صالح شلبى يكتب.. إحذروا آفة الاعذار فى العمل
أغيب.. أتأخر.. أستأذن.. أكذب ، كثيراً ما يردد بعض الموظفين هذه الكلمات ويحتجون بها، خصوصاً من يفتقدون الشعور بالرضا عن أوضاعهم الوظيفية؛ لأسباب تتعلق بتدني مستوى رواتبهم مع ما يبذلونه من جهود، وهو يعد سلوك خاطئاً ونفعياً، لا يبرر التقصير أو التكاسل والبطء في الأداء أو عدم الانضباط والإهمال واللامبالاة؛ لأنّ العمل له متطلبات معينة يجب تأديتها في أوقات محددة ولا يتوقع من موظف يخشى الله ،أنّ يقصر في عمله بسبب عدم الرضا، فما هو ذنب طالب يتحمل مشقة الطريق ليجد مدرسا محبطا لا يقدم له الخدمات العلمية اللائقة، وما ذنب المريض وغيرهم، ممن يتلقون الخدمة ،ومع الاعتراف بوجود تلك الأسباب، ومدى تأثيرها على نفسية وأداء الموظف، إلاّ أنّها لا تعد مبرراً مقنعاً لهؤلاء الموظفين الذين اعتادوا الإهمال والتسيب في وظائفهم، فالموظف عليه أن يؤدي عمله بكل أمانة وإخلاص، وأن لا يقصر في أدائه ،ولا يفرط فى عملة عن طريق عدم الانضباط وسوء الأداء، حتى لو لم يكن راضياً ؛ لأن عدم الاداء ،والانضباط سوف يصبحان جزءاً من سلوكه في العمل، ولن يتمكن من تعديل هذا السلوك في الوظيفة الأخرى إن وجدها ، فالتعود على الانضباط وحسن الأداء والحرص والشعور بالمسؤولية هي قيم وعادات عمل تلازم الفرد منذ بداية حياته العملية، وتصبح سمات رئيسة لديه طوال فترة حياته العملية، فأن تعمل خيراً من أن لا تعمل!.
ونرى إن معظم حالات الفشل تأتي دائما
من الاشخاص الذين عودوا انفسهم على اختلاق الاعذار، 99% من حالات الإخفاق تأتي من
الذين تعودوا تقديم الأعذار، التى تؤدى بأصحابها من رخاء الى شقاء
وهناك مقولة لـ " بنيامين فرانكلين " أبرز مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية، " الذي يكون جيداً في خلق الأعذار لا يكون جيداً في أي شيء أخر، " وإن النشاط الأكثر اشتراكاً بين الحمقى هو الانتقاد والشكوى والإدانة.
يقول العلماء إن الإهمال سلوك يتجاوز
تأثيره صاحبه، ولا يقتصر عليه، فالإنسان المهمل هو إنسان «فوضوى» غير
مبال، يتأثر محيطه الشخصى بإهماله، وغالباً يتولد الإهمال نتيجة عادات اكتسبها الشخص
من البيئة المحيطة حوله، أو نتيجة القدوة المهملة، واللامبالاة المبكرة، وغياب ثقافة
المسؤولية، حتى أصبح الإهمال والتسيب واللامبالاة
والاستهتار هى الأصل والقاعدة
الأعذار للانسان المهمل ما هى الا لونًا من الخداع، أو شرحا لما حدث على غير واقعه ،. وقد يلجأ فيها الشخص إلى الاحتماء وراء أسباب ثانوية عن السبب الأساسي للفعل، وقد ينكشف عذرة ، فيغطيه صاحبه بعذر آخر، وهكذا يدخل في سلسلة لا تنتهي من الأعذار، كلها تصرخ قائلة: (إنني مجرد ستار لنفس أتعبتها الكبرياءأو أتعبها الخجل، فتريد أن تقف بريئة أمام الناس بأى سبب وبأية وسيلة، إن الأعذار بهذه الصورة نوع من المكابرة، تحاول أن تخفى الحقيقة، وأن تلبس المذنب ثياب الأبرياء
ما أجمل أن يعترف الإنسان بخطئه.. فالاعتراف بالخطأ يدل على محبة الإنسان للحق والعدل وعدم تحيزه لنفسه.. وعدم مجاملته لذاته،والذي يعترف بالخطأ يدل أيضًا على صحة فهمه، وعلى أنه غير محب للمغالطة، وغير محب للمكابرة، وغير محب للرياء، والاعتراف بالخطأ دليل على التواضع
لقد خلق الله سبحانه وتعالى الكون، وسيره، وأبدعه في نظام دقيق، محكم مقدر، لا تداخل فيه ولا اضطراب، فالكواكب، والنجوم، والأجرام، والسحب...الخ. كل يسير لما قُدّر له، قال تعالى: "وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً".[الفرقان: 2].
فالشمس تشرق في وقتها المحدد، ومن مكانها المحدد، وكذلك الكواكب والنجوم كل يسير في مداره، لا يحيد عنه، فالنظام هو الدعامة الحقيقية والأساسية في كل عمل ناجح، وعلى العكس من ذلك تقف الفوضى عائقاً أساسياً أمام النجاح.