ما الذي يحدث بين باكستان والهند في كشمير؟
لم تكن جذور النزاع حول كشمير وليدة اليوم، فهي تعود إلى فترات قديمة في التاريخ، فالمنطقة كانت تابعة للعديد من الدول، بدءاً بالدولة الإسلامية أيام الدولة الأموية واستمرت تحت كنفها إلى ظهور المغول على مسرح الأحداث الذين نزعوها من المسلمين.
دخل أقليم كشمير تحت سيرة الهندوس سنة 1819م إلى حدود الاستعمار البريطاني للقارة الهندية سنة 1846م، وفي ذات السنة عقدت بريطانيا اتفاقية أمرتسر مع “جولاب” بمبلغ قدر ب 7,5 مليون روبية كثمن لخيانته للسيخ، ومن هذه السنة بدء مسلمي كشمير يعانون تجاوزات السيخ في حقهم، لينفجر الصراع عام 1947، وتحتدم المعركة بين الهند والباكستان حولها.
وفى ظل هذه الصراع الملتهب بين الهند وباكستان فشلت جميع جهود الأمم المتحدة والوسطاء الدوليين والاتحاد السوفياتي في عدم تمكنهم من الوصول إلى حل يمكن من خلاله تسوية قضية كشمير من خلال الاستفتاء الشعبي.
لتستمر كشمير موضع خلاف بين كل من باكستان والهند حتى قبل الاستقلال عن بريطانيا عام 1947.
وبموجب خطة التقسيم المنصوص عليها في قانون الاستقلال الهندي، كان لدى كشمير الحرية في اختيار الانضمام إلى الهند أو باكستان. واختار وقتها حاكمها" هاري سينغ، الهند، فاندلعت الحرب عام 1947 واستمرت مدة عامين.
حروب
ودخلت كشمير مرحلة الصراع بين الهند وباكستان، وبدأت حرب أخرى في عام 1965، في حين خاضت الهند صراعاً قصيراً، لكن مريراً مع قوات مدعومة من باكستان في عام 1999. وفي تلك الفترة، أعلنت كل من الهند وباكستان أنهما قوتان نوويتان.
الكشميريون يكرهون الهند
معظم سكان الإقليم في كشمير لا يحبذون العيش تحت إدارة الهند، بل يفضلون الاستقلال أو الاتحاد مع باكستان.
ويشكل المسلمون في ولايتي جامو وكشمير الخاضعتين للإدارة الهندية، أكثر من 60 في المئة من نسبة السكان، مما يجعلها الولاية الوحيدة داخل الهند ذات الغالبية المسلمة.
وأدى تفاقم المشكلة إلى ارتفاع معدلات البطالة والشكاوى من انتهاكات حقوق الإنسان من قبل قوات الأمن، التي تواجه المتظاهرين والمتمردين في الشوارع .
وبدأت حالات العنف بالظهور في الولاية منذ عام 1989، لكن موجة العنف تجددت في عام 2016 بعد مقتل الزعيم المتشدد برهان واني، الذي كان يبلغ من العمر 22 عاماً، وكانت له شعبية واسعة بين جيل الشباب في وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبر على نطاق واسع أنه وراء حالة التشدد في المنطقة.
ومنذ ذلك الحين، ازدادت حالات العنف في الولاية، وخاصة بعد أن قُتل نحو ثلاثين شخصاً كانوا قد حضروا جنازته في مسقط رأسه، سريناغار في أعقاب اشتباكات بينهم وبين قوات الأمن.
وفي عام 2018، قُتل أكثر من 500 شخص من المدنيين وقوات الأمن والمسلحين، وكان ذلك أعلى عدد من الضحايا خلال عقد من الزمن.
وفي عام 2003، وافقت الهند وباكستان على وقف إطلاق النار بعد سنوات طويلة من الصراع الدموي، على طول الحدود الفعلية بين البلدين، والمعروفة باسم خط المراقبة.
ووعدت باكستان لاحقاً بوقف تمويل المتمردين في الإقليم إذا ما عفت الهند عنهم في حال تخليهم عن التشدد.
وفي عام 2014، جاءت حكومة هندية جديدة إلى السلطة، وأقرت القيام باجراءات متشددة ضد باكستان، وفي الوقت نفسه أبدت استعدادها للخوض في محادثات سلام.
وحضر نواز شريف، رئيس وزراء باكستان آنذاك، مراسم أداء اليمين الدستورية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في دلهي.
لكن بعد مرور عام، ألقت الهند باللائمة على الجماعات التي تتخذ من باكستان مقرا لها، لشن هجوم على قاعدتها الجوية في باثانكوت بولاية شمال البنجاب.
وألغى مودي زيارة كانت مقررة وقتها إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد، لعقد قمة إقليمية في عام 2017. ومنذ ذلك الحين، لم يحدث أي تقدم في المحادثات بين الجارتين.
وتجمع القوات العسكرية الهندية بالقرب من حطام طائرة سلاح الجو الهندي المحطمة في 27 فبراير2019 في بودجام غرب سريناغار.
العودة إلى المربع الأول؟
كان عام 2016 عاماً مليئاً بالصراعات وحالات العنف في إقليم كشمير الخاضع للإدارة الهندية، وتراجعت آمال تحقيق سلام دائم في المنطقة.
وفي عام 2018، انسحب حزب "بارتياجاناتا" الذي كان يتزعمه مودي من حكومة ائتلافية يديرها "حزب الشعب الديمقراطي".
ومنذ ذلك الحين ، يخضع القسم الهندي من كشمير لحكم مباشر من دلهي، مما أدى إلى زيادة التوتر بين البلدين.
وفي 26 فبراير/شنت الهند غارات جوية على الأراضي الباكستانية التي قالت إنها استهدفت قواعد للمتشددين. ونفت باكستان أن تكون الغارات قد تسببت في أي أضرار أو إصابات كبيرة، لكنها وعدت بالرد.
وفي اليوم التالي، قالت إنها أسقطت طائرتين تابعتين للقوات الجوية الهندية في مجالها الجوي.
اعتقالات هندية بحق مسلمي كشمير
وخلال اليومين الماضيين، شنت السلطات الهندية حملة اعتقال موسعة بحق مسلمي كشمير، بعد أسبوع دام في الإقليم ذي الغالبية المسلمة تخللته أعمال عنف وعمليات اغتيال.
وشهد الإقليم توترًا متصاعدًا بين الهند وباكستان، بعدما أغلقت نيودلهي في أغسطس 2019، الحكم شبه الذاتي لكشمير الذي يطالب بالاستقلال عن الهند أو الانضمام لباكستان.
ومنذ تولي حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي السلطة عام 2014؛ اتبع رئيس الحكومة ناريندرا مودي سياسات تضطهد المسلمين الذين يمثلون نحو 16 % من عدد سكان الهند.
وذكرت تقارير عدة فظائع النظام ضد المسلمين، فضلاً عن تصريحات مودي المعادية للمسلمين.
وأسفرت حملة الاعتقالات الأخيرة عن إلقاء القبض على أكثر من 500 مسلم بالإقليم، بعد مقتل 3 أشخاص من الهندوس وشخصًا سيخيًّا في المدينة الرئيسية بالإقليم سريناغار، المدينة الرئيسية في المنطقة، في تصاعد مفاجئ للعنف ضد المدنيين، وأدان مؤيدون ومعارضون للهند وتعاملها مع المسلمين الحادث.
وألقت الشرطة الهندية باللوم على جماعات إسلامية بالإقليم، وقالت إن الاعتقالات تأتي في إطار التحقيق في سلسلة عمليات قتل يُشتبه بأن متمردين ارتكبوها.
واستدعت وكالة التحقيق الوطنية الهندية 40 مدرسًا من المدينة لاستجوابهم، وأوفدت نيودلهي مسؤولاً استخبارتيًّا رفيعًا لقيادة التحقيقات.
وتبنت حركة "جبهة المقاومة" الحديثة العهد نسبيًّا عمليات القتل الأخيرة التي استهدفت مدرسين من الهندوس والسيخ، وقالت إنه كانوا يعملون لصالح "مرتزقة الاحتلال وعملائه".
بدورها دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بمحاسبة المرتكبين وقوات الأمن الهندية المتّهمة بارتكاب انتهاكات بما فيها إساءات وتعذيب وإعدامات خارج نطاق القانون.