تغير المناخ يعيد رسم خارطة القهوة.. والأسعار تزيد بأعلى مستوى منذ 50 عاما

شهدت أسعار القهوة ارتفاعا بنسبة 40%، حيث تجاوز سعر العقود الآجلة لحبوب أرابيكا 4 دولارات للرطل، وهو مستوى لم نشهده منذ أكثر من 50 عاما، وتؤثر هذه الزيادة بشكل مباشر على الصناعة العالمية، من المنتجين إلى المستهلكين، وتثير تساؤلات حول مستقبل السوق.
في ظل أزمة عالمية تواجه صناعة القهوة بسبب الجفاف والتغيرات المناخية ، بدأت تنشط زراعة حبوب أخرى للقهوة تعرف باسم إكسيلسا، وتتميز بقدرتها على تحمل الظروف المناخية القاسية، ما يجعلها بديلاً واعدًا وسط التحديات التي تواجه الدول المنتجة للقهوة مثل البرازيل، التي يُتوقع أن ينخفض محصولها بنسبة 12% هذا العام بسبب الجفاف.
وأشارت صحيفة انفوباى الأرجنتينية إلى أنه تم اكتشاف حبوب قهوة إكسيلسا قبل أكثر من قرن في جنوب السودان، وأثارت اهتمام المزارعين في البلاد ما قد يسهم في تعزيز اقتصاد البلاد.
كما تنمو إكسيلسا في دول إفريقية أخرى مثل الكونغو وأوغندا، بالإضافة إلى الهند وإندونيسيا وفيتنام، وتتميز شجرتها بجذور عميقة وأوراق سميكة، مما يمنحها قدرة على تحمل الحرارة والجفاف، كما أنها مقاومة للعديد من الأمراض التي تصيب القهوة
وقال آرون ديفيس، رئيس قسم أبحاث القهوة في الحدائق النباتية الملكية بـ"كيو" في لندن، إن قهوة إكسيلسا قد تلعب دورًا أساسيًا في تأقلم القطاع مع التغيرات المناخية.
ورغم إمكانياتها، لا تشكل إكسيلسا حاليا سوى أقل من 1% من السوق العالمية، حيث يسيطر نوعا أرابيكا و روبستا على الاستهلاك العالمي، ويؤكد الخبراء ضرورة توسيع زراعة إكسيلسا لسد الفجوة الناجمة عن آثار التغير المناخي على إنتاج القهوة.
وتعمل شركة "إيكواتوريا تيك"، المتخصصة في الزراعة المستدامة، على دعم المزارعين في جنوب السودان عبر توزيع الشتلات وتقديم التدريب، وقد بدأت بعض الأشجار تؤتي ثمارها لأول مرة هذا العام.
ويقول إيان باترسون، المدير العام للشركة، إنهم يخططون لتصدير أول دفعة من قهوة إكسيلسا إلى أوروبا هذا العام، وسط اهتمام شركات عالمية وتوقع أن يدر هذا القطاع نحو مليوني دولار بحلول عام 2027، لكنه يشير إلى ضرورة مضاعفة الإنتاج لجذب المستثمرين.
وتشير الوكالة الأمريكية إلى أن قطاع القهوة في جنوب السودان يواجه تحديات لوجستية وأمنية، إذ يتطلب نقل 30 طنًا من القهوة رحلة مكلفة تمتد 3000 كيلومتر إلى ميناء كينيا، كما لا تزال التوترات الأمنية تؤثر على الاستقرار، مما يعوق توسع الزراعة.
ورغم هذه العقبات، يرى المزارعون فرصة واعدة في حبوب القهوة للخروج من الفقر وتحقيق الاستقلال المالي ، ويؤكد الخبراء أن نجاح صناعة القهوة في جنوب السودان يعتمد على الاستقرار السياسي والأمني.
ويقول المزارع إليا بوكس - الذي فقد نصف محصوله بسبب الحرائق - إن "القهوة تحتاج إلى السلام"، مشيرًا إلى أن الاستثمار في هذا القطاع يتطلب بيئة آمنة ومستدامة.
وارتفعت أسعار عقود حبوب القهوة إلى مستوى قياسي جديد بعد تهديدات الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية على كولومبيا، ما زاد من حالة عدم اليقين التجارية في سوق يعاني من نقص في الإمدادات العالمية.
وتعتبر كولومبيا ثالث أكبر منتج للقهوة في العالم، وهي أيضا ثاني أكبر منتج لحبوب الآرابيكا التي تفضل في تحضير القهوة المتخصصة.
ويأتي هذا الارتفاع في وقت يشهد فيه سوق القهوة نقصا كبيرا في الإمدادات بسبب ضعف المحاصيل في الدول المنتجة الرئيسية بسبب الجفاف.