثمرى البورصة ومنهم أجانب يمتلكون خبرات إحترافية فى إحتكار أسهم الشركات الإستراتيجية الكبرى ومن ثم التحكم فى مصيرها والسيطرة على توجهاتها.
وهذه الطروحات العشرة التى ستقوم الحكومة بالتخلص من أسهما والقضاء عليها هى حصة الحكومة فى بنكى الأسكندرية والقاهرة على غرار صفقة المصرف المتحد التى تمت مؤخراً وهو البنك الذى تم بيع نحو ٣٠ % من أسهمه من خلال الطرح فى البورصة بعد أن كان مملوكا بالكامل للبنك المركزى المصرى وحقق عائدا من وراء هذه الصفقة قدره حوالى ٤.٦ مليار جنيه بما يعادل نحو ٩٢ مليون دولار لا أكثر ولا أقل.
كما سيتم طرح حصص من أسهم الحكومة فى ٤ شركات إستراتيجية وهى محطة رياح جبل الزيت وشركة الأمل _ الشريف للبلاستيك وأثنتين من شركات الأدوية ذات الطابع الحيوى التى يصعب على أى دولة تمتلكهما أو تمتلك إحداهما أن تفرط فيها بهذه السهولة مهما كان العائد خاصة وأن كلتاهما تحقق أرباح سنوية كبيرة .. الأولى شركة مصر للعبوات الدوائية ، والثانية هى شركة سيد للأدوية.
وتضم قائمة الشركات التى سيتم وضعها تحت مقصلة مخطط الخصخصة الحكومى أربعة شركات تابعة للقوات المسلحة وهى شركات " وطنية ، صافى ، شل أوت ، سايلو " وهى الشركات المقرر أن تطرح أسهمها فى البورصة فى منتصف العام الجديد.
البعض يرى أن هذه الطروحات الحكومية تساهم في توسيع قاعدة الملكية، وتوفير تمويل إضافي للشركات المصرية، ما يساهم في جذب مزيد من التدفقات الاستثمارية إلى داخل البلاد ، ولكنها
بلا جدال تعد موجة جديدة من خصخصة القطاع العام، حتى وإن اختلفت طريقة البيع عن تجارب الخصخصة السابقة .. ومما يثير العديد من علامات الإستفهام هو أن عمليات الخصخصة التى تتعرض لها عدة شركات إستراتيجية تتم بالأمر المباشر من الحكومة علما بأنه لابد من الحصول أولا على موافقة الشعب بإعتباره هو صاحب هذه الأصول التى سيتم طرحها فى بورصة الأوراق المالية فضلا عن أهمية أن
تتم الخصخصة في مناخ كامل من الشفافية، يضمن ألا يتسلل لها أى عنصر من عناصر الفساد.
ومن المؤسف أن تتجه الحكومة إلى بيع شركات رابحة، لا تعاني من سوء الإدارة، أو العوّز المالى فلا يوجد أي مبرر لبيع هذه الشركات، خاصة وأنها تباع لسداد ديون الحكومة ، وليس لعلميات التطوير الخاصة بها وأيضا تنفيذاً لأوامر صندوق النقد الدولى.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى