أشرف بيدس يكتب : إعلام ”الفتة”
الغالبية العظمي من مقدمو برامج التوك شو علي شاشات الفضائيات يقدمون برامج علي موجات الاذاعة.. حسنا.. فماذا يقدمون في الإذاعة؟ يقدمون ذات الموضوعات التي تقدم علي الفضائيات. وماذا يقدمون علي الفضائيات, يقدمون نفس موضوعات الاذاعة.. وما الهدف من أن تقدم في وسيليتين اعلاميتين كبيرتين اسهمتا في نجاح ثورتين مباركتين مازالتا مثار اعجاب العالم وتقديره .. يأتيك الجواب العبقري : التكرار يعلم الشطار, ناهيك عن اللت والعجن لحد التباتة بغرض تحفيظ دروس ليست في المقرر, أما ما يستوجب التأكيد عليه فهو لا يخرج عن عناوين طائرة لمواكبة الاحداث وتغطيتها
أن كثير من الفضائيات تعمل وفق منطق "السبوبة" التي تخدم مصالح مالكيها, وبالتالي يقوم بعض من القائمين عليها من القمة إلي القاع بانتهاج نفس المنهج لتحقيق منفعته الشخصية, هذا لا يمنع من التعرض لكل المخاطر التي تحيق بالوطن, ومناقشة القضايا العالقة والمتجددة لتمرير المصلحة. وعندما تتعرض هذه الفضائيات لأزمات مالية, وهو ما حدث بالفعل, لا تجد غير صغار المحررين والمعدين والفنيين والعاملين للاستغناء عنهم, أما الكوادر أصحاب الاجور الفلكية التي لا تتناسب مع امكاناتهم فهم باقون علي صدورنا ولا يستحون.
لقد مل الناس برامج التوك شو وضجر من مقدميها المملين الذين يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون, وصارت فضائياتهم دكاكين تبيع الكلام بفواصل اعلانية عن السمن والزيت ومساحيق الغسيل وشبكات الاتصالات التي تتفنن في تقديم عروض جهنمية تخرج القروش القليلة من الجيوب الخاوية لتصيب الناس بعدوي الكلام غير المجد, وكلها أشياء لا تصنع أمة, بل تبتلع كل مقدرات الناس في نصب منظم وممنهج, وتصيبهم بالكآبة بعد أن يكتشفوا في منتصف الشهر أن رواتبهم ذهبت للسوبر ماركت, فما توفره الحكومة من عيش وتموين ووقود للمواطن يأخذه رجال الأعمال شرعي, وتبدو الحكومة وكأنها تحرث في البحر.
إن انخفاض نسب المشاهدة في هذه الفضائيات دليل واضح علي أنهم في واد والناس في واد آخر, خصوصا عندما ترصد العين الفاحصة أنهم يبذلون جهدا مضنيا في عدم تكرار ما يرتدونه من ملابس فقط بعيدا عن المضمون, وحتي يتغلبوا علي هذا الانخفاض تقوم بعض الفضائيات في الهجوم علي مؤسسات الدولة في محاولة لاستعادة العيون المهاجرة لفضائيات أخري.
لم تفلح محاولات البعض في استقطاب وجوه ثورية وشخصيات عامة كانت محط تقدير من الجماهير بعد أن حولوا منابر الاعلام إلي "مصاطب" للحكي وابتلعوا الهواء النقي الذي نتنفسه ولم يتركوا لنا غير الغبار الذين اصابنا بالحساسية.
نحن نحتاج ثورة أخري في الإعلام لتغيير الوجوه التي امتلأت كروشها بأخري تتقي الله في هذه الأمة ولا تتاجر بآلامها.