كشف لغز قتل ربة منزل لطفلتها بسكين
في جريمة تعد من الجرائم فائقة البشاعة والتصور التي ابتلي بها المجتمع المصري مؤخرا، تجردت ربة منزل في بولاق الدكرور من كافة العواطف والمشاعر والأحاسيس، وعندما كانت ابنتها الصغيرة بجوارها تبكي بكاء مستمرا والأم راحت في سبات عكر صفوه ذلك البكاء المستمر الذي لا ينقطع بالضم والهدهدة العصبية، وبدلا من أن ترضع طفلتا أو تحاول حملها لتهدئتها وجدت تلك الأم نفسها تقوم غاضبة من جانب طفلتها لتجد سكينا كانت نسيتها على مائدة صغيرة، فتمسك بالسكين ملوحة للطفلة الرضيعة ذات العامين بأنها إن لم تصمت وتدعها تستكمل نومها فستقتلها، لكن الطفلة لا تدرك واستمرت في البكاء، فما كان من هذه الأم إلا أن طعنتها طعنة قاتلة في رقبتها صمتت على إثرها الطفلة دون حراك بعد أن أخرجت حشرجة قصيرة جدا، ووجدت تلك الأم الدماء تتفجر من ابنتها فأخذت في الصراخ والعويل، فتجمع الجيران وهداها تفكيرها الشيطاني للتخلص من الجريمة إلى إبلاغهم أن ابنتها الرضعية سقطت من أعلى السلم على قطعة من الحديد.
وأسرع الجيران والأم بالقتيلة للمستشفى التي أبلغت قسم شرطة بولاق وبدأت التحريات حول ملابسات الحادث، خاصة ان الأم بدا عليها اللامبالاة من ناحية والارتباك من ناحية اخرى؛ مما جعلها تبدو في صورة غير طبيعية، وبعد استجواب الأب الذي أنكر علمه بأسباب الجريمة حيث كان في مقر عمله، وبعد تضييق الخناق على الأم اعترفت منهارة بأنها هي التي طعنت طفلتها دون أن تقصد ودون وعي؛ لأنها كانت تحاول النوم بشدة من شدة الإرهاق وابنتها دائمة البكاء، فوجدت نفسها تطعنها دون أن تدري، خاصة وأنها تمر بحالة نفسية صعبة جراء تحمل ضغوط الحياة وعدم توفر سبل المعيشة؛ لأن راتب زوجها لا يكفي ومتطلبات الحياة صعبة وزوجها دائم الشجار معها، وفي ليلة الحادث ظلت ساهرة على هذه الابنة القتيلة إلى بعد الفجر ترعاها ومع محاولة نومها قليلا وتعبها الشديد انفجرت الطفلة في بكاء مرير، فأدت كل تلك الظروف إلى قتلها ابنتها وهي في غير وعي، وانهارت الأم وأمسكت عن الكلام، وأكد زوجها إصابتها بحالة نفسية سيئة منذ فترة دون أسباب حقيقية، وأنه قد تزوج من هذه الأم منذ 6 سنوات ولهما طفل عمره 5 سنوات مع هذه الابنة الرضيعة القتيلة، وأنه رغم بشاعة الحادث مشفق على الام لعدم اتزانها، وقد صرحت النيابة بدفن جثمان المجني عليه بعد توقيع الكشف الطبي عليها بمعرفة خبراء مصلحة الطب الشرعي للوقوف على أسباب الوفاة.وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه المتهمة، وجاري استكمال التحريات لكشف ملابسات الحادث، وأخطرت النيابة للتحقيق.
وبسؤالنا للدكتور أحمد غندر استشاري الامراض النفسية والعصبية، عن ملابسات الجريمة أفاد أن هناك نوعا من الضغوط النفسية يؤدي إلى القتل، وذلك بعد ان يتسبب في أمراض نفسية خطيرة قد لا تكون ظاهرة للشخص المصاب ولا المحيطين به، فقد أظهرت الدراسات المختلفة التي أجريت في العقد الماضي وجود علاقة بين الاضطرابات العقلية، والنفسية، والسلوك العنيف، الذي يؤدي إلى القتل، حيث يعتبر القتل أخطر مظاهر النزاعات العنيفة. وتشير العديد من الدراسات، وأساليب الحساب المختلفة، إلى وجود ألف جريمة قتل، أو أكثر في السنة يرتكبها أشخاص يعانون من مرض عقلي حاد غير معالج . وتشير الأبحاث - كما يؤكد غندر - إلى أن غالبية أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 40 سنة، أو أكثر من مرتكبي جرائم القتل كانوا يعانون من أمراض نفسية، وأن هناك تاريخ عائلي إيجابي للمرض النفسي .كما أكدت الأبحاث أن القتل، ومحاولة القتل في إطار زواج مستقر كان دائما تقريبا نتيجة للأمراض النفسية الخطيرة، بالإضافة إلى الحالات الصريحة لمرض انفصام الشخصية والاكتئاب، ومرض جنون العظمة، مرض اضطراب الشخصية . والعديد من جرائم القتل التي يرتكبها المرضى النفسيين يرتكبها أشخاص لم يكونوا يعانون من مرض عقلي “شديد”، وبدلاً من ذلك كان لديهم تشخيص أساسي لاضطراب الشخصية، أو المخدرات، وانفصام الشخصية . والجناة الذين عانوا من أعراض المرض العقلي (نقص النوم كما في حالتنا هذه ، والاكتئاب كما في حالتنا أيضا ، والأوهام ،والهلوسة، أو غيرها من الأعراض الذهنية مثل السلبية) في وقت القتل تم تعريفهم على أنهم مرضى عقليا وقت ارتكاب الجريمة .
وللحد من خطورة الأمراض النفسية التي تؤدي إلى القتل – في رأي غندر - يجب تحديد الأشخاص المعرضين لخطر العنف، وتقديم خدمات علاج الصحة العقلية، يجب أن تمنع هذه الخدمات فقدان الاتصال، وعدم الامتثال للمعالجة التي تسبق القتل في كثير من الأحيان من قبل أشخاص يعانون من اضطرابات عقلية شديدة، ومن الأهمية بمكان أن يقلل المجتمع، والسلطات الحكومية من الحواجز التي تحد من الوصول إلى العلاج النفسي.