إبراهيم نصر.. أيقونة برامج المقالب الكوميدية التي لا تُنسى

أيقونة برامج المقالب الكوميدية «اللقطات اللي شايفنها كلها طبيعية» شعار اختار الراحل إبراهيم نصر أن يرفعه طوال فترة عمله في برامج المقالب الكوميدية المتنوعة، التي أصبحت حالة استثنائية ارتبط بها المشاهد المصري على مدار سنوات طويلة خلال شهر رمضان، ولا يزال الجمهور المصري محتفظًا بها في ذاكرته.
ببصمته وأفكاره المتجددة، نجح إبراهيم نصر في صناعة حالة كوميدية استثنائية في تاريخ برامج المقالب الكوميدية المصرية، التي وضع أساسها منذ عقود زمنية طويلة من خلال خلق مواقف طبيعية، ممزوجة بردود أفعال تلقائية من ضحايا برامجه، مما كان يمنحها كثيرًا من الصدق مع الاحترام الكامل للشخصية المصرية.
لم يكن إبراهيم نصر يقدم برنامجًا كوميديًا فقط، بل كان كاشفًا عن طبيعة الشخصية المصرية البسيطة والمتسامحة، فرغم المقالب الساخنة التي كان يفعلها الراحل مع ضيوفه، لم تكن هناك أية ألفاظ تسيء لهم أو محاولة إهانتهم والتنمر عليهم، فيمكن للمشاهد الاستمتاع بحلقة كوميدية دون أن يتم تجريحه أو إيذاؤه على أي مستوى.
ملكة ربانية
تمتع الكوميديان الراحل إبراهيم نصر بتركيبة خاصة، لم يتعمد فيها تقديم الكوميديا بناءً على ملامحه، ولكن باستخدام ذكائه في صناعة مواقف بسيطة يختبر فيها صبر ضيوفه ومدى قدرتهم على تحمل مقالبه معهم. ورغم نجاح عدة مواسم من برنامجه الكوميدي الشهير “الكاميرا الخفية” على مدار 8 سنوات، وعندما شعر أنه أصبح مكشوفًا للجمهور، خرج عليهم بفكرة أخرى أكثر ثراءً، وهي شخصية “ذكية زكريا” المرأة القبيحة التي قلبت الموازين بحجمها ومكياجها “الأوفر” المزعج، مع نماذج أخرى من المقالب المتجددة.
انسى الدنيا
بدأ الراحل فكرته ببرنامج “انسى الدنيا”، والذي كان يحمل بعض المواقف الكوميدية التي اختار لها الراحل أن يقدمها في شكل درامي، وليس مجرد فكرة مقلب عادي. كانت البداية عندما نزل إلى الشارع في شكل غير مهندم وطلب مساعدة أحد المارة، مدعيًا أنه يعاني من “عضة كلب”، وأنه خرج من المستشفى التي أكدت له أنه سيبقى مدى حياته يقوم “بالهوهوة” تجاه الآخرين وعضّهم، الأمر الذي كان يجعل بعضًا من المارة يفرون منه هروبًا من تحوله.
حلقة الموت
في إحدى حلقات برنامج “ذكية زكريا”، كاد الراحل إبراهيم نصر أن يتعرض للموت، حيث كان يصور مع جزار ويقوم بشخصيتين معًا: “ذكية زكريا وزوجها”، حيث يدخل الزوج لمحل الجزارة ويقوم بشراء منتجات من اللحوم، ثم يخرج لتدخل زوجته التي تخبر الجزار أن زوجها لم يدفع ثمن هذه المنتجات، ليقوم الجزار بزقه ودفعه تجاه ثلاجة اللحوم ويغلق عليه الباب. حينها، فرّ فريق عمل البرنامج من التصوير وتركوا الراحل وحيدًا وسط الذبائح داخل الثلاجة.
في هذه اللحظة، قام الراحل بالنداء على الجزار في محاولة لمراوغته، وبالفعل أخرجه من الثلاجة اعتقادًا منه أنه سيمنحه الذهب الذي كان يرتديه في يديه باعتباره “شخصية ذكية زكريا”، ليكتشف الجزار أنها ذهب “فالصو”، فيخرج ساطوره ويكاد أن يشقها نصفين. هنا قرر الراحل الإفصاح عن شخصيته وخلع الباروكة، وأبلغ الجزار أنه يفعل مقلبًا، فطلب منه الأخير أن يحضر فريق عمله وأقام لهم مائدة طعام ضخمة.
كوميديا لا تُعوَّض
احتفظ الجمهور بكوميديا ومقالب الراحل إبراهيم نصر، وظلت موسيقى تتر برامج مقالبه الشهيرة في أذن جمهوره، الذي كان يضحك معه من قلبه، ولم يرفض أحد منهم عرض حلقته في برنامجه إلا قلة قليلة، وذلك نظرًا لاحترام الراحل للمشاهد، حيث كان يستأذنه قبل إذاعة حلقته، مما كان يزيد من تقدير الجمهور الضحية له.
من تلك الحالة التي تتمتع بالحب والإخلاص في العمل، ومحاولة رسم الابتسامة على وجوه ملايين المصريين الذين كانوا ينتظرون برنامجه ما بين الثامنة والتاسعة مساءً عقب الإفطار في رمضان من كل عام، يحتفظ إبراهيم نصر بلقب “أيقونة برامج المقالب الكوميدية”، التي بقيت لعقود زمنية طويلة تحترم المشاهد المصري، ولم ينجح أحد بعده في تقديم مثل هذه الحالة الإبداعية الممتعة.