المستشار أسامة الصعيدي يكتب.. بعد الاطلاع.. احذروا التحرش الفكري
دعونا نعترف أن جريمة التحرش الجنسي هي من الجرائم التي انتشرت في مجتمعنا خلال الفترة الأخيرة، إلا أن المشرع المصري تصدى لها بكل حزم ووافق مجلس النواب مؤخراً على تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 وذلك بتغليظ عقوبة التحرش لتكون جناية بدلاً من كونها جنحة نظراً لخطورتها الشديدة على المجتمع وانعكاساتها النفسية والاجتماعية على المجني عليه وذويه وايضاً تحقيقاً للردع بنوعيه العام والخاص.
وبعيداً عن الحديث بشأن التحرش الجنسي يوجد تحرش من نوع آخر لا يقل خطورة عن التحرش الجنسي، أنه التحرش الفكري والذي يحتاج مواجهة تشريعية أيضاً كما هو الحال في التحرش الجنسي فهو آفة جديدة قد تنتهي بالاغتصاب الفكري.
وفي مقام الحديث عن التحرش الفكري وخطورته، فهذا النوع من التحرش هو التعرض والانتهاك لعقل الضحية لتقبل أفكار هدامة وغير صحيحة وبعبارة أخرى هو صناعة أفكار سلبية وبثها في عقول الغير "الضحايا" للتمكن من السيطرة على أمور كثيرة قد تكون "مادية" "ايدلوجية" أو حتى "عقائدية" وغالباً ما يتبع هذا التحرش تقبل أفكار غير صحيحة غايتها تدمير أوصال المجتمع وهدم أركانه.
فالتحرش الفكري هو أشد خطورة من التحرش الجنسي، خاصة أنه يتعدى حدود إيذء أو الحاق ضرر بالضحية فقط، لأن الضحية في التحرش الفكري هو الوطن.
والطامة الكبرى أن يصبح هذا التحرش الفكري نمطاً سائداً بين الناس وثقافة عامة في حياتنا الخاصة، وقد يتم التحرش بتاريخ إنسان، وتشويه شخصيته وأفكاره، عبر كتائب قد لا يكون لها نظم أو رابط ، وإنما غايتها سوء الغرض والحرص على مصالحها الذاتية.
وفي النهاية "احذروا التحرش الفكري فهو يفرض عليكم أفكاراً تعلمون عدم صحتها وخطئها وترغمون على قبولها والتعامل معها على أنها امر واقع، وهو استمرار لثقافة اللافهم واللاعلم واللاتفكير واللاوعي"
كاتب المقال المستشار أسامة الصعيدي