إعصار شاهين يضرب سواحل عمان.. من أين جاء وهل يمثل تهديدا على مصر؟
شهدت سلطنة عمان خلال الساعات الماضية هبوب رياح عاتية نتيجة ضرب إعصار شاهين، حيث تعرضت المناطق الساحلية إلى حالة جوية سيئة.
وطالب السلطات العمانية السكان مغادرة منازلهم والبقاء في مراكز إيواء أعلنت عنها؛ لعدم التضرر من آثار الإعصار المدمر.
وانتشرت مقاطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعى، إضافة إلى مقاطع مصورة أخرى نشرتها وكالة الأنباء العمانية، تظهر الحالة الجوية السيئة التي تتعرض لها بعض المدن في عمان، وهطول الأمطار بغزارة في أماكن متفرقة من السلطنة، وعلى رأسها منطقة الوادي الكبير في ولاية مطرح، وولاية بوشر، والوطية، وشاطئ مطرح، والعديد من المنطقة البحرية في عمان.
كما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي لقطات من انهيار جبلي جزئي في الوطية بمحافظة مسقط، بسبب الأمطار الغزيرة الناجمة عن إعصار شاهين، إضافة إلى مشاهد أخرى للسيول وهي تسير في شوارع منطقة الوادي الكبير في ولاية مطرح بمحافظة مسقط، وأيضا لقطات من اجتياز الأمواج العاتية حاجز الحماية في شاطئ مطرح، وتصل لـ الشوارع المحاذية.
عُمان تصدر التحذير الرابع
وأصدرت هيئة الطيران المدني العمانية تحذيرها رقم 4 بشأن الإعصار الذي جاء فيه: «بدأت التأثيرات المباشرة للإعصار المداري شاهين صباح اليوم الأحد على محافظتي مسقط وجنوب الباطنة بأمطار غزيرة (50-110 ملليمترات)».
وأشارت إلى أن آخر صور الأقمار الاصطناعية وتحاليل المركز الوطني للإنذار المبكر توضح أن هنا الكثير من المخاطر المتعددة بسبب الإعصار.
وحذرت الهيئة من إمكانية استمرار الأثر السلبي للإعصار على محافظتي مسقط والباطنة بأمطار غزيرة مصحوبة بهبوب رياح قوية خلال الأحد، متوقعة وصول «التأثير المباشر خلال الساعات القليلة المقبلة إلى محافظات شمال الباطنة والظاهرة والبريمي والداخلية برياح شديدة».
ودعت الهيئة هيئة الطيران المدني الناس إلى ضرورة أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر وعدم المجازفة بعبور الأودية والابتعاد عن المناطق المنخفضة. وحذرت أيضا من دخول البحر خلال هذه الفترة.
واتخذت السلطات العمانية إجراءات احترازية من شأنها امتصاص الأثر السلبي الحاد لتلك للإعصار.
وحسب وكالة الأنباء العمانية، تضمنت الإجراءات قطع الحركة المرورية في محافظتي شمال وجنوب الباطنة، وعدم السماح بالتنقل إلا للحالات الطارئة والإنسانية نظرا لاقتراب عين الإعصار من منطقة دخولها اليابسة وتحسبا لغزارة الأمطار المتوقعة مع شدة الرياح المصاحبة لها وحرصا على سلامة الأرواح.
ووجه المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة «بضرورة التعجيل في عملية إخلاء منطقة الحي التجاري ومنطقة لولاج بالقرم وسوف يتم قطع التيار الكهربائي تفاديا لأي خطر».
وأعلن قطاع الخدمات الأساسية في عمان عن قطع التيار الكهربائي احترازيا عن عدد كبير من المناطق في عمان «تفاديا لأي خطر قد يشكله استمرار سريان التيار وسط هذه التقلبات الجوية العنيفة».
وقالت وكالة الأنباء العمانية، إن «مركز الإعصار المداري حاليا حوالي 60 كم شمال شرق محافظة مسقط وتُقدر سرعة الرياح حول المركز بـ 64 عقدة أي ما يعادل 116 كم في الساعة».
كيف بدأ إعصار شاهين؟
ويعد إعصار «شاهين» امتدادا لإعصار ظهر قبل أيام في منطقة خليج البنغال، حيث لاحظ المركز المشترك للتحذير من الأعاصير (JTWC) التابع للبحرية الأميركية، يوم 29 سبتمبر، حدوث إعصار في تلك المنطقة متجها نحو الهند من بنجلاديش، وأطلقت عليه باكستان اسم "جولاب" التي تعني «وردة» باللغة الإنجليزية.
وقد أصدرت إدارة الأرصاد الجوية الهندية (IMD) تحذيرا من أن الإعصار يمكن أن يصل إلى اليابسة في مختلف المناطق الساحلية في الهند، وبالفعل لامس الإعصار المناطق الساحلية شمال أندرا براديش، وجنوب أوديشا، وفيدهاربا، ومهاراشترا، ولكنه سرعان ما بدأ تدريجياً يفقد سرعته وقوته حتى رحل تماما عن المنطقة.
وأشارت إلى أن إعصار جولاب الذي بدأ في خليج البنغال ظهر مرة أخرى في غضون 3 أيام فوق بحر العرب، تحت مسمى جديد أطلق عليه «شاهين»، و يُعد من بين نظامين مناخيين شديدين للغاية يتطوران فوق الأجزاء الشرقية والغربية للهند، ما قد يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة وواسعة النطاق.
وفقاً لموقع «يالي» المختص بالمناخ، يُعد «شاهين» أول إعصار استوائي يضرب الساحل الشمالي لعُمان، مشيراً إلى أن هذا النوع من العواصف المدارية من المحتمل أن يتسبب في حدوث الفيضانات المفاجئة المدمرة والعواصف والرياح العاتية، ما دفع السلطات إلى إعلان يومي الاثنين والثلاثاء عطلة رسمية للسماح للناس بالاستعداد للعاصفة، إلى جانب إخلاء مناطق عديدة من سكانها إلى مراكز الإيواء.
ولا يعتبر "شاهين" الإعصار الأول الذي يصيب منطقة ساحل عُمان، ففي يونيو عام 2007 ضرب إعصار «جونو» غرب بحر العرب، حيث طال الطرف الشرقي من عُمان قبل أن يتحول إلى منخفض استوائي جنوب إيران.
ويُعد الإعصار المداري الوحيد والأقوى الذي تم تسجيله في ذلك البحر على الإطلاق وتسبب آنذاك، بحسب الموقع ذاته، بخسائر تجاوزت 4 مليارات دولار، خاصة في عُمان وأدى إلى وفاة 78 شخصاً على الأقل.
وفي عام 2010، اتخذ إعصار «فيت» مسارا مشابها تقريبا نحو الطرف الشرقي لعُمان قبل أن يتجه شرقا، متسببا في أضرار تزيد عن 800 مليون دولار و24 حالة وفاة.
ما هي تأثيرات الإعصار؟
وتوقع «مركز التحذير المشترك من الأعاصير»، ، أن يتحرك شاهين من الغرب إلى الشمال الغربي ثم يتجه نحو الغرب والجنوب الغربي في خليج عُمان، ما يجعل اقترابه من العاصمة مسقط محتملا مساء اليوم الأحد.
وفي ضوء قوة الإعصار وسرعة الرياح المرجحة بـ 100 كيلومتر في الساعة، قد يضرب «شاهين» اليابسة بالقرب من مدينة صحار (سكانها 220 ألف نسمة)، حيث يجري تنفيذ أحد أكبر وأسرع مشاريع تطوير الموانئ في العالم نمواً.
وأشار الموقع إلى أنه «إذا كان شاهين سيصل إلى الشمال، فقد يؤثر ذلك على ميناء الفجيرة في دولة الإمارات، ثاني أكبر مركز لتزويد السفن بالوقود في العالم».
ويمكن أن يُفرغ شاهين الأمطار الغزيرة فوق التضاريس الجافة، ما ينتج عنه فيضانات مفاجئة وخطيرة، في وقت قد تعزز الجغرافيا المقعرة لهذه الجبال التدفق الإعصاري لـ شاهين مع اقتراب العاصفة.
تسمية الأعاصير
بحسب موقع latestly الهندي، اقترحت دولة قطر إطلاق اسم "شاهين" على الإعصار المداري الذي يضرب المنطقة هذه الأيام، والكلمة تُشير إلى أحد أسماء الصقر في اللغة العربية، وقالت إدارة الأرصاد الجوية الهندية إن حدوث إعصارين في منطقة شمال المحيط الهندي لا يُعد أمراً غير مسبوق.
وأضافت أن هناك 5 أعاصير بعد «جولاب» ستحدث فوق البقعة الجغرافية ذاتها، بما في ذلك خليج البنغال وبحر العرب، وهي إعصار شاهين، وجواد، وأساني، وسيترانج، وماندوس.
ورغم أنها تشير إلى الظاهرة المناخية نفسها، لكن تسميات الأعاصير تختلف من منطقة إلى أخرى، ففي الدول التي تقع غرب المحيط الهادئ كالصين واليابان والفلبين يُطلق على الإعصار «تيفون» (Typhoon)، كما يُسمّى في شمال المحيط الأطلسي وشمال شرق المحيط الهادئ باسم (Hurricanes)، في حين يُطلق عليه في دول جنوب غربي المحيط الهادئ والمحيط الهندي اسم "الأعاصير المدارية" (Tropical cyclones).
بدلاً من استخدام المصطلحات والأرقام الفنية، بدأت تسمية العواصف والأعاصير بهدف المساعدة في التعرف إلى هذه الظواهر بشكل سهل وسريع، وخاصة ما يتعلق برسائل التحذير.
وقالت إدارة الأرصاد الجوية الهندية إن شاهين وجولاب وتيج وأجني وآج من بين 169 اسما اختارتها 13 دولة للأعاصير المستقبلية في شمال المحيط الهندي وبحر العرب، على أن يكون الاسم المقترح محايداً للسياسة والشخصيات الرسمية والتاريخية والمعتقدات الدينية والثقافات والجنس.
وتجري عملية اختيار أسماء الأعاصير في المنطقة من قبل 13 دولة هي الهند، بنجلاديش، ميانمار، باكستان، جزر المالديف، عمان، سريلانكا، تايلاند، إيران، قطر، المملكة العربية السعودية، الإمارات واليمن. ووفقاً للمعايير، يتم اختيار الأسماء بحيث يسهل تذكرها ولا تحمل أي معانٍ تحريضية.
ما هو الإعصار؟
تُستخدم كلمة «إعصار» لوصف الظاهرة المناخية التي يتشكّل فيها نظام دائريّ من الغيوم والعواصف الرعدية ذات الدوران المغلق والمستوى المنخفض.
وتتشكّل الأعاصير عادة عندما تكون مياه المحيط دافئة، وبشكل عام حينما لا تقلّ درجة حرارة المُحيط السطحية عن 27 درجة مئوية.
ويعود ذلك إلى أن الحرارة الدافئة لمياه المحيطات، بالإضافة إلى كميات التبخّر فوق سطحها، تؤدي إلى تزويد الإعصار بالطاقة اللازمة لاستمراره وبقائه، ولا يتطلب تحرّك الأعاصير بعد نشوئها وجود المياه الدافئة، حيث تستطيع التحرّك عبر المياه الباردة. كما تتطلّب الأعاصير أن تكون سرعة الرياح متماثلة ومتساوية على جميع الارتفاعات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى اتجاهها.
وقد يتعرض الإعصار لما يُطلق عليه خبراء الأرصاد الجوية قطع الرأس بالإنجليزية (Head cut off)، وذلك في حال افتقار الرياح السائدة عبر الغلاف الجوي إلى خاصية السرعة والاتجاه المتماثل والموحد، سواء أكانت على ارتفاعات عالية أم منخفضة. ويسبق الأعاصيرَ حدوثُ مجموعة من العواصف الرعدية فوق المحيطات.
كيف تصنف الأعاصير؟
بحسب المركز الأمريكي للأعاصير، يتم قياس الأعاصير بمقياس «سافير سيمبسون» الذي طوّر في سبعينات القرن الماضي على يد المهندس هربرت سافير، ومدير المركز الوطني للأعاصير في الولايات المتحدة آنذاك روبرت سيمبسون.
ويحدد المقياس سرعة الرياح التي ترافق الأعاصير فقط، ولا يوفر أي معلومات عن الفيضانات أو الزوابع التي قد تسببها، ولكنه يعطي فكرة عن حجم الدمار الذي يهدد المناطق التي قد يمر بها، حيث يمكنه إحداث عواصف مميتة وفيضانات ناتجة عن الأمطار. وتتطلب هذه المخاطر اتخاذ إجراءات وقائية، بما في ذلك الإخلاء من المناطق المعرّضة للأضرار.
وفي حين أن جميع الأعاصير تنتج رياحاً تهدد الحياة، فإن الأعاصير المصنفة من الفئة الثالثة فما فوق تُعرف باسم الأعاصير الرئيسية، وقد تُسبب خسائر كبيرة في الأرواح.
الدرجة الأولى
سرعة الرياح تكون بين 119 و153 كيلومتراً في الساعة، وقد تُسبب تدمير المنازل وتناثر الحطام وتعرّض خطوط وأعمدة الكهرباء للتلف.
الدرجة الثانية
سرعة الرياح تكون بين 154 و177 كيلومتراً في الساعة، وفي هذا المستوى ترتفع مخاطر وقوع أضرار جسيمة بما في ذلك سد الطرق.
الدرجة الثالثة
سرعة الرياح تكون بين 178 و208 كيلومترات في الساعة، وهناك مخاطر مرتفعة لوقوع إصابات ووفيات وانقطاع الطاقة (الماء والكهرباء).
الدرجة الرابعة
سرعة الرياح تكون بين 209 و251 كيلومتراً في الساعة، ما قد يؤدي إلى تهدم المباني وتناثرها واقتلاع الأشجار وحدوث إصابات ووفيات.
الدرجة الخامسة
سرعة الرياح تكون بقوة 252 كيلومتراً أو ما يزيد على ذلك، ما قد يسبب خسائر كبيرة في الأرواح ويجعل المناطق غير صالحة للسكن.
أعاصير شبه الجزيرة العربية
تؤثر الأعاصير على شبه الجزيرة العربية، وخاصة المناطق المطلة على بحر العرب وهناك 60 إعصارا استوائيا (إعصار مداري) أصاب شبه الجزيرة العربية منذ بدء السجلات المناخية.
وتأثرت دولتي عُمان واليمن بهذه الأعاصير على وجه الخصوص، إضافة إلى الدول الواقعة بالقرب من خليج البنغال قبالة الساحل الشرقي للهند.
ونتج عن هذه العواصف عن خسائر كبيرة جدا ً تصل إلى مليارات الدولارات، ويعود السبب الرئيسي في أضرار الأعاصير المدارية في شبه الجزيرة العربية إلى الفيضانات.
إعصار غونو
يعتبر إعصار غونو أقوى عاصفة مسجلة في بحر العرب عام 2007 والأقوى على اليابسة فقد صُنف على أنه أقوى إعصار استوائي والأكثر تدميرًا في سلطنة عمان؛ خلف خسائر تقدر قيمتها ب 4.2 مليار دولار وقتل ما يقارب 50 شخصا.
وقد اضطر مئات الأشخاص في الإمارات العربية المتحدة لـ الإجلاء بسبب الموجات العالية من غونو وعبرت العاصفة في وقت لاحق خليج عمان وضربت إيران.
إعصار فيت
يُعد ثاني أقوى إعصار مداري يتشكل بعد إعصار غونو، بدأ بالتشكل في 31 مايو 2010 وقد صُنف على أنه إعصار من الدرجة الرابعة بسبب قوته التي ازدادت بشكل كبير بسبب انخفاض الضغط الجوي فوق البحر، وقد بلغت سرعة الرياح 235 كم/الساعة في الأول من يونيو 2010.
وتسبب إعصار فيت بخسائر وأضرار أضعف قليلاً، بلغت 780 مليون دولار و 24 حالة وفاة أثناء عبور شرق عُمان.
إعصار تشابالا
في 1 نوفمبر عام 2015 ضرب إعصار تشابالا جزيرة سقطرى اليمنية وهو ثاني أقوى إعصار استوائي في المحيط الهندي ومن أقوى الأعاصير التي وصلت إلى اليابسة في بحر العرب «تكون في منطقة ضغط منخفض في بحر العرب»، ثم في اليوم التالي تحول إلى عاصفة إعصارية شديدة جداً حملت كميات كبيرة من الأمطار أحدثت فيضانات وسيول جارفة، وألحقت العاصفة أضرارًا بالغة بـ 444 منزلًا ودمرت الطرق الرئيسية في محافظة حضرموت.
وعلى الصعيد الوطني، شردت العاصفة أكثر من 50000 شخص، من بينهم 18,000 في سقطرى. ضرب تشابالا في خضم حرب أهلية مستمرة.
وبلغت الأعاصير التي ضربت شبه الجزيرة العربية في العقد الممتد من «2010 حتى 2019»، 12 إعصارا تراوح تصنيفها بين منخفض مداري وإعصار من الدرجة الرابعة.