ختام فعاليات التصفيات النهائية للمشروع الوطني للقراءة: 44 قارئ يتنافسون على 20 مليون جنيه
«ما هو بيت الشعر الذى قتل صاحبه، ومن هو صاحب أصعب بيت شعر عربي؟» هذا حوار حقيقي وليس مشهدا سينمائيا من فيلم «الناظر»، حدث بالفعل ما بين أطفال لا يزيد عمر الواحد منهم عن 18 عاما، لكنهم تباروا فيما بينهم خلال ساعات الانتظار، تمهيدا لمقابلات شخصية مع لجان تحكيم المشروع الوطني للقراءة، والذي تنظمه مؤسسة البحث العلمي الإماراتية، واختتمت فعالياتها اليوم الأحد، بعد يومين من اللقاءات الشخصية مع 44 متسابقا فائزا نجحوا في الوصول على التصفيات النهائية بعد رحلة من المنافسة طوال عام ونصف.
بدأت القصة من إعلان مؤسسة البحث العلمي الإماراتية عن إطلاقها للمشروع الوطني للقراءة في مصر، العام الماضي ولمدة 10 أعوام، بأهداف محددة وتتسق مع رؤية مصر 2030، ويتوافق مع أجندة وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والثقافة والتضامن والشباب والرياضة ورؤية الأزهر الشريف ورسالته، وهي نشر المعرفة ودعم الكتاب، والحفاظ على اللغة العربية، وتشجيع الطلاب على القراء، وإحداث نهضة في القراءة، وجعل منها أولوية لدى جميع فئات المجتمع، وتنمية الحسّ الوطني والشعور بالانتماء للقيم الوطنية والإنسانية، حيث رصدت 200 مليون جنيه خلال فترة المشروع.
المشروع الذي تقدم له 3.5 مليون قارئ من طلاب المدارس والجامعات، وهم يمثلون 11.5% من أعداد طلبة المدارس والمعاهد الأزهرية وطلبة الجامعات والمعلمين، بالإضافة إلى المعلمين والمؤسسات التنويرية، يتنافسون للحصول على لقب "الطالب المثقف" و"القارئ الماسي"، و"المعلم المثقف" و"المؤسسة التنويرية"، التي يحصل فيها صاحب المركز الأول على مليون جنيه، فيما يحصل باقي الفائزون على مبالغ مالية تصل إلى 50 ألف جنيه بالإضافة إلى زيارة اكبر مكتبة في العالم.
التصفيات التي تمت على مدار يومين، كان نصيب الأطفال، من طلاب المدارس فى اليوم الأول، حيث تم عمل مقابلات شخصية لـ20 طالبا، أعلنت إدارة المشروع عن ترتيب 17 منهم، بداية من الفائز الرابع وحتى العشرون، فيما يتم الإعلان عن ترتيب الثلاثة الأوائل في الاحتفال الرسمي في شهر سبتمبر المقبل، وهم ملك محمد شعبان، من محافظة الفيوم، ونور عمر طالبة الصف الثاني الثانوي الأزهري، من القاهرة، معاذ سي نويين، من القاهرة.
فيما يتنافس 24 قارئا من طلاب الجامعات والمعلمين فى الفوز بالألقاب، والجوائز المالية التي تبلغ إجمالي قيمتها في الدورة الأولى 20 مليون جنيه، فيما لا تزال إدارة المشروع في إجراءات تقييم المؤسسات المشاركة في البعد الرابع من أبعاد المشروع وهو "المؤسسة التنويرية".
ورغم تأثير جائحة كورونا على الدورة الأولى للمشروع الوطني للقراءة، حيث انطلقت مؤسسة البحث العلمي بالتعاون مع شركاء استراتيجيين، وهم وزارتي التربية التعليم والتعليم العالى والأزهر الشريف، الا ان المشاركة فاقت التوقعات، حيث نجح 3.5 مليون قارئ فى التسجيل فى المسابقة، من كل المحافظات المصرية.
وخلال عام كامل من التنافس، الذي بدأ بمرحلة التنافس داخل المدرسة الواحدة، ثم التنافس في نفس الإدارة التعليمية، ثم على مستوى المحافظة، وصولا للتنافس على مستوى الجمهورية، فقد نجح 44 قارئا فى الوصول إلى التصفيات النهائية، الأمر الذي دفع المؤسسة إلى اعتماد أسماء 4 فائزين مكررين اضافة عن الـ40 فائز المقررين ليصبح الفائزون 44 فائزا من 20 محافظة.
ووفقا للإحصائيات الرقمية والتحليلات البيانية، بلغ عدد المرشحين فى المرحلة الأولى للتصفيات 850 طالبا وطالبة ومعلما من أنحاء جمهورية مصر العربية، بمؤسساتها التعليمية المختلفة من مراحل التعليم الأساسي وحتى الجامعي، بالإضافة إلى عدد 14 مؤسسة من المؤسسات التنويرية المشاركة.
وأعلنت إدارة المشروع عن ترتيب أسماء الفائزين في بعد "الطالب المثقف"، والتي تشتمل 4 فئات، وهم الفئة الأولى: وتشمل الصفين الأول والثاني الابتدائي، وفاز فيها خمسة من الطلبة من الصف الثاني الابتدائي من محافظات (القاهرة والوادي الجديد والفيوم والإسكندرية ودمياط)، للفائز الأول منهم جائزة قدرها نصف مليون جنيه.
أما الفئة الثانية: تشمل الصفوف من الثالث الابتدائي إلى السادس الابتدائي، وفاز فيها خمسة من الطلبة أيضا ثلاثة من الصف السادس وطالب من الصف الخامس وطالب من الصف الرابع من محافظات (جنوب سيناء وقنا والإسكندرية وكفر الشيخ وأسوان)، للفائز الأول منهم جائزة قدرها نصف مليون جنيه.
الفئة الثالثة: تشمل الصفوف من الصف الأول الإعدادي إلى الصف الثالث الإعدادي، وفاز فيها خمسة من الطلبة كلهم من الصف التاسع من محافظات (الإسكندرية وبني سويف والدقهلية وسوهاج وأسوان)، للفائز الأول منهم جائزة قدرها نصف مليون جنيه.
الفئة الرابعة: وتشمل الصفوف من الأول الثانوي إلى الثالث الثانوي، وفاز فيها خمسة طلاب، اثنان منهم من الصف الثالث الثانوي واثنان من الصف الثاني الثانوي وطالب من الصف الأول الثانوي، من محافظات، (الدقهلية وكفر الشيخ والقاهرة والقليوبية والمنيا)، للفائز الأول منهم جائزة قدرها نصف مليون جنيه.
فيما يحصل الفائز بلقب "الطالب المثقف" على مليون جنيه، ويتم الإعلان عن اسمه في الحفل الختامي، في شهر سبتمبر المقبل، كما سيعلن خلاله عن انطلاق الدورة الثانية من المشروع، ليحتضن ملايين أخرى من القراء والكتب والإنجازات والأفكار لنصل معاً إلى نسبة 100% عبر الأعوام القادمة.
أروى محمود محمد عبدالكريم، طفلة تبلغ من العمر 11 عاما، جاءت من مدينة قوص بمحافظة قنا، لتشترك في المشروع الوطني للقراءة، قالت إنه خلال تواجدها بالمدرسة، طلبت منها اخصائية المكتبة أن تشترك فى مسابقة المشروع الوطني للقراءة، بسبب حبها للقراءة وتواجدها الدائم بالمكتبة، وبالفعل اشتركت.
وأضافت أروى أنها قرأت أكثر من 30 كتابا، منها: "أولاد وبنات بلدنا، وحقيبة كبيرة من الهموم، وكن صديقا للأشجار"، مؤكدة أنها تحب قراءة كتب التاريخ والجغرافيا والدين، وأن والديها أول من شجعوها على حب القراءة.
وأكدت أنها اشتركت في أكثر من مسابقة لتصل إلى التصفيات النهائية، إلا أن التصفيات على مستوى الجمهورية كان الأصعب بسبب وجود عدد كبير جدا من الطلاب وأن الأسئلة التي وجهت لها كان منها اسم الكتاب والمؤلف ودار النشر وما استفادتها من القصة.
ومن جانبها، قالت نور عمر، طالبة بالصف الثالث الثانوي الأزهري، إنها بدأت القراءة منذ الصف الثالث الابتدائي، وتمكنت من قراءة الكثير من الكتب، فهي تؤمن بأنه "عندما تقرأ 10 كتب تظن نفسك فيلسوفا، وعندما تصل للكتاب الـ100 تظن أنك تعرف الكثير، لكن عندما تصل إلى الكتاب الـ1000 تدرك مدى جهلك".
وأكدت نور أنها لا تعرف عدد الكتب التي قرأتها، لكنها قرأت في مجالات متعددة منها قراءة كتب السيرة والمسرح والفلسفة والكيمياء وعلم الأنسجة، والتاريخ والروايات، لكنها لا تفضلها، فالروايات قراءات نفسية وليست قراءة جادة.
وتابعت أن حب والديها للقراءة والكتابة، ونقاشهم القانوني الدائم حول المرافعات القضائية بسبب عملها محاميان، زاد من حبها للقراءة خاصة مع دعم عائلتها لها مثل جدتها التى تخصص لها مصروف شهري لشراء الكتب، رغم أنها ترى ضرورة أن تركز على المواد المدرسية بشكل أكبر، لكنها تؤكد لى دائما أن "مال العلم مال مخلوف"، فهو غذاء للعقل والروح.
وعن أسماء الكتب التي شاركت بها في المسابقة، قالت إنها شاركت بكتاب لماذا تفشل الأمم، ورواية ثلاثية غرناطة لـ رضوى عاشور، ومبادئ الفلسفة، وسيرة محمد على كلاي.
وبدوره، قال الدكتور هشام سنجارى، مدير المشروع الوطني للقراءة في مصر، إن المشروع الذي استهدف طلاب ومعلمو مصر، بدأ من المدارس، حيث يوجد منسقين للمشروع في كل المدارس، وهم أخصائي المكتبات والمعلمين، الذين تواصلوا مع الطلاب، وشجعوهم على المشاركة، ثم تم عمل منافسات بين طلاب المدرسة الواحدة، لاختيار 3 طالب يمثلون الفئات العمرية المختلفة، ثم يلي ذلك مسابقة بين المدارس لاختيار الطلاب الأفضل على مستوى الإدارة التعليمية، ثم التنافس على مستوى المحافظة، والتى تم فيها اختيار 5 متنافسين في الـ4 فئات تعليمية.
وأضاف أنه بالنسبة لطلاب الجامعات، فقد تمت بنفس المنهجية، حيث تم عمل مسابقات تنافسية بين الطلاب في الكليات ثم الجامعة ثم على مستوى جامعات مصر، حيث نجح 11 طالب فى الفوز بالمشروع، يحصل الطالب الماسي على مليون جنيه، فيما تتفاوت جوائز باقي المراكز وصولا إلى 100 ألف جنيه.
وتابع أنه تم التنافس بين طلاب 27 محافظة، ونجح 44 فائزا في الفوز في المسابقة، وأن المرحلة الأخيرة التي تمت على مدار يومي 7 و8 أغسطس كان يتم ترتيب مراكز الفوز.
وأكد أن المشروع استهدف للمرة الأولى "المعلم المثقف"، حيث نجح 13 معلما للفوز في المشروع، بالإضافة إلى المؤسسة التنويرية الداعمة للقراءة، حيث تقدم فيها 14 مؤسسة ويجري حاليا تقييمهم.
وأكمل أن المشروع يهدف إلى تشجيع طلاب مصر ومعلميها على القراءة، لافتا إلى أن المشروع شهد إقبالا غير متوقعا، وكانت المنافسات فيه قوية وحميدة، فجميع من شارك، قرأ 30 كتابا باللغة العربية.