لويس التاسع يقود حملة صليبية ضد الشرق .. هل اتفق مع المغول؟
تحرك لويس التاسع ملك فرنسا فى حملة صليبية كبيرة ناحية الشرق قاصد الدخول إلى القدس من ناحية مصر، لأنه كان يعرف أن هزيمة مصر تعنى نهاية القضية، لكن هل كان البابا يرفض هذه الحملة؟
يقول كتاب "الحروب الصيبية كما رآها العرب" لـ أمين معلوف:
"عندما عزم ملك فرنسا لويس التاسع على تنظيم حملة جديدة على مصر فى عام 1247م حاول الإمبراطور فريدريك ثنيه عن عزمه، وأكثر من هذا فإنّه كان يعلم أيوب ابن الملك الكامل أوّلا بأوّل باستعدادات الحملة الفرنسية.
وكان أن وصل لويس إلى الشرق فى سبتمبر 1248م، ولكنّه لم يتوجّه مباشرة إلى الشواطىء المصرية مُقدِّراً أنّ خوض معركة قبل الربيع قد يكون مخاطرة كبرى. وعليه فقد أقام فى قبرص جاهداً أشهر الراحة هذه فى تحقيق الحلم الذى سيراود الفرنج حتى نهاية القرن الثالث عشر (الميلادي)، بل إلى ما بعد ذلك: إبرام حلف مع المغول لوضع العالم العربى فى فكّ كمّاشة. وأخذ السفراء يتنقّلون مذّاك بين غزاة الشرق وغُزاة الغرب.
وفى نهاية عام 1248م استقبل لويس فى قبرص بعثة مغولية ذهبت إلى حدّ التلويح له بإمكان اعتناق المغول الديانة المسيحية، وإذ دغدغت هذه التلويحات مشاعره فقد بادر إلى تزويد البعثة عند عودتها بهدايا دنيوية ودينية نفيسة، بيد أن خلفاء جنكيز خان لم يدركوا القصد من بادرته، وإذ كانوا ينظرون إلى ملك فرنسا على أنّه واحد من أتباعهم فقد سألوه أن يُرسِل إليهم فى كل عام هدايا من النوع نفسه، ولسوف يجنّب هذا الالتباس العالم العربي، آنيّاً على الأقلّ، هجوماً متوافَقاً عليه من العدوّين.
وعليه فقد اندفع الغربيّون وحدهم فى الهجوم على مصر فى الخامس من يونية 1249م، ولكن ليس من دون أن يتبادل العاهلان (الفرنسي والأيوبى) حسب تقاليد العصر إعلانات الحرب الراعدة. فقد كتب لويس يقول: «كنت قد وجّهتُ إليك عدّة إنذارات فلم تحفل بها. وقد اتّخذت الآن قراري: سوف أهاجم بلادك، ولن أعود عن رأيى حتى وإن أبديت ولاءك للصليب. وإنّ الجيوش التى تدين لى بالطاعة لتملأ الجبال والسهول، وهى بعَدَدِ الحصى والتراب، وتسير إليك بسيوف القَدَر». ولقد دعم ملك فرنسا تهديداته بأن ذكّر عدوّه ببعض الانتصارات التى حقّقها المسيحيون فى العالم الماضى على مسلمى إسبانيا: "لقد طاردنا جماعتكم أمامنا كقطيع من البقر وقتلنا الرجال ورمّلنا النساء وسبينا البنات والصبيان. أليس فى ذلك عبرةٌ لك؟" وكان جواب أيّوب من المعين ذاته: "أنسيتَ أيها الأحمق الأراضى التى كنتم تحتلّونها ففتحناها فى الماضى وحتى من عهد قريب؟ أنسيتَ ما أنزلنا بكم من فواجع؟" وإذ كان واضحاً أن السلطان كان يعى قلّة عدد عسكره فقد وجد ما يشدّ من أزره بالاستشهاد بالقرآن (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين)، وشجعه ذلك على التنبؤ للويس بأن: «هزيمتك محتّمة، ولن تلبث أن تندم أشدّ الندم على المغامرة التى تورطت فيها".