لماذا فرح الخديو توفيق بانتصار الإنجليز في معركة التل الكبير؟
تمر اليوم الذكرى الـ139 على هزيمة الزعيم أحمد عرابى، في معركة التل الكبير، وبداية الاحتلال البريطاني لمصر، حيث دخل الإنجليز بعدها القاهرة واستقبلهم الخديوي توفيق، واستعرض القوات البريطانية ووقع عرابي في الأسر وحكم عليه بالإعدام ثم خفف للنفي لينتهي الأمر بأن تقع مصر تحت الاحتلال الإنجليزي.
ويحمل الكثيرون "عرابى" بتسببه في الاحتلال الإنجليزى لمصر والذى دام نحو 72 عاما، بسبب ثورته ضد رأس الحكم الخديو توفيق، وهزيمته أمام الإنجليز في معركة التل الكبير، بعد تعرضه للخيانة، فماذا ذكر مؤرخى عصره، وكيف كان رد فعل الخديو توفيق.
الغريب أن المؤرخ عبد الرحمن الرافعى، أحد المقربين فكريا من الزعيم مصطفى كامل، ذكر فى كتاب "الثورة العرابية و الاحتلال الانجليزى"، أن الجيش البريطانى بقيادة الجنرال ولسلى، بدأ التأهب للتحرك فى مساء يوم 12 سبتمبر، وفى الثانية عشر صباحا تحركت القوات، وأعطى الجنرال ولسلى تعليماته بأن تطفأ الأنوار أثناء السير، حتى لا يشعر العرابيون بزحفه، وكان يتقدم الجيش البريطانى بعد رجال الأسطوال الذين لهم دراية بالاسترشاد بالنجوم لمعرفة خط السير فى الصحراء، ولكن هؤلاء لم يكن فى استطاعتهم الاهتداء إلى مسالك الصحراء، بل كان المرشدون الحقيقون لفيفا من أتباع "حزب الخديوى" حسبما ذكر المؤلف، وأمامهم عربان الهنادى ممن اشترى الإنجليز ذممهم واتخذوهم عيونا لهم وجواسيس.
وبحسب الدكتور أحمد عبد ربه، النظم السياسية المقارنة بجامعة القاهرة، في في مقال له بعنوان "محاكمة عرابى وثورة المهدى" فأن كان احتلال مصر بمثابة انتصار للخديوى توفيق! فالاحتلال أنهى عمليا الثورة العرابية، ومن ثم زال أكبر تهديد واجه الخديوى منذ أن تولى حكم مصر، فعاد إلى القاهرة فى موكب مهيب وتلقى التهنئة من كبار رجال الدولة ومن بعض العامة والمشايخ الذين لم يكونوا على وفاق مع عرابى.
أكمل الخديوى توفيق قراراته بمنح نياشين لـ 52 ضابطا فى الجيش الإنجليزى، ثم أتبعها بحملة اعتقالات واسعة طالت العامة ممن كانوا فى صفوف عرابى. أما عرابى نفسه فقد تمت محاكمته بشكل هزلى، ووفقا للكاتب محمود صلاح فى كتابه "محاكمة زعيم. أوراق القصة الأصلية لمحاكمة أحمد عرابى" والصادر عن دار نشر مدبولى فى 1996، فإن المحاكمة لم تستغرق سوى 5 دقائق اعترف فيها عرابى ومحاميه الفرنسى بعصيان أوامر الخديوى وحمل السلاح ضده وتم إبلاغ عرابى بالحكم بقتله مع تعطيل الحكم بناء على عفو الخديوى ونفى عرابى ورفاقه من البلاد على أن يتم تثبيت عقوبة القتل حال مخالفة قرار النفى والعودة إلى مصر!