”عيد الشرطة”.. عفو رئاسى يُعيد الأمل خلف الأسوار
في كل عام، تأتي مناسبة 25 يناير لتُضيء شوارع مصر بالأمل والاعتزاز، ولكن هذا العام، جاء الاحتفال ليحمل بين طياته لمسة إنسانية استثنائية، إذ أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا بالعفو عن 4466 من نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل، ليُضيء الطريق أمامهم نحو حياة جديدة.
هذا العفو الرئاسي، الذي شمل المحكوم عليهم في جرائم مختلفة من رجال ونساء، هو ليس مجرد قرار قانوني، بل هو امتداد للسياسة الإنسانية التي تنتهجها الدولة، مراعاة لظروف هؤلاء الأفراد الإنسانية، وتأكيدًا على قيم التسامح والرحمة التي تزين سماء هذا اليوم الوطني، ففي عيد الشرطة، حيث ترفرف رايات الأمن والاستقرار، تختلط الأيدي التي كانت وراء الأسوار بالآمال الجديدة في الحياة.
قرار العفو لم يكن مجرد رفع عقوبة، بل كان بمثابة رسالة تُظهر أن مصر لا تنسى أبنائها، وأن لكل إنسان فرصة ثانية. هو لمسة من الرحمة، ونافذة أمل تفتح لتلك الأرواح التي عاشرت الأسوار يومًا، ليبدأ فصل جديد في حياتهم مليء بالإمكانات والتحديات التي قد تكون أقوى من أي عقوبة.
وفي هذه اللحظة، لا تقتصر فرحة عيد الشرطة على رجال الأمن الذين بذلوا ويواصلون بذل الجهد، بل يتسع هذا الفرح ليشمل آلاف الأرواح التي ستخطو نحو غدٍ أفضل، في خطوة تظل شاهدة على أن السياسة العقابية في مصر لا تقتصر على الردع فقط، بل تشمل أيضًا العفو والتكريم لمن يستحقون فرصة جديدة للانطلاق.
يحتفل المصريون بذكرى "معركة الإسماعيلية"، حيث سطر رجال الشرطة في عام 1952 أروع صفحات الفداء والتضحية، إذ تصدوا ببسالة للعدوان البريطاني، مؤكدين أن رجال الشرطة في مصر ليسوا مجرد حراس للأمن، بل هم أسودٌ تحمي وطنًا وتذود عن كل شبر من أرضه، ومع مرور السنين، أصبح يوم الخامس والعشرين من يناير بمثابة يوم تجديد العهد مع التضحية، يوم يرتفع فيه العلم ويهتف الشعب باسم الأبطال الذين قدموا حياتهم في سبيل الأمان.
ومع مرور كل عام، تتجدد الاحتفالات لتشمل فعاليات متنوعة تعكس أوجه التضحية والفداء. تملأ الشوارع في هذا اليوم أجواء من البهجة والفخر، حيث تُنظم المهرجانات والعروض في الميادين العامة، وتحتفل وزارة الداخلية مع المواطنين من خلال توزيع الهدايا، وتنظيم المسيرات المائية في نيل مصر العظيم، وهي عروض تتناغم فيها أمواج النيل مع تضحيات رجال الشرطة.
ولا تقتصر الاحتفالات على مظاهر الفخر وحسب، بل تمتد إلى تقديم العون للمجتمع من خلال المبادرات الإنسانية، مثل العفو عن عدد من النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل، أو تقديم العلاج المجاني للمواطنين في مستشفيات الشرطة، لتؤكد الوزارة أن الشرطة لا تقتصر مهمتها على حفظ الأمن فحسب، بل هي أيضًا درع حماية اجتماعي يمد يد العون لكل مواطن.
في عيد الشرطة، يلتقي الفخر بالإنسانية، وتلتقي الروح الوطنية بلمسة من الوفاء. وتظل الشرطة المصرية، بكل رجالها ونسائها، رمزًا للتضحية والعطاء، وواحة من الأمان في وجه تقلبات الزمن.