سمير صبري: الرئيس السادات بريء من إيقاف برنامج ”النادي الدولي”
*الكاتب مصطفى أمين نصحني بالتعامل مع من ظلموني بالتسامح
* تعلمت الإعلام في مدرسة أمال فهمي وجلال معوض
*المنتجون يتعاملوا مع النجوم الكبار بجحود لا يليق بتاريخهم
* في بيت عبد الحليم التقيت بكل مشاهير مصر
* عبد الوهاب كان يحسب عمره بإحساسه وليس بسنوات البطاقة الشخصية
حاوره: هشام يحيي
تقمصت شخصية الكاتب مفيد فوزي.. وبدأت حواري مع الفنان سمير صبري.. قائلًا: من أساتذتك؟، رد بدون تردد: "أمال فهمي وجلال معوض"، إستجمعت نفسي من خضة الجلوس بحضرة إعلامي حاور القادة والزعماء وكبار النجوم، وكان صديقًا لمصطفى أمين، أم كلثوم، عبد الوهاب، عبد الحليم.. وقلت له: هل تتذكر الدرس الأول في مدرسة أمال فهمي وجلال معوض؟، أخذ نفسًا عميقًا، وشعرت أنه ذهب بي بعيدًا في الـ"فلاش باك"، سحب المسجل أمامه.. وبدأ يتكلم.. وكان علي الإنصات.
ــــــــــ في نفس التوقيت الذي كنت أقدم فيه
برنامج "حسب طلبك" في البرنامج الأوروبي بالإذاعة
المصرية، ويحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، واشارك بالتمثيل والغناء باللغة
الإنجليزية في برنامج "ركن الطفل" مع النجمة لبنى عبد العزيز، في
البرنامج الأوروبي، فوجئت بترشيح من أستاذتي الأولى أمال فهمي لتقديم برنامج يومي
لمدة 15 دقيقة على إذاعة "الشرق الأوسط"، لكن
هذه المرة باللغة العامية، إقترابي اليومي من هذه الإعلامية الكبيرة التي
كانت تترأس إذاعة "الشرق الأوسط" منحني فرصة كبيرة لتعلم (ألف باء) الإعلام الصحيح.
** بمعنى؟
ـــــــــ كيف تستمتع، كيف تجيد الإنصات، كيف تحترم ضيفك مهما كان مركزه، كيف تأخذ من
إجابة الضيف السؤال الجديد، وأيضًا
التجهيز الكافي للحلقة بتجميع أكبر قدر من المعلومات، والخلفيات التاريخية عن ضيوفك، وهذه الدروس في
الإذاعة المصرية مدرستي الأولى في الإعلام كانت سر نجاحي عندما ذهبت للتليفزيون
بترشيح من د. عبد القادر حاتم وزير الإعلام، لتقديم برنامج "النادي الدولي"!
** تعرفت على أمال فهمي في كواليس أغنية "بحلم بيك"
خلال
تصوير فيلم "حكاية حب".. ما ظروف التعرف على جلال معوض؟
ــــــــ في بيت جاري عبد الحليم حافظ
في عمارة السعوديين بالعجوزة.. تعرفت على نجوم المجتمع الغنائي في مصر
والوطن العربي، التقيت كامل ومأمون الشناوي وحسين السيد.. وجلست مع عبد الوهاب والموجي وكمال
الطويل وبليغ حمدي، وبين كل هؤلاء إعتبرت إن أعظم شخصية تعرفت عليها في هذا
التوقيت أستاذي جلال معوض الذي كان قريبًا من "حليم"، وكان أيضًا مشرفًا على حفل "أضواء المدينة" الذي تقدمه الإذاعة المصرية، ويجمع فيه
كل نجوم الغناء من العالم العربي بدون مقابل.. كان يكفيهم شرف المشاركة في هذا الحفل..
وإذا
كانت أمال فهمي علمتني "ألف باء" الإعلام الصحيح، فأن جلال معوض وضعني داخل كواليس كيفية إدارة هذه
المنظومة الفنية،
وكيف
ينجح في التعامل مع كوكبة من النجوم "حليم، فايزة، شادية، نجاة، لبلبة، أحمد
غانم" وغيرهم، منحني أول فرصة لمواجهة الجمهور على
المسرح من خلال تقديم النجوم المشاركين في الحفل، لدرجة كان يكتب لي بنفسه الكلمات
القصيرة التي سوف أقدم بها النجم، وطريقة الالقاء.
** أمال فهمي في كواليس تصوير
"بحلم
بيك".. و جلال معوض في بيت "العندليب"..
هل
نعتبر "حليم" كان سببًا رئيسيًا في تحقيق أحلامك في
عالم الفن؟
ـــــــ أكيد.. عن طريقه تعرفت على الفنانة لبنى عبد
العزيز، التي إختارتني بسبب حديثه عني للمشاركة في برنامجها "ركن الأطفال"، وفي نفس اليوم ادخل أستديو للإذاعة في
أول مرة في حياتي،
ويجلس
"حليم" مع مهندس الصوت خلف الحاجز الزجاجي
ومعهم عبد الحميد الحديدي رئيس الإذاعة وأمال فهمي يشهدوا ميلاد نجم جديد ينطلق من
برنامج "ركن الأطفال" بالبرنامج الأوروبي.
** كيف تعامل الوالد ضابط القوات المسلحة
مع رغبة إبنه أن يحترف الفن.. رغم إنه تعلم في "فيكتوريا كوليدج"
ودرس الأداب الإنجليزي؟
ـــــــــ رغم إنه كان يأمل أن التحق
بالعمل في السلك الدبلوماسي، لم يعارض رغبتي في إحتراف الفن، لكن كان شرطه
الوحيد أن استكمل دراستي بتفوق، والحصول على شهادتي العليا، وبعد نجاح أعمالي
في السينما والإذاعة،
كان
متابعًا جيد لهذه الأعمال، إلى أن وجهت له الدعوة لحضور فيلم "وبالوالدين إحسانا"، وكان معه مجموعة من أصدقاءه الضباط
الكبار،
وأثناء
عرض الفيلم بدأ الجمهور يغضب من الشخصية التي أقدمها على
الشاشة، وبدأ الجمهور يسب الشخصية بالأب، هذا أغضبه جدًا، وبعد الفيلم عاتبني
بشدة أنني وجهت له الدعوة لمشاهدة هذا الفيلم.
** البيت السكندري
بعاداته
وتقاليده القى بظلاله على شخصيتك إنسانيًا..
أتخيل
إن المجتمع السكندري المفتوح على ثقافات العالم المختلفة
كان
له دور في تكوينك الفني والثقافي؟
ـــــــــــ في هذه المدينة التي تستحق
عن جدارة لقب "كوزموبوليتان"، تعرفت على نجوم السينما اليونانية
والفرنسية والإيطالية، وعشت بين الجاليات الأرمنية والسورية واللبنانية، وشاهدت في
الشتاء عروض الباليه الروسي والفرنسي
والأمريكي،
وفرقة
"الكوميدي فرنسيز" الفرنسية التي كانت
تقدم كلاسيكيات الأدب الفرنسي، وأيضًا
الفرق الإنجليزية التي تقدم روائع شكسبير، واستمعت إلى اللهجات المختلفة
لهذه الأقليات التي كانت تعيش بيننا ونعيش بينهم في إنسجام تام، مما جعلنا نجيد الفرنسية
والإيطالية واليونانية إجادة تامة وبإيقاع سليم.
** هل الأسرة
كانت
منفصلة عن هذا الواقع بحكم الجد المتشدد
والأب
الذي كان ضابط بالقوات المسلحة؟
ــــــ إطلاقًا..
النزهة
الأسبوعية للأسر السكندرية بشكل عام كانت إرتياد دور العرض السينمائي، ومتابعة
العروض المسرحية الأجنبية في الشتاء، وفي الصيف مسرحيات "نجيب الريحاني، وإسماعيل ياسين"، وأحيانًا فرقة "رمسيس" ليوسف
وهبي"،
وبيت
الأسرة مثل كل البيوت المصرية في هذا الزمن، كان به "بيانو" و"عود" ومكتبة تمثل ركن أساسي في البيت، وأذكر
فيمرحلة
طفولتي كنت لا أقبل على قراءة كتب الأطفال، لكن أقوم
بتقليد أبي وأمي وأقرأ روايات من نوعية "إني راحلة" ليوسف السباعي، أو "أين عمري" لإحسان عبد القدوس، النشأة في بيت به أجواء الموسيقى
والفكر والثقافة عمق بداخلي حب الأدب والقراءة مبكرًا.
** .. و"فيكتوريا
كوليدج"؟
ــــ لم يجعلني استكمل السؤال وقال:
في
كلية "فيكتوريا" بالإسكندرية قضيت عام واحد، وبعد إنتقال والدي
للقاهرة التحقت بكلية "فيكتوريا" بالقاهرة، في المعادي، وكانت تضم
4 ملاعب
كرة قدم بنفس مواصفات ملاعب المحترفين، 4 ملاعب تنس، 4 ملاعب اسكواش، معظم الرياضات تقريبًا.. وحمامات سباحة، مدرسة للخيل..
المدرسة
كانت تدار من خلال إدارة إنجليزية، والامتحانات كانت تأتي من "أكسفورد" من إنجلترا، كنا نؤدي الامتحان في نفس
التوقيت مع "أكسفورد" و"كمبريدج" في إنجلترا، المدرسة لعبت دورًا في تنمية حبي للثقافة
وللعلم، وعمقت حبي لفن التمثيل، بإشتراكي في العروض المسرحية التي كنا نقدمها
سنويا من مؤلفات شكسبير، وأذكر إنني اشتركت في تمثيل (هاملت، روميو وجوليت، مكبث، الليلة
الثانية عشر، عطيل) كل روائع شكسبير تقريبًا، سواء في العرض
النهائي بعد انتهاء العام الدراسي، أو أثناء العام، وكنا نقوم بتقديمها أمام المدرسين
الذين كانوا حريصين على تشجيعنا أن نحب أدب ومسرح شكسبير، وبالمناسبة تخرجت من كلية "فيكتوريا" وعمري 16 عامًا، والتحقت بكلية الأداب في الإسكندرية
قسم
اللغة الإنجليزية، في هذه المرحلة اكتشفت إن كل ما أقوم بدراسته في الكلية من
الأدب الإنجليزي إنتهيت منه في كلية "فيكتوريا" خلال سنوات الدراسة، وهذا منحني وقت
للفسحة وممارسة الرياضة التي احبها وأذهب للسينما والمسارح، واشارك في برنامج "ركن الطفل" مع الفنانة لبني عبد العزيز.
** لم التقي أحد في الوسط الفني
إلا
ويحكي عن مواقفك الإنسانية.. رجاء الجداوي
وسماح أنور والمنتج هاني جرجس فوزي
وغيرهم..
ــــ تدخل قائلًا: تركيبتي الإنسانية نتيجة طبيعية للحياة في المجتمع السكندري، هذا المجتمع الذي عشت فيه طفولتي الأولى القى بظلاله على شخصيتي، في الصيف عائلتي بالكامل كانت تنتقل إلى بيت جدي على البحر، كل العائلة تجتمع على مائدة طعام واحدة بحضوره، في رمضان مثلًا لا نجلس إلا بعد أن يجلس جدي، وكان يصطحبنا معه لأداء صلاة المغرب والتراويح والعشاء في "سيدي أبو العباس المرسي"، أو "سيدي ياقوت العرش"، أو "الإمام البوصيري".. والإيمان يمنح الإنسان الرضى والقناعة والقبول، ويدعم فكرة صلة الرحم وإحترام الكبير أو العاجز، اضف إلى هذا كان لي أستاذ في مدرسة "فيكتوريا كوليدج" يستقبلنا في الصباح بعبارة لم تفارقني حتى هذه اللحظة: "هل إمبارح عملتوا عمل طيب؟.. هل اسعدتوا حد في البيت؟".. لدرجة إن كل تلميذ كان حريص أن يقوم بعمل طيب حتى يحكي عنه أمام زملاءه في الفصل.
**الوسط الفني قاسي أحيانًا على بعض
النجوم عندما تزول عنهم الشهرة؟
ــــــــ تخيل مثلًا إن عماد حمدي الذي كان يكتب إسمه على الأفيشات في الخمسينيات "فتى مصر الأول"، كان المنتجون يتعاملون معه في السبعينيات باليومية، وهذا كان يسبب لي إزعاج كبير وضيق نفسي، وكثيرًا ما كنت أتناقش معهم وأجادلهم لتغيير المسمى إلى "عدد أيام التصوير"، ونفس هذه الطريقة في التعامل كانت تتم مع "إنجي السينما المصرية"، مريم فخر الدين، لدرجة كنت أقول في نفسي: "ينعل أبو الحوجة اللي تخلي نجوم كبار يقبلوا بهذا التعامل"، وأصبح دائمًا مسيطر عليّ إحساس بالمسئولية نحو هذا الجيل الذي إنحسرت عنه الأضواء، والمسئولية لا تعني المادية فقط، أحيانًا مكالمة تليفون أو زيارة عائلية تبهجهم وتدخل على نفوسهم الفرحة وتشعرهم بقيمة الحياة، وهذا الإحساس عشته كثيرًا في زياراتي للفنانة الكبيرة مديحة يسري، وإقترابي من العظيمة تحية كاريوكا، وسامية جمال التي عادت للرقص في فرقتي بعد الإعتزال بعد أن تعرضت لأزمة مادية عاصفة.
** أريد أن أتوقف عند عبارة
"الرضا
والقناعة والقبول".. كيف تعاملت معها في مسيرتك الفنية؟
ـــــــــ في مشواري السينمائي
قدمت
أفلام كان اسمي على الأفيش يكتب قبل الفنان عادل إمام، لكن ونحن ندخل فيلم "احترس من الخط" المنتج واصف فايز جلس معي يناقشني في
ترتيب اسمي على الأفيش، قلت له: "يكتب عادل إمام (إحترس من الخط) ويكتب أسفل بطولة سمير صبري"، أذكر هناك فيلم اسمه "جنس ناعم" كنت اشارك في بطولته أمام الفنانة
ماجدة الصباحي، واسم عادل إمام كان يأتي في الترتيب بعدي، بعد النجومية التي حققها
عادل وأصبح نجم الشباك الأول كنت عندما التقي الفنانة ماجدة في أي
مناسبة كنت أطلب منها تغيير الأفيش "أفلام ماجدة الصباحي تقدم عادل إمام في
(جنس ناعم) بطولة ماجدة وسمير صبري".. الإيمان والرضا
والقناعة يبعدوا الإنسان عن منطقة المقارنة مع الأخرين الذين سبقوه.
** إستوقفني تصريح تليفزيوني شهير
للنجم
الكبير نور الشريف: "في أزمة ناجي العلي
الوحيد
الذي كان بجواري سمير صبري".
ــــــ رد: نور الشريف صديقي تعرض للظلم، وكان لابد أن اسانده نفسيًا ومعنويًا.
**قاطعته: هل تعرضت للظلم؟
ـــــ قال: أكيد.
**تدخلت في الحوار:
بعد
أزمة إيقاف برنامجك الشهير "النادي الدولي"؟
ـــــ
بدون شك.. بعد إيقاف البرنامج تم إطلاق شائعة إن البرنامج
تم إيقافه عن طريق الرئيس السادات، وإن رئيس الجمهورية شخصيًا لا يريد
سمير
صبري، في هذا التوقيت شركات الإنتاج السينمائي امتنعت عن التعامل معي، رغم إني كنت أقدم 8
أفلام في الموسم الواحد.. 3
سنوات لا أقدم أفلام، وعند عودتي عن طريق السيدة تماضر توفيق رئيس التليفزيون
لتقديم
برنامج جديد،
كانت
تقول لي: "أرجع حتى يعلم الناس إنك غير مغضوب عليك"، لكني كنت كاره العودة
لخساسة
المؤامرة والذين حاكوها، وأنت داخل الأزمة تكتشف معادن الناس، في هذه الفترة إكتشفت ناس كنت أتخيلهم "حبايبي"
لم
يرفعوا سماعة التليفون للإطمئنان عليّ.
** على ذكر اسم الرئيس السادات..
أعلم
إن علاقتك مع عائلة الرئيس إستمرت جيدة بعد رحيله؟
ـــــــ وخلال وجوده.. لم تتأثر علاقتي مع الرئيس السادات، وعندما علم بإيقاف برنامج "النادي الدولي" عن طريق وزير الإعلام، أصدر بعد أسبوع قرارًا جمهوريًا بعودة البرنامج، إطلعت على القرار في مكتب رئيس المكتب الصحفي للرئيس الإعلامية همت مصطفى، وأيضًا الرئيس السادات كرمني ومنحني جائزة عن فيلم "وبالوالدين إحسانا"، وأذكر على المسرح قال لي: "بكيتني ياواد، كنت ولد عاق، لكن برافو عليك"، وهذه العبارة أعتز بها.
هشام يحيي والفنان سمير صبري لحظات إستراحة .. قبل إستكمال الحوار.. الذي كان أقرب لرحلة في "الفلاش باك" والتقليب في صندوق الحكايات. بكل ما يتضمن من أحداث سعيدة أحيانًا، وحزينة في احيان أكثر.
** سؤال أخير: راضي عن ما حققته خلال مشوارك الفني؟
ــــــــ رغم كل محاولات الهدم التي
تعرضت لها في حياتي، عندما أسترجع مشواري إجد إن ربنا سبحانه وتعالى كان كريمًا معي في تحقيق كل أحلامي، منحني الشهرة وحب الناس، وكان عطاءه سخيًا، وحققت النجاح في كل المجالات التي تمنيت العمل
بها.. الإعلام سواء إذاعة أو تليفزيون، والغناء بالعربي والأجنبي، والتمثيل في السينما، وأن أجوب العالم من جنوب أفريقيا إلى الولايات
المتحدة بصحبة فرقتي الإستعراضية بمشاركة وزارة الثقافة والسياحة، وأن أحاور القادة والزعماء وكبار النجوم.