رغم سعيه المعلن للسلام.. ترامب يفتح بابًا جديدًا للتوتر مع أوروبا

تحول جذري تشهده العلاقات الأمريكية - الأوروبية، خصوصًا بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهام البيت الأبيض، إذ إنَّ التوتر بين الجانبين، يُعد من القضايا الدولية البارزة التي تؤثر على العلاقات الاقتصادية، بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على بعض المنتجات الأوروبية، وفق القاهرة الإخبارية
ويُحذر الخبراء، خلال حديثهم لـ"القاهرة الإخبارية"، من أن يقود هذا التحول الذي يعتبر الأكثر عمقًا إلى تغييرات استراتيجية كبيرة، وضعف العلاقات بين أوروبا وأمريكا، خصوصًا في ظل سياسة ترامب الجديدة التي تخلق تحديات اقتصادية بين الطرفين.
قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور طارق فهمي، إنَّ ترامب يرغب في تغيير مسار العلاقات الأمريكية – الأوروبية، ووضع قاعدة جديدة قائمة على المكسب والخسارة، وبالتالي على الأوروبيين أن يستعدوا لدفع ثمن الدفاع عنهم.
وفي حديثه لـ"القاهرة الإخبارية"، أكد "فهمي" أنه لايزال من غير الواضح سياسة ترامب تجاه الأوروبيين، فهم يعيشون في حالة من التشكك وعدم الارتياح والقلق بسبب تصريحاته الأخيرة، لكن في نفس الوقت يقود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المقاربة في وجهات النظر بين أوروبا وإدارة ترامب الجديدة.
واستبعد "فهمي" أنَّ يكون هناك مسار للسلام في أوكرانيا خصوصًا بعد التصريحات التي أطلقها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأن تكون كييف أحد الأطراف الرئيسية على مائدة المفاوضات، انحيازه إلى أن يكون الأوكرانيون هم من يقررون مصيرهم، الأمر الذي يعد بمثابة رسالة أولية لـ "ترامب".
بدوره، وصف المحلل الاستراتيجي بالحزب الجمهوري، إريك براون، الرئيس الأمريكي بأنه "شخص واقعي"، وأكد أنه يفهم التاريخ بصورة كبيرة، ويسعى لتأسيس علاقات مبنية على المساواة مع أوروبا.
وقال "براون" لـ"القاهرة الإخبارية"، إنًّ الأمريكيين يرغبون في إعادة النظر في الأولويات المتعلقة بالقيم المشتركة بين واشنطن ودول العالم.
وبشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا، أشار إلى أنَّ الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة الديمقراطي جو بايدن، أهملت التواصل مع الجانب الروسي؛ بسبب خوفهم المستمر من عدم التوصل لنتائج، مؤكدًا أن واشنطن تحت قيادة ترامب تسعى إلى إحلال السلام في أوكرانيا والعالم.
وفي غضون ذلك، ومن على متن طائرته المتوجهة إلى العاصمة الأمريكية قبل اجتماعه مع دونالد ترامب، اليوم الاثنين، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنه "ملتزم" بضمان خروج أمن الأوروبيين أقوى من المفاوضات المقبلة.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي عبد الغني العيادي، أنَّ القضايا الجيوسياسية الكبرى مثل الحرب الروسية – الأوكرانية، تلعب دورًا محوريًا في إعادة تعريف ملامح العالم، وخصوصًا في طبيعة التعاطي الأمريكي مع القضايا الدولية.
وأشار إلى أنَّ التيار الوطني الشعبوي الذي يتبناه الرئيس الأمريكي، أثَّر بشكل واضح على طريقة تفاعل واشنطن مع الأزمة العالمية.
وذكر أنَّ النقاش حول استقلالية الاتحاد الأوروبي عن الولايات المتحدة الأمريكية ليس جديدًا، بل يعود إلى عقود مضت، إذ ظل الأوروبيون يتساءلون عن الاستراتيجيات الممكنة لتعزيز هويتهم السياسية والعسكرية، مؤكدًا أن زيارة ماكرون لواشنطن تأتي دليلًا على استمرارية العلاقات الأمريكية – الأوروبية، لكنها تعكس محاولات أوروبا لإيجاد توازن جديد في علاقتها بواشنطن.
وأكد أنَّ الاتحاد الأوروبي لا يبحث عن حلول قد تعرض أمنه وسلامته للخطر، خصوصًا في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم الآن، معتقدًا أنه من غير المنطقي، من وجهة النظر الأوروبية، أن تتم معالجة الأزمة الأوكرانية دون إشراك الدول التي تتحمل العبء الأكبر في تمويلها ومساندتها.
وخَلُصَ إلى أن الحرب الروسية –الأوكرانية، تظل القضية التي ستشكل مستقبل العلاقات بين واشنطن وبروكسل؛ نظرًا لتداعياتها المباشرة على الأمن الأوروبي والعالمي.