مرصد الأزهر لمكافحة التطرف: التمييز العنصرى آفة خبيثة تهدد أمن المجتمعات
أكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن ظاهرة التمييز العنصرى أصبحت آفة خبيثة تهدد أمن المجتمعات واستقرارها، وتعبث بمقدَّرَات الشعوب وحياتهم؛ بل وتعصف بالإنسانية جمعاء، وازدادت هذ الظاهرة ضراوة متأثرة بالظروف العصيبة التى تمر بها المجتمعات بسبب جائحة كورونا.
وقال المرصد فى تقرير له اليوم، إنه فى أواخر شهر إبريل 2021، أُدين ضابط الشرطة الأمريكى السابق "ديريك شوفين" بقتل المواطن "جورج فلويد"، وأعربت الشرطة آنذاك عن قلقها واهتمامها بملاحقة الجاني. وفى اليوم الذى أدين فيه ذاك الضابط، لقيت فتاة أخرى ذات بشرة سوداء فى الخامسة عشر من عمرها مصرعها على يد أحد أفراد قوات الشرطة بولاية "أوهايو".
وتابع المرصد: "وتوضح الأرقام مدى الظلم الشديد الذى يتعرض له الأمريكيون من ذوى البشرة السمراء، إذ لقى ما لا يقل عن 181 أمريكيًّا من ذوى الأصول الإفريقية مصرعهم على يد قوات الشرطة فى أعقاب مقتل المواطن "جورج فلويد". وقد ارتفعت نسبة من لقوا حتفهم من ذوى البشرة السمراء على يد قوات الشرطة عام 2020 إلى 28%، مقارنة بالسنوات الماضية، حيث كانت النسبة لا تتعدى 13%، وليس هذا فحسب، بل إن سوء توزيع فرص الإسكان والتعليم وغيرهما من الجوانب المجتمعية ينمّ عن العنصرية الممنهجة، الأمر الذى يؤثر سلبًا على صحة المواطنين من ذوى البشرة السمراء؛ بسبب تواجدهم فى مناطق سكنية غير مناسبة. هذا ويشكل ذوو البشرة السمراء أكثر من 40% من تعداد المشردين المتزايدين باستمرار فى الولايات المتحدة.
وأضاف مرصد الأزهر: "وفى هذا الصدد، تقول السيدة "روشيل والنسكي"، مديرة مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها: "إن العنصرية خطر يهدد الصحة العامة، ويؤثر سلبًا بشكل عام على البنية الصحية لملايين الأمريكيين على الصعيدين النفسى والعضوي"، وكشف ذلك مدى تأثير جائحة كوفيد-19 على المجتمعات بناءً على اللون، إضافة إلى الحواجز المجتمعية؛ كأماكن الإقامة والعمل والتنزهات. وأشارت "والنسكي" إلى ما يسمى بـ"العِرق" والتمييز العنصرى القائم عليه، موضحة أن البشر لا يختلفون جينيًّا بشكل كبير، وأن "العِرق" هو "محض تفسير لنظرتنا الاجتماعية للآخر".
وأكد مرصد الأزهر، التأثير البالغ للوباء فى المجتمعات الملونة الظروفَ الصحية المتباينة بين الأعراق فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تزيد معدلات العمر المتوقعة للأمريكيين ذوى البشرة البيضاء عن أقرانهم من ذوى البشرة السوداء على مر العصور. فقد كشفت الدراسة الصادرة عن الأكاديمية الوطنية للعلوم أن متوسط العمر المتوقع للأمريكيين ذوى البشرة البيضاء - حتى فى ظل الجائحة- يفوق متوسط العمر المتوقع للأمريكيين من ذوى البشرة السوداء فيما دون الجائحة. وأوضح تقرير صادر عن "واشنطن بوست" أن 37% من الأمريكيين ذوى البشرة السمراء عرضة للوفاة جرّاء الإصابة بفيروس كوفيد 19 أكثر من ذوى البشرة البيضاء.
وأكدت أخصائية الأوبئة بجامعة "إيموري"، "كامارا فيليس جونز" أن المجتمع يعانى من تفرقة فى الرعاية الصحية بناءً على العِرق منذ عقود، وهو الأمر الذى بات جليًّا فى ظل الجائحة. وأضافت مسؤولة الصحة العامة بجامعة "جورجتاون"، "رانيت ميشوري" أن استمرار هذا النهج العنصرى عبر الأجيال يتسبب فى تغيرات فسيولوجية، كما أن التوتر المتزايد يسهم أيضًا فى الإصابة بالسمنة، وارتفاع ضغط الدم والسكري.
وهنا، أكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أنه يدق ناقوس الخطر بعد تصاعد مؤشرات التمييز العنصرى الممارس فى عدد من الدول؛ مما يستدعى تفعيل قوانين من شأنها التصدى للتمييز العنصري، مجددًا تأكيده على أهمية تطبيق وثيقة الأخوة الإنسانية التى وقعها أكبر رمزين دينيين فى العالم، والتى ترسّخ مبدأ التعايش السلمي، وإعلاء مفهوم المواطنة الذى يقوم على المساواة؛ حفاظًا على أمن المجتمعات واستقرارها، داعيًا إلى تضافر الجهود المبذولة ومواصلتها للحد من النشاطات الداعمة للتمييز العنصرى بشتى صوره سواء أكان بسبب الدين أم اللون أم العرق.