لوموند: باريس تسعى للتقارب العسكري مع وارسو
ركزت صحيفة "لوموند" الفرنسية على الزيارة المرتقبة لسيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسي إلى وارسو اليوم الاثنين .. قائلة :إنها تتضمن دعما أساسيا لأوكرانيا على القائمة ، وتعكس أيضا رغبة عالمية أكبر في التقارب مع دولة حليفة في عملية تصبح ضرورية في أوروبا في المجال العسكري".
وقالت أميلي زيما المتخصصة في شؤون بولندا وحلف شمال الأطلنطي لدي المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية :"إن أولوية بولندا ليست إرسال قوات بل ضمان استمرار إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا أو حتى تطورها في أوروبا مع إنتاج دفاعي صناعي يتبع الوتيرة بمرور الوقت"..مضيفة:"أن هدف وارسو هو عدم دفع كييف إلى تقديم تنازلات إقليمية لروسيا وإلا فإن سياسة الأمر الواقع ستنتصر من وجهة نظرها".
وأشارت الصحيفة إلى أن وارسو لديها نقاط شائكة رئيسية بشأن مسألة إرسال قوات..مشيرة إلى أن البولنديين يفضلون الانتشار بعيدا عن حدودهم في منطقة دونباس وليس في غرب أوكرانيا ، كونها منطقة لاتزال فيها القضايا التذكارية عالقة بين البولنديين والأوكرانيين بسبب المذابح التي وقعت خلال الحرب العالمية الثانية في فولينيا (وهي منطقة في أوكرانيا تقع بين بولندا وبيلاروسيا).
ولفتت "لوموند" إلى أن الجيش البولندي ليس لديه سوى خبرة قليلة خارج أراضيه لذلك فهو يفضل الاحتفاظ بقواته لمهام أخرى ، ووفقا لقواعد الأمم المتحدة ، فإن قوة التدخل لا تضم عموما جنودا من دولة متاخمة للنزاع..لافتة إلى أن وارسو تشعر براحة أكبر مع فكرة تعزيز دورها كقاعدة خلفية كما كانت تفعل بالفعل منذ بداية الحرب سواء كان ذلك لتسليم الإمدادات العسكرية إلى كييف أو تدريب القوات الأوكرانية - علما بأن بولندا هي البلد المضيف لبعثة المساعدة العسكرية التابعة للاتحاد الأوروبي - وتستثمر البلاد أيضا بكثافة في البنية التحتية للسكك الحديدية والطرق وتعتبر قضايا التنقل العسكري أمرا أساسيا وضروريا لتقديم جميع أشكال الدعم اللوجستي على وجه السرعة.
وقالت الصحيفة الفرنسية : إن زيارة ليكورنو تستهدف تعزيز العلاقات في مجال التعاون الصناعي العسكري وتصنيع الذخائر لأوكرانيا حيث تمتلك فرنسا على أراضيها واحدا من المواقع النادرة لتصنيع البارود المتفجر في أوروبا..لافتة في الوقت ذاته إلى أن بولندا شرعت منذ عام 2022 في اتباع سياسة واسعة النطاق لإعادة التسلح والتي تتضمن على وجه الخصوص مشروع شراء ما يصل إلى ألف دبابة من طراز "بلاك بانثر" (الفهد الأسود) من كوريا الجنوبية.
ووفقا للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية المقبلة بشأن الجيش البولندي ، فقد تم تسليم 180 مركبة ومن المقرر أن يصل ما يقرب من مائة منها في عام 2025 ، وينطبق الشيء ذاته على مدافع الهاوتزر مع طلب من الصناعة الكورية الجنوبية يقترب من 700 قطعة و290 قطعة من قاذفات الصواريخ وما يقرب من 500 وحدة حريق من طراز هيمارس من الولايات المتحدة.
وبحسب تقديرات ليو بيريا بيجيني الباحث المتخصص في قضايا التسليح لدي المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والذي شارك في إعداد المذكرة مع الباحثة أميلي زيما فإن البولنديين سيكون لديهم أقوى جيش بري في أوروبا حتى لو حققوا نصف ما أعلنوه فقط.
كما أقنعت باريس وارسو في الأشهر الأخيرة بالانضمام إلى مبادرة "إلسا" التي تهدف إلى التطوير المشترك مع لندن وروما وبرلين لصاروخ أرض-أرض بعيد المدى..وفي هذا الشأن قال بيريا بيجيني:"يبدو أن وارسو مهتمة أيضا بالحصول على صواريخ جو-جو من طراز ميتور".
وأضاف : "إن البولنديين يبدون اهتماما خاصا بتجربة الجيش الفرنسي".. مذكرا بأن وارسو تسعي إلى مضاعفة حجم جيشها، لكنها تحتاج إلى تدريب عدد كبير من الكوادر لبلوغ هذا الهدف وهو هدف التجنيد الذي تكافح من أجل تحقيقه اليوم والذي يضعف مصداقية عرضها من حيث إعادة التسلح..لافتا إلى أن الخط الدبلوماسي التصالحي الذي قاده ماكرون حتى بداية الحرب في أوكرانيا تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يظل بمثابة عبء ثقيل بالنسبة لبولندا.
ومن جهتها..قالت إيملي زيما :"إن البولنديين يبحثون عن الطمأنينة والضمانات سواء في مجال الردع مع إيضاحات حول كيفية نظر فرنسا إلى نطاق مظلتها النووية أو من خلال الطلب الى فرنسا بالتنديد رسميا بالقانون التأسيسي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا لعام 1997 ، والذي يحد ، على الورق ، من عدد الوحدات العسكرية التي يمكن نشرها في الجناح الشرقي".
وللتغلب على كل هذه التوترات، تعمل باريس ووارسو على إعادة التفاوض بشأن اتفاقية التعاون التي ينبغي أن تأخذ شكل معاهدة موقعة في الربيع في مدينة نانسي الفرنسية ، ومن الممكن أن تجد باريس ووارسو في هذا السياق مادة للمناقشة بشأن قضية أخرى عرضتها الرئاسة البولندية على بروكسل والتى تتعلق باستثناء الإنفاق الدفاعي من القاعدة الشهيرة التي تحدد أي عجز عام سنوي بما لا يتجاوز 3% من الناتج المحلي الإجمالي.