سيدة الليالي الدافئة: 83 سنة طرب مع نجاة الصغيرة (2-3)
الرومانسية والرقيقة والملائكية، وصاحبة أحلام الصبا والشباب وسيدة الليالي، صوت النيل العابر للزمان، وأصالة الغناء العربي المتجسدة في موهبتها التي سطعت طوال عدة عقود، نحتفل بعيد ميلادها بالتأمل في ذكرياتنا وأيامنا البعيدة والقريبة معا، ونستعيد تأثيرات نجاة في عدة أجيال متعاقبة.
الفنانة نجاة الصغيرة طفلة مع والدها و أخوها و نخبة من كبار الخطاطين في مصر و لقطة تذكاريةنادرة عام ١٩٤٦ م- تلوين الفنان الكبير محيي الدين اللباد
الروائي أسامة علام قال إن لصوت نجاة الصغيرة مساحة واسعة فى الذاكرة الجمعية للغناء العربى، هذا الصوت الحنون الناعم القادر بعفوية على الاشتباك مع عاطفتك الخاصة، يعود بك الى بكارة الأيام الأولى فى تعلم المحبة، انه صوت يعرف طريقه الى قلوب الأسرة المصرية، صوت تردده الأمهات أثناء تحضير وجبة العشاء أو المراهقات فى انتظار جواب غرامى أو الرجال فى جلسات السمر، صوت ليلى وشتوى بامتياز، وهما خاصيتان يستطيعا فك شفرة ارتباط القلوب بهذا الصوت وصاحبته صاحبة الوجه المبتسم دوما، تصاحبك نجاة عندما يهدأ الجو وتقل حركة البشر. تدخل بك الى عالم أغانيها فتؤنسك بالاستماع الى شكواها التى تكتشف أنها شكواك الخاصة. أنت لا تحتاج الى مدفئة فى ليال الشتاء الطويلة التى تجعلها وحدتك وبرودة الطقس أوقات صعبة. فقط استمع الى نجاة الصغيرة بعبقرية صوتها الحية. ومع مرور النغمات فى روحك ستشعر بالدفئ. وستشعر روحك بمؤانسة تغنيك عن ضجيج البشر.
المطربة الصاعدة في ذلك الوقت "نجاة الصغيرة" تحتضن طفلها الصغير.من كواليس أول تسجيل تلفزيوني بالأبيض والأسود لأغنية "أيظن" .ستوديو مصر - يوليو عام ١٩٦٠م
يضيف أسامة علام:"نجاة الصغيرة لا تغنى كى تطربك، فقط، كما يفعل الكثيرون، نجاة تشعرك بأنك شريكها فى المعاناة أو الفرح بذلك التآمر الذى لا يتقنه سوى أفراد أسرتك، ستجد ملامحها بالتأكيد فى أحد بنات العم أو الخال أو بنات الجيران، أغانيها قصص عشق مررت بتفاصيلها أو سمعتها من أحد المقربين جدا لك، مشروعها الفنى على طوله وغناه وتنوعه مربك، وسبب أرباكه هو أنك لا تستطيع اختيار أغنية واحدة أو حتى مجموعة من الأغانى لتصفها بأنها الأفضل. لكنك بكل صدق تستطيع أن تصف نجاة الصغيرة نفسها بأنها الأكثر رقة بلا تصنع والأكثر دلال فى التاريخ الحديث للأغنية العربية، صوتها متفرد يقف فى منطقة خاصة صنعها بنفسه فى وجدان المستمع، صوت لا يشبه الا نفسه ولايمكن مقارنته بأى مطربة أخرى، شديدة الصدق هى نجاة الصغيرة عندما تغنى، فيخرج صوتها مباشرة من قلبها ويسكن مباشرة فى قلوبنا، صوت يذكرنى بأيام المذاكرة ورحلات السفر ووجه حبيبتى ومصر الجميلة جدا".