جيروزاليم بوست: تجدد الحرب على غزة يضاعف أزمة الثقة فى اقتصاد إسرائيل

أكد تحليل اقتصادى، على تحديات حرجة تواجه الاقتصاد الإسرائيلى، فى ظل استئناف الحرب ضد غزة، لافتا إلى أزمة ثقة فى الاقتصاد وعدم قدرته على الصمود فى وجه أزمات تشتت القوة العاملة وتبدد طاقتها بسبب الحرب، بخلاف الصعود الصاروخى للديون وهروب الشركات العالمية متعددة الجنسيات جراء المخاوف بشأن الديمقراطية فى البلاد وتداعيات الحرب
ويشير التحليل الذي نشرته صحيفة " جيروزاليم بوست" العبرية ، إلى أن إسرائيل تمضي قدماً للدخول على وجه السرعة في عاصفة اقتصادية أخرى، مستخدمة في ذلك سفينة تضررت أيما ضرر من العاصفة التي سبقتها، وتنجرف صوب الماء بسرعة.
كما يؤكد أن من التحديات الأكبر التي يتعرض لها الاقتصاد الإسرائيلى، التنبيه الذي أطلقه قادة مؤسسات التكنولوجيا الفائقة بأن المستثمرين يفقدون الثقة في اقتصاد البلاد إذا ما طرأت تغيرات مهمة على نظام الحكم،مشيرين الى الخلاف حول النظام القضائي وتجدد الحرب على غزة .
وتابعت الصحيفة، تجدد الحرب على غزة واستمرار التغيرات السياسية، يلقي بضغوط كبيرة على نظام متخم بالضغوط أصلاً، وإذا بلغ الضرر حداً كبيراً، فإن الاقتصاد الإسرائيلي لن يكون قادراً على التعافي والعودة بسرعة أو بسهولة.
وأكد التحليل تعرض الاقتصاد الإسرائيلي للعديد من العواصف في السنوات الأخيرة الماضية، وفي مقدمها جائحة فيروس كورونا والإغلاق التام للاقتصاد، وما ترتب عليها غياب السياح عن البلاد، وتركت المتاجر والمؤسسات التعليمية خاوية على عروضها، إضافة إلى الارتباك الذي أصاب العديد من الصناعات لصياغة كيفية الاستمرار في الإنتاج بشكل آمن.
وتوالت التهديدات من بينها خفض التقييم الائتماني لإسرائيل، وتسارع نزيف العقول الإسرائيلي نظراً لهجرة الأطباء والمتخصصين التكنولوجيين، ومغادرة العديد من الشركات المتعددة الجنسيات، وجميعها تزاحم بسبب هيمنة المخاوف حول وضع إسرائيل كدولة ديمقراطية.
ويشير التحليل إلى النقطة الفارقة في العواصف العاتية التي تعرض لها الاقتصاد الإسرائيلي، مبرزة الأثر المزلزل للحرب على غزة، حيث أغلقت المصانع والمناطق الصناعية، وأرسلت نسبة كبيرة من تعداد إسرائيل إلى التجنيد كقوات احتياط، وتركت عشرات الآلاف يعيشون كنازحين وبحاجة إلى أصناف عديدة من الدعم والمساعدة.
وتقول الصحيفة إن تلك كانت بعض التحديات الاقتصادية التي واجهت الاقتصاد بسبب الحرب، ما ترك الحكومة مرغمة على إعادة إعداد مشروع موازنة عام 2024 مرات عديدة، ورفعت سقف الدين، وشهد الاقتصاد خفضاً للتقييم الائتماني من جميع وكالات التقييم العالمية الكبرى.
وتابعت "بعد وقف إطلاق النار ومرور أشهر عدة من الهدوء في الشمال وغزة، عادت إسرائيل مجدداً إلى القتال في غزة حيث بدأت بقصف جوي وأعقبه توسيع للعمليات البرية في القطاع".
كما جاءت تحركات الحكومة بإقالة رونين بار رئيس جهاز "الشاباك" (جهاز الأمن العام الإسرائيلي) والمستشارة القضائية للحكومة جالي باهَراف- ميارا، والتي نظر إليها باعتبارها تحديا للإصلاحات القضائية ما أثار موجة من الاحتجاجات الكبيرة، حيث تجمهر الآلاف في القدس يومياً على مدار أسبوع تقريبا.
وبين استئناف الحرب في غزة من جانب وتحديات الإصلاحات القضائية على الجانب الآخر.. ترى الصحيفة أن أياً من هذين العاملين يعد تحدياً كبيراً للاقتصاد في حد ذاته، لكن اجتماعهما معاً يمثلان عاصفة حقيقية تعصف بالاقتصاد الإسرائيلي، مؤكدة أن الوضع أكثر خطورة حالياً عندما نعتبر أن اقتصاد البلاد سيدخل العاصفة وهو في حالة ضعف حقيقية.
فالتقييم الائتماني لإسرائيل متدن؛ وقوتها العاملة مشتتة وطاقتها مستنفدة ومبددة منذ أكثر من عام ونصف العام في خدمة جيش الاحتياط؛ العديد من الشركات الصغيرة أُغلق؛ وعانى الآلاف من فقدان وظائفهم بصورة مؤقتة أو ممتدة؛ وعشرات الآلاف بحاجة إلى دعم مكثف من الحكومة. والأبعد من ذلك، فإن مستوى المعيشة تصاعد وقفز بصورة حادة، ولاسيما بعد أن تبنت الحكومة تدابير ضريبية لمواجهة تداعيات الحرب.
وتقول " جيروزاليم بوست" إن المنظمات على أرض الواقع أكدت أن المزيد والمزيد من الطبقات المتوسطة تعاني من أجل استكمال نفقات الشهر، وتوقعت أن تلك الأعداد في ازدياد مستمر.
كما أن زيادة سقف الدين، وخفض التقييم الائتماني للدولة تسببا في زيادة الفوائد المدفوعة على الديون وخدمتها.
وفي ضوء مستوى الديون الراهن، الذي ستسدده الدولة محملاً بالفوائد المحتسبة عليها، والتي ستتضخم بالتبعية، فإنه من المتوقع أن تصبح تكلفة سداد الديون وفوائدها فلكية، بالإضافة إلى ذلك، فإن نظرة العالم تجاه إسرائيل وثقته فيها دُمرت بسبب الحرب، الأمر الذي سيؤثر على التعاون والاستثمار في البلاد مستقبلاً.
عرضت الحكومة مشروع الموازنة (التي ينتظر إقرارها في الكنيست اليوم)، وأوضحت " جيروزاليم بوست" أن تلك الموازنة تعرضت لانتقادات واسعة النطاق لفشلها نظراً لأنها غَلَّبت المصالح السياسية والقطاعية على حساب المصالح الوطنية.
ولم يتجاوز نمو الاقتصاد الإسرائيلي 0.9 % في العام الماضي 2024، وتوقعت الدوائر أن يتعافى في 2025، لكن ذلك النوع من النمو يمكن أن يتم سحقه تماماً بعودة الحرب على غزة والإصلاح القضائي.
ولا يمكن للاقتصاد الإسرائيلي أن يتمتع بالمرونة إلى ما لا نهاية؛ كما أن القوى العاملة لا يمكنها أن تستمر في إنتاجيتها وهي تشكل، في الوقت نفسه، غالبية قوات الجيش الإسرائيلي الموجودة في الخدمة حالياً.
وفي يناير الماضي، أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية أن إسرائيل تكبدت ما يصل إلى 125 مليار شيكل (34.09 مليار دولار) منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر 2023.