الدستورية العليا والنقض ترسيان مبدأ واحداَ: ”العين ليست دائما ضامنة للديون”
العين ضامنة للديون".. مقولة دائما ما تتردد بين الدائنين والمديونين، وبالأخص في سوق العقارات، غير أن المحكمة الدستورية ومن بعدها محكمة النقض انتهت في العديد من احكامهما إلى أنه في حالة انتقال العين إلى مستأجر جديد خالية - سواء اجرها من مالكها أو من مستأجرها السابق فإنه لا يلتزم بالمستحقات التأمينية التي كانت على المستأجر أو المالك السابق، وقالت: "العين ليست دائما ضامنه لديون هيئة التأمينات أو غيرها"، وهذا الحكم يسرى على ديون الضرائب أيضاَ.
فقد سبق للمحكمة الدستورية أن قضت في العديد من احكامها بأن المادة "146" من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 تنص على أن: "تضمن المنشأة في أي يد كانت مستحقات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، ويكون الخلف مسئولا بالتضامن مع أصحاب الأعمال السابقين عن الوفاء بجميع الالتزامات المستحقة عليهم للهيئة، وحيث أن ضمان المنشأة لمستحقات الهيئة المذكورة لا يمكن أن يسرى إلا على ما يكون مملوكًا لمدينها من العناصر المادية والمعنوية للمنشأة التي كان يزاول بها نشاطه بواسطة عمال استخدمهم لهذا الغرض وأصبح ملتزمًا بالتأمين عليهم لديها.
أما إذا انتقلت المنشأة إلى آخر خالية من عناصرها المادية والمعنوية زال هذا الضمان، سيما إذا كانت المنشأة مستأجرة وليست مملوكة لمدين الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، وإنما تعود ملكيتها لآخر قام بتحرير عقد إيجار جديد لمكان المنشأة السابقة إلى مستأجر آخر ليست له من صلة بمستأجرها السابق، لأنه لم يتلق منه حقًا إذ لم يتنازل له عنها حتى يمكن أن تنتقل إليه المنشأة محملة بهذا الضمان، يؤيد ذلك أن المستأجر لا يعتبر خلفًا خاصًا للمؤجر بل دائنًا له، فالمؤجر لا ينقل إلى المستأجر حقًا من الحقوق القائمة فى ذمته، أما من استأجر العين خالية من مالكها بعد أن أعادها مستأجرها السابق إليه، فلا يعد مخاطبًا بالحكم الوارد بصدر المادة "146" من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه.
محكمة النقض تسير على نهج المحكمة الدستورية العليا
وهو ما اكدته محكمة النقض في العديد من أحكامها بقولها: إذ كان الواقع المطروح بالأوراق أن المطعون ضده استأجر المنشأة خالية من مالكها بعقد إيجار مؤرخ.. / .../ ... وثابت التاريخ فى .../... / ... بعد أن أعادها مستأجرها السابق – المدين الأصلي للهيئة الطاعنة – وبالتالي فإن العين تنتقل إليه غير محملة بالضمان المنصوص عليه بالمادة 146 من القانون المذكور ولا يعد مخاطباً بحكمها، وإذ انتهى الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
وفى ذات الطعن المقيد برقم 1851 لسنة 69 القضائية - قالت محكمة النقض أن عدم ملكية المنشأة لمدين الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وملكيتها لآخر وقيامه بتحرير عقد إيجار جديد لمكان المنشأة إلى مستأجر جديد لا صلة له بمستأجرها الأصلي وعدم تنازل الأخير له عنها، يكون أثره انتقال المنشأة غير محملة بضمان مستحقات الهيئة.
واستطردت المحكمة قائلة: إذ كانت المنشأة مستأجرة وليست مملوكة لمدين الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، وإنما تعود ملكيتها لآخر قام بتحرير عقد إيجار جديد لمكان المنشأة السابقة إلى مستأجر آخر ليست له من صلة بمستأجرها السابق لأنه لم يتلق منه حقاً إذ لم يتنازل له عنها حتى يمكن أن تنتقل إليه المنشأة محملة بهذا الضمان، ويؤيد ذلك أن المستأجر لا يعتبر خلفاً خاصاً للمؤجر بل دائناً له، فالمؤجر لا ينقل إلى المستأجر حقاً من الحقوق القائمة فى ذمته بل هو ينشئ له الحقوق المتولدة عن عقد الإيجار وأهمها الحق فى تمكينه من استيفاء منفعة العين المؤجرة، فإن تنازل المستأجر عن الإجارة ففى هذه الحالة ينقل إلى المتنازل إليه الحقوق والالتزامات التى استقرت فى ذمته، ويعتبر المتنازل له خلفاً خاصاً له، والأمر غير ذلك إذا كان المستأجر الجديد للعين ذاتها قد استأجرها من مالكها أو مؤجرها ولم تؤول إليه من مستأجرها السابق.