الكاتب الصحفى صبرى حافظ يكتب .. مبارك.. يمْتنِع عن.. لايٌقْدم على.!
توقفت كثيرا عند بعض تصريحات الفقيه والمفكر السياسي الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية سكرتير الرئيس الأسبق للمعلومات حسني مبارك، في حواره مع الإعلامي أحمد موسى..
ومن سوء حظي أنني لم استمع لكامل لقائه الفضائي على قناة "صدى البلد "وعندما يتحدث فقيه بحجم وثقافة ورؤية" الفقي" لابد أن تنصت لخلفيته السياسية والثقافية والدبلوماسية، ورؤيته الصادقة وغزارة معلوماته وتدفقها كنهر ينساب بأريحية في اخدوده، يؤسر سامعيه بمفرداته الجذابة كطلقات رصاص" صائبة" وغير قاتلة، ومايملكه من كاريزما، تؤثر في المتلقي وتشهد بصدق حديثه، بجانب حياده المعروف عنه في المناطق المليئة بالألغام ،خاصة عندما يكون شاهداً على عصر عدد من الرؤساء لاسيما الرئيس مبارك لقربه منه كسكرتير خاص للمعلومات ومعرفته بالكثير من الخبايا والتي لم ترفع الستارة عنها بعد.
ولكن أهم المحطات التي استرعت انتباهي حديثه عن الرئيس مبارك" وفي أربع كلمات بالعدد لخص فيها معظم الحقبة الزمنية التي قضاها في سدة الحكم والتي وصلت إلى ثلاثين عاما.
والكلمات الأربعة التي شدد عليها" الفقي" عند تحليله لشخصية مبارك وإدارته لحكم البلاد هي:" يمتنع عن.. لايقدم على" وهي كلمات ناجزة ومخترلة لكامل حقبته حاول بعد ذلك أن يستفيض فيها بحرص وحنكة بالغين.
ورغم إعجابي بالرئيس مبارك كرجل حافظ على تراب الوطن ،وطني غيور ومحب لبلاده، واستلم بحنكته أخر بقعة غالية من تراب مصر" طابا" بعد وفاة المغفور له بإذن الله الرئيس محمد أنور السادات ورفع عليها علم المصري ، رغم محاولات إسرائيل وقتها شن حرب أعصاب لاختبار عزيمته واصراره والحصول على أكبر فائدة ممكنة حتى مع الاحتكام لمحكمة العدل الدولية التي قضت بأنها أرض مصرية.
وحاول مبارك طوال حكمه أن يبعد البلاد عن أي محاور وحروب طاحنة رغم اشتعال المنطقة بحروب وصراعات بين الدول الكبرى والصغرى.
ولكن ماعابه أنه لايحب المغامرة ، لايقدم على مايصنع الفارق، إذا كان هذا الفارق سيستغرق وقتا أو يسبب في ضجر واستياء الشعب، ويمتنع عن كل مايمكن ولو بنسبة 1% أن يحدث ضجة وضجيجاً فهدفه" الأول" استقرار البلاد، حتى لو وقف الاقتصاد" محلك سر".. ويسير ببطئ شديد.!
وتجارب التاريخ وشواهده تكشف أن القائد عندما يكون عنيدا يجني خسائر فادحة سياسية واجتماعية خاصة المصيرية ، فهو لايستمع لمن حوله، او يرهبهم لمجرد فكره طرأت وطرحها هذا المقرب منه أوذاك، فيبقى المقربون من القائد طائفتين، الأولى بحكم معرفتها به لاتحاول إثارة غضبه حتى لو بين يديها أفكار قادرة على احداث طفرة، والثانية هو تجميد فكر ورؤية الدائرة الصغيرة جدا منه بسبب تداعيات ورؤية القائد وقراءتها لمن يحبه ويكرهه.!
ويكفي أن كوريا الجنوبية قدمت عرضا لتقديم معونة مالية كبيرة مع تجهيز بعض الخريجين لتعليم مهارات فنية وصناعية تُرسخ قاعدة لصناعات صغيرة هي بذرة نهضة دول جنوب شرق آسيا، وكانت الاجابة أنه لايحب أن يثير غضب كوريا الشمالية .!
ولا أعرف كيف يمكن لوطن تتزايد فيه أعداد السكان بشكل مخيف ،زيادة تقدر بعدد سكان دولة من دول الجوار المصري ،ولا يفكر في وضع خطة تنموية قادرة على احدث طفرة زراعية وصناعية تقلل من فجوة الغذاء واحدث معادلة متقاربة بين اصلاح اقتصادي واعد وتنمية اقتصادية ينعكس مردودها على المواطنين، خاصة أن فترة حكمه الطويلة اتسمت بالاستقرار السياسي والأمني بعيدا عن فترة التي عاشتها مصر من بعده في عهد الإخوان حتى قبل أربع سنوات مضت كان الإرهاب ينهش في ثوب الوطن ويمزقه، والاقتصاد يتهاوى وكنا اقرب لدولة ساقطة وفاشلة.!
الحكمة بدون رؤية ومغامرات محسوبة نتاج دراسة وعلم تبقى دون جدوى، الزعماء الخالدون الذين يذكرهم التاريخ بأحرف من دهب دائما يصنعون الفارق بأفكار غير تقليدية.. صفاتهم الجسارة والإقدام ، حلولا عبقرية من وحي الخبرات والأفكار ودراسة تجارب دول سابقة وقراءة جيدة للتاريخ. لاينامون حتى يصبح اليوم أفضل من الأمس انتاجية وتقدما وتطويرا في شتى مناحي حياة الوطن، لا..للمحاور والتحالفات، فالتعاون والانفتاح على جميع الدول، وطالما أملك شعبية تقف ورائي وتساندني فلا خوف ،حتى لو قام البعض ضدي كرئيس، ستجد العامة يساندونني حتى لو يعانون أوجاعا عديدة لأنهم أذكياء يعرفون من يقدم الروح والدم للوطن، ومن يريد البقاء على الكرسي أطول فترة ممكنة..!
كاتب المقال الكاتب الصحفى صبرى حافظ .. مدير تحرير جريدة الوفد