حيثيات إلغاء مجازاة وكيل كلية التربية للطفولة المبكرة بجامعة بني سويف
أصدرت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة حكمها في الطعن رقم 78 لسنة 55 قضائية بقبول الطعن المقام من وكيل كلية التربية للطفولة المبكرة لشئون الدراسات العليا شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس جامعة بني سويف فيما تضمنه من مجازاته بعقوبة اللوم، بعد ثبوت أن واقعات الطعن اعتراها ما يُفصح بجلاء بخلل إداري أدى إلى فقد كراسة الإجابة، مُعَرِّضا الشأن العلمي للطالبة صاحبة الشأن فيها إلى ما غاب عن حسبانها بهيئة علمية.
قالت المحكمة عبر أسباب حكمها إن الطاعن طه محمد مبروك، شغل وظيفة أستاذ مساعد ووكيل كلية التربية للطفولة المبكرة لشئون الدراسات العليا، وقد صدر قرار رئيس الجامعة رقم (1569) بتاريخ 23/11/2020 بمجازاته بعقوبة اللوم لما نُسب إليه من إخلال بواجبات ومقتضيات وظيفته وخروجه على التقاليد والقيم الجامعية بسبب فقد ورقة إجابة إحدى الطالبات في مادة (قراءات في مجال التخصص باللغة الإنجليزية).
والثابت بالأوراق أن الدكتورة رحاب عبد العال، المدرس بالكلية محل عمل الطاعن، تسلمت كراسات إجابة امتحان الدراسات العليا بالفصل الثاني بالعام الجامعي 2019/2020 في مادة (قراءات في مجال التخصص باللغة الإنجليزية) والمسندة إليها أعمال تصحيحها، وبإتمامها عملية التصحيح سلَّمَتها للعامل عبد الحميد رزق عوض، لتسليمها إلى الدكتور هناء فؤاد علي الأستاذ المساعد بذات الكلية ورئيس الكنترول المختص، إلا أنه تبين لتلك الأخيرة نقص كراسات الإجابة بواقع كراسة واحدة بتاريخ 14/9/2020، فتدوول بينها وبين المصححة المنوه عنها والطاعن وعميد الكلية أمر فقد تلك الكراسة.
رئيس الكنترول
وتبين تكرار تداول الأمر بينهم للبحث عنها، أو إيجاد سبل تدارك أمرها، وبتاريخ 20/9/2020 حررت رئيس الكنترول سالفة الذكر مذكرة مرفوعة إلى رئيس الجامعة المطعون ضدها لإخطاره بالأمر تفصيلا، أتبعها عميد الكلية بمذكرة بتاريخ 21/9/2020، وبتأشير رئيس الجامعة على تلك المذكرة بالتحقيق بتاريخ 22/9/2020 فقد أجريت التحقيقات واستُمع فيها لأقوال الطاعن ورئيس الكنترول المذكورة وعميد الكلية محل عملهما الدكتورة رحاب عبد العال مصحح المادة والعامل الذي كُلِّفَ بنقل كراسات الإجابة من تلك الأخيرة إلى رئيس الكنترول لرصد درجاتها وإعمال شئون الكنترول فيها.
وتبين بالتحقيقات على وجه اليقين أن الدكتورة القائمة على أعمال تصحيح كراسات الإجابة قد تسلمتها رسميا وبعدد محدد موضح تفصيلا بجدول التسليم، وهو ما أفادت به بالتحقيقات كما أفادت بأنها بعدما أتمت أعمال التصحيح سلمتها دون عدِّها للعامل المذكور لتسليمها إلى رئيس الكنترول بالكلية محل عمل الطاعن، وأفاد هذا العامل بشهادته بأن تلك الكراسات بقيت في حوزته لعدة أيام حتى حضرت رئيس الكنترول لمقر الكلية، وبتوجهه إليها سلمها الكراسات التي كانت على حالها بحوزته غير محرَّزة وإنما مجمَّعة برباط، فتلاحظ لها نقصها بواقع كراسة واحدة عن هذا العدد المسلم للسيدة الدكتور القائمة على التصحيح، فطلبت منه رد الكراسات جميعها لمصدرها وأن يأتيها بها كامل عددها، ومن ثم عُرض الأمر على رئيس الجامعة المطعون ضدها وأجري فيه التحقيق المنتهي إلى مجازاة الطاعن.
ولم يتبين للمحكمة على أي حال نقاط تماس أو اتصال بين الطاعن والوقائع المادية المشار إليها بالتحقيقات سالفة الذكر، فلم يتبين ضلوعه في عمل إيجابي يؤدي إلى فقد كراسة الإجابة المشار إليها، أو تقاعسه عن إجراء تعين عليه اتخاذه، أو إهماله في حفظ تلك الكراسات إذ لم تُسند إليه أعمال بشأنها بدءا من تصحيحها حتى رصد الدرجات بها، فلم يكن في دائرة تسليمها وتسلمها بين رئيس الكنترول والدكتورة القائمة على تصحيح المادة المشار إليها والعامل، فانتفت في شأنه أي أدلة أو براهين تنضح بارتكابه ما يعد سببا قويمًا قانونا لإصدار القرار المطعون فيه بمجازاته، وفى ضوء هشاشة هذا الطرح وقيامه على غير أسس راسخة، إذ هو محض تعليمات شفوية يصعب إثباتها والتحقق من صدورها، فلا تعتد به المحكمة وتلتفت عنه لعدم ثبوته.
فقد كراسة الإجابة
وشددت المحكمة على أن واقعات الطعن اعتراها ما يُفصح بجلاء بخلل إداري أدى إلى فقد كراسة الإجابة، مُعَرِّضا الشأن العلمي للطالبة صاحبة الشأن فيها إلى ما غاب عن حسبانها بهيئة علمية، فضلا عما ثبت يقينا بالأوراق من تعليق إعلان نتيجة الامتحان بالكلية محل عمل الطاعن حتى تتبين الجامعة المطعون ضدها أمرها بشأن الواقعة محل الطعن، وهو ما لا يستقيم ولا ينبغي له أن يُعَدّ من طبائع الأمور في العمل الإداري على عمومه وفيما تعلق تخصيصا بالعملية التعليمية على اختلاف مراحلها، فتبين افتقار النظام الإداري بالكلية محل عمل الطاعن إلى الصرامة اللازمة التي تكفل وتضمن التعاطي مع كراسات إجابات الطلاب بما يمنع فقدها ويمهد في الحين ذاته سبل بيان من وقع منه الإهمال في شأنها على وجه القطع واليقين، وهو خلل مرفقي ظاهر يتعين أن يُقَدَّر بقدره لدرء تبعاته بما فيها من مساس بالمستقبل العلمي للطلاب.
وهو خلل لا يتحمل الطاعن وحده تبعاته طالما لم تضع إدارة الكلية محل عمله لَبِنَات إصلاحه في إطار صارم يتعين الالتزام به، ومن ثم، وبناء على جميع ما تقدم فقد بُني القرار المطعون فيه على غير سبب من واقع أو قانون في شأن الطاعن، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم (1569) الصادر بتاريخ 23/11/2020 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار.