الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : فى العيد نقلب صفحات التاريخ إنطلاقا من حب

إنطلاقا من الإحساس بالمسئوليه الوطنيه خرج جموع المصريين بالأمس عقب صلاة العيد للتأكيد على الموقف الوطنى برفض تهجير إخواننا بغزه ، خرج المصريون عن قناعه وإخلاص للتعبير عن موقفهم الوطنى وهؤلاء هم غالبية الشعب المصرى ، حتى وإن تسابق لمزاحمتهم كل المشتاقين لعضوية البرلمان ، والبعض من أعضاء الأحزاب الذين تجمعوا أمام الصورة واللقطه ثم إنصرفوا تاركين المشهد للمصريين المخلصين الذين لايزايدون على المواقف ، ولايبتغون من ورائها أى مكسب سياسى ، أو نيابى ، إنطلاقا من ذلك يطيب لى ونحن نتعايش مع أجواء عيد الفطر المبارك أن أنطلق فيما أطرح من حب ، وأمنيه أن يكون وطننا الغالى أعظم الأوطان ، أنطلق فى الكتابه كشاهد عيان على حقبه تاريخيه فى عمر الزمن بعد مرور أربعين عاما فى بلاط صاحبة الجلاله الصحافه جعلتنى وأبناء جيلى شهودا على العصر ، ونائبا بالبرلمان عن المعارضه الوطنيه الشريفه والنظيفه ، مقتربا من عمق الواقع ، ومعرفة المسكوت عنه ، أدركت خلالها أن "الإداره الحكيمه " الإنطلاق فى الأداء من الكفاءات وأصحاب التجارب والخبرات الذين حباهم الله موهبه فى تناول الموضوعات ، وطرح القضايا ، والوصول إلى حلول ناجزه للمشكلات ، والإعتماد عليهم فى كافة المجالات الإداريه وحتى السياسيه والبرلمانيه أحد أهم ثوابت الدوله القويه ، وتلك الغايه النبيله مرتبطا
وجودها بمن لديهم قناعه بتلك الرؤيه ، وأهميتها فى المرحله الراهنه ، لذا كان تقدم أى دوله مرهون بمدى إنطلاقها من هذا النهج ، يتعاظم ذلك عند التأكيد على أهمية دور المستشارين من أصحاب الخبرات فى كافة التخصصات ، الذين ينطلق بهم المسئول لٱفاق التقدم نظرا لفاعلية قراراته التى يتخذها ، بعد أن يضعوا لها الخطوط العريضه ، ويبينوا منطلقات القوه ، ويكون كل منهم ناصح أمين بحق .
كشاهد على العصر أدركت النتائج المبهره التى يحققها مثل هؤلاء فى دول عديده بأوروبا ، وأفريقيا ، وكذلك بلدان عربيه ، جميعها زرتها فى مهمات صحفيه ، أو عبر وفود برلمانيه ، أو ممثلا لهذا الوطن الغالى أبان عضويتى بالبرلمان العربى الأفريقى ، بل إننى كثيرا ماكان يبهرنى عطاء الزملاء أعضاء الوفود التى كنت فيها عضوا وذلك عندما أتيحت لهم الفرصه للعطاء ، كما فعل النائب عبدالعزيز مصطفى وكيل مجلس الشعب فى ذلك الوقت ورئيس الوفد البرلمانى المصرى أثناء حضورنا المؤتمر العربى الأفريقى الذى عقد بأبوجا عاصمة نيجيريا ، وكذلك النائب أحمد رسلان رئيس لجنة الشئون العربيه بالبرلمان وأمين التنظيم بحزب الجبهة ، والنائب هرماس رضوان عضو الوفد المصرى ، والنائبه زينب فيظى ، وسجلنا بفضل الله تواجدا أبهر كل الوفود الممثله للبرلمانات العربيه والأفريقيه ، لذا كثيرا ماتمنيت أن أجد هذا النهج للإداره فى وطننا الغالى .
تأثرا بما أدركه من أداء للبعض ينطلق من بروباجندا ، وهيصه وزمبليطه خاصة المشتاقين لعضوية البرلمان ، يطيب لى التأكيد على أن بوطننا الغالى قامات عظيمه لكنهم لايجيدون الطبل والزمر لذا إلتزموا بيوتهم إحتراما لتاريخهم ، وهؤلاء يتعين الإنتباه لأهمية الدفع بهم ، وجميعهم ذكرونى بمن عايشتهم من قامات رفيعه تحملت المسئوليه فى هذا الوطن فى فترة متتاليه ، وجميعهم أشهد الله أنهم كانوا أصحاب رؤيه ، ويتمتعون بالحكمه والخبره وطهارة اليد ، ليس فى مجال تخصصهم وفقط إنما عبر دروب الحياه ، المهندس عصام راضى ، والدكتور عبدالهادى راضى وزيرا الرى السابقين رحمهما الله ، وآخرين ظلموا مجتمعيا ويتعين إنصافهم خاصة وأنهم إنتقلوا إلى رحاب الله ، فى القلب منهم الدكتور عاطف عبيد رئيس وزراء مصر ، والوزير الموسوعه كمال الشاذلى ، والدكتور محمد على محجوب وزير الأوقاف الأسبق ، وإبن بلدتى بسيون الدكتور عبدالفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر الأسبق ، وفى المجال البرلمانى النواب المحترمين فكرى الجزار ، ونائب بسيون عبدالفتاح باشا حسن ، ومحمود القاضى ، وإبراهيم عواره ، وعلوى حافظ ، وأبوالعز الحريرى ، وغيرهم كثر أعطوا لهذا الوطن ومازالوا رغم تغير المواقع لذا فإنهم تاجا على الرؤوس فى القلب منهم الأخ والصديق المهندس سامح فهمى وزير البترول السابق ، والغالى الدكتور سيد أحمد الخراشى أبوالبترول بالإسكندريه ، والحبيب الغالى المهندس هانى ضاحى وزير النقل السابق القيمه والقامه والذى تم إختياره قبل أيام عن حق رئيسا لمجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة أبوقيرللأسمده .
الرائع أن تلك القيادات رسخوا لنهج تواصل الأجيال ، فأضافوا للوطن خبراء وعلماء فى كافة المجالات ، إلا أنه بعد رحيل البعض منهم وإنتهاء عطاء الآخرين وظيفيا ، وتغير تركيبة البرلمان ، وتلاشى الإراده الشعبيه فى صنع نائب ، وطغيان رأس المال السياسى ، وتنامى ظاهرة الزعيق والهتاف بالميكروفون ، إهتز الميزان العام إداريا وسياسيا ، تأثرا بالآليات الجديده للنائب بالبرلمان وتلك القرارات العفوية التى تعظم وقف التعيينات الأمر الذى معه لم يعد هناك نقلا للخبرات ، وتعميق نهج تواصل الأجيال ، وأصبحنا نستيقظ كل يوم على كوارث فى القرارات خلفت خسائر فادحه ، وإنهيارات جسيمه ، وأتذكر أنه ذات يوم إحتار جميع الموظفين بمجلس مدينة بسيون فى مشكله خاصة بتسجيل المواليد من سنوات بعيده وحاروا فيها لأشهر ، وعندما إستعانوا بمدير تلك الإداره الذى خرج على المعاش منذ 10 سنوات ، حضر وطرح رؤيه أنهت المشكله فى 5 دقائق ، تعاظم التردى بدولاب العمل الإدارى منذ الإستعانه بأصحاب الحظوه فى المواقع القياديه ، دون الكفاءات ، أدركت ذلك فى التوجه المعيب الذى تم تطبيقه بشأن إختيار القيادات رغم ضعفهم وذلك إنطلاقا من توصية منحت لهم ، هذا النهج خلف إحباطا عند المجدين ، وكذلك تهميش أصحاب الكفاءات والدفع بجيل من الشباب يفتقدون الخبره بهدف ترويضهم ، بالضبط كما حدث ذات يوم فى الواقعه الشهيره التى تضمنتها مضابط البرلمان دليلا للتردى ، والتى تتعلق بالمحررين البرلمانيين أصحاب الخبرات الطويله ، الذين ظل معظمهم فى هذا التخصص مايزيد على الأربعين عاما وأصبحوا جزءا من التاريخ البرلمانى للوطن كشهود عيان عاصروا أحداثا جسام شهدها البرلمان ، ومواقف رحل كل أطرافها ، وذلك بعد شعور أصحاب قرار بالبرلمان بالضعف أمامهم كأصحاب خبرات ، فكان القرار مزيدا من التقزيم من خلال الإكتفاء بوجود جيل من شباب المحررين أغلقوا فى وجوههم شرفة الصحافه ، ووضعوهم فى قاعه يطلق عليها بين المحررين البرلمانيين حجرة الفيران وذلك لمتابعة الجلسات عبر شاشه يتحكمون فيها ، الأمر الذى ساهم فى ضعف المنظومه البرلمانيه برمتها أداءا ، وكيانا ، وصحافه برلمانيه ، ولم نجد ناصحين لمن تفتق فى ذهنهم تنفيذ هذا التوجه البغيض ، والمؤلم مشاركة بعض رجال الأمن فى وضع الخطوط العريضه لتلك المأساه التى ترسخ لتقزيم كل شيىء .
يضاف إلى ذلك الإستغناء عن قادة عظام رغم أنهم أثبتوا وجودا ويتمتعون بالنزاهه ، من أمثال الرائعين بحق ، والفخر لهذا الوطن ، الوزيرالموسوعه المهندس محمد عبدالظاهر أبوالحكم المحلى ومحافظ القليوبيه والإسكندريه السابق ، والوزير القيمه اللواء أحمد ضيف صقر ، والوزير النشيط الدكتور طارق رحمى محافظا الغربيه السابقين ، حتى ظن البعض عندما لم يتم الإستعانه بهم فى أماكن أخرى أن هناك من هم خلف ستار وفاعلين فى إتخاذ القرار فعلوا ذلك خشية أن يتأثر موقعهم بوجودهم وهم بهذا العطاء الغير مسبوق ، والإداره التى يشهد بها القاصى والدانى ، وتلك النتائج التى تم تحقيقها ، طال ذلك النهج الأمنى فبعد أن كنا ندرك قيادات تتواصل وتتفاعل وتحقق نجاحات أمنيه مبهره ، ولديها تواصل مع قامات المجتمع ، ويدركون قدر الناس جيدا ، مثل اللواء طارق عطيه ، واللواء محمد عبداللطيف خضر ، متعهما الله بالصحه والعافيه ، إلى قيادات تنعزل عن الدنيا وتقصر تواصلها مع المجتمع على التقارير التى يتلقونها ، لذا يتولون مناصبهم ويغادرونها ولايعرفهم أحدا وتلك مصيبه كبرى ، وبعد أن كنا ندرك ضباطا حاسمين أقوياء كل منهم يمثل قيمة أمنيه كبيره منذ حداثة الرتبه مثل اللواء محمد جاد ، واللواء هشام خطاب ، إلى ضباط ينطلق آدائهم من مناشدة من صدر ضده حكم قضائى بالإدانه خاصة فى قضايا النصب كما فى حالة أرملة طنطا المسكينه ، ياسعادة البيه المجرم ممكن بعد إذن سيادتك تشرفنا لتنفذ الحكم ، وطبعا لايحضر ويسقط الحكم ويتملك اليقين من الناس بضعف الأداء الأمنى فيزداد النصب ، ليقين النصابين أنهم لن يتم القبض عليهم حتى يسقط الحكم ، بل ويقولون لمن يحذرهم " شاالله ياحكم " إنطلاقا من سخريه ، وأصبحنا نجد ضباط صغيرى السن حديثى الرتبه ، حديثى التخرج يبتهجون وتتعاظم لديهم الأنا وتتملكهم حاله من الزهو تأثرا بجلوس القامات المجتمعيه أمامهم وإستشعارهم أنهم أصحاب قرار بحقهم ، هؤلاء الذين هم فى سن جدهم فيتملكهم الجبروت ، وتتعاظم لديهم الأنا ، وتلك مصيبه كبرى لليقين بسحق الإنسانيه فى النفوس .
خلاصة القول .. لعلها فرصة فى عيد الفطر المبارك أعاده الله على وطننا الغالى وشعبنا العظيم بالخير واليمن والبركات ، نقلب فيها صفحات التاريخ ونستلهم العبر إنطلاقا من حب ، مرجعه النفوس الطيبه الأبيه ، وتعايشا مع أجواء عيدالفطر المبارك ، مع أهمية التأكيد على أن مرجع ذلك ليس نيلا من أحد ، أو التقليل من شأن أحد ، فجميع من بالوطن قديما وحديثا محل تقدير وتوقير وإحترام ، وماالتناول مرجعه شخوصهم الكريمه إنما نمط سلوك وطريقة أداء أرى من الأهمية إحداث مراجعه لها وتصويبها من أجل الحفاظ على اللحمه الوطنيه ، وليس لمبتغى شخصى بعد أن زهد المخلصون حتى فى الحديث فى مثل تلك الموضوعات بحثا عن الهدوء النفسى .. يقينا نحن قادرون بإذن الله على تصويب المسلك عبر الإستفاده من دروس الماضى وقادته ورموزه شريطة الإخلاص والتجرد .