بهاء نبيل يكتب: ”جهنمية” أمل المرأة السودانية يتجاوز أسوار السجن
بجرأة وحس فني، يقتحم فيلم جهنمية للمخرج ياسر فائز والذي يشهد عرضه العالمي الأول بمهرجان مينا السينمائي بكندا، الذى أقيم في الفترة من 25 إلي 30 يناير، أحلك لحظات الثورة السودانية وأكثرها تأثيرًا على مستقبل البلاد، حيث دارت أحداثه في الأيام الأخيرة قبل سقوط عمر البشير، حين تُعتقل شامة وهي في طريقها لمظاهرة، لتجد نفسها في زنزانة ضيقة ومعتمة، مع أربع نساء أخريات، يقبعن منذ شهور، وتعاني معهن قسوة ظروف الاعتقال وصلف السجانات، ثم تنضم إلى الزنزانة فتاة مصدومة وذاهلة ولا تتكلم، لتضيق الزنزانة أكثر ويثقل الوقت أكثر، على النساء الست، ويُحرمن من ضوء الشمس والهواء النقي، ويعم اليأس كل ركن من أركان الزنزانة.
يستمد فيلم جهنمية اسمه من زهرة قوية نابضة بالحياة تزدهر حتى في البيئات القاسية، وترمز إلى الروح التى لا تقهر للمرأة السودانية، في جوهره الفيلم عبارة عن انعكاس مؤثر لدورها في الثورة السودانية عام 2018، فلم تكن النساء مجرد مشاركات بل كن قائدات للانتفاضة، وجسدن صرخة الحشد من أجل الحرية والسلام والعدالة.
واستطاع المخرج ياسر فائز من خلال العمل أن يبرز الدور الهام للمرأة السودانية سواء في نضالها السياسي أو إظهار الجوانب العاطفية والجوانب الشاقة، وهو ما يكشف أن المخرج حاول أن يلتقى ببعض السجينات لكى يستطيع تقديم الواقع للمشاهد بمنتهى السهولة.
عكس الفيلم الحياة داخل السجن وكيف كانت السجينات يواجهون معاناتهم بشكل مشترك، فكانوا يتشاركون الحياة خلف الجدران التي تقيد حريتهم، وهذا ما رأيناه على سبيل المثال في مشهد الاحتفال بعرس إحداهن من خلال الحنة والرقص والغناء، وفي أحلك الأوقات تتحرر دواخلهن من مخاوفها وأحزانها وأحلامهن.
ونجح المخرج في إبراز قوة المرأة السودانية في مواجهة قهر الاعتقال مع مرور الوقت، فهو ما لمس المشاهد واستطاع أن يتعلم الأمل رغم قوة الألم، ويعتبر درساً لتمكين قدرة الإنسان في مقاومة الظلم وتحويل المحنة إلى مصدر قوة