الكاتبة الصحفية أمال ربيع تكتب .. الفن الهابط يتراقص بين مستهليكيه ؛؛؛ والراقي ينتظر الإنقاذ
يظل الانحطاط الأخطر للفن في رأيي هو حين يتحول الفن إلى سلعة في السوق الرأسمالي فلن يتبقى حينها إلا شبح الفن ، لن يتبقى إلا فناً مشوهاً ، والأمر يظل أبسط دون أن يتم شرحه ، فكل سلعة هدفها أن هو البحث عن مشترين ، هدف السلعة الوحيد هو الرواج وإرضاء المستهلك ، فلو كان المستهلك منحطاً فعلى الفن أن يصبح منحطاً كذلك لكي يرضيه ،وإن كان المستهلك يعشق الأوهام فعلى الفن أن يقدم له الاوهام بدلاً عن الحقائق ، ولو بحث المستهلك عن لذة غريزية فعلى الفن أيضاً أن يعطيه مطلبه من مشاهد العرى والاغتصاب والزنا.
الانحطاط الفني نراه في الدراما والسينما التي تقدم الجنس ، غير الضروري ، للسياق الدرامي ،وتلك الأشكال من الفنون برغم انحطاطها تظل ذات شعبية، خاصة في المجتمعات التي تعاني من الكبت الجنسي وما يصاحبه من أمراض نفسية ومجتمعية،وكذلك نرى مشاهد،الاغتصاب والزنا ، والمخدرات والرقص والعرى ،والبلطجة، هذا هو الحال لدينا الان ، سينما منحطة ، تزيف الوعي ، تثير الغرائز ، كوميديا خاوية من اي محتوى حقيقي ، نهايات سعيدة ، أو نهايات تعيسة
أزمة القطاع الفني في البلاد ترجع إلى ”مشكلة في الكتابة والإنتاج“، والحل إحياء دور مدينة الإنتاج الإعلامي مرة أخرى، الدولة مطالبة بالدخول في الإنتاج السينمائي وليس الدرامي فقط حتى تعود الريادة مرة أخرى للفن المصري الذي يشهد تراجعًا“ ،خاصة وإن للفن لة صلة وثيقة بتاريخ الإنسانية منذ العصور القديمة، يمس حياة الناس بطريقة أو بأخرى.
الفن هو عبقرية اختيار العمل الهادف وشجاعة استبعاد كل ما هو غير قيم، وأخيراً قيمة الفنان ليست بما يتقاضاه من مبالغ مالية، بل بما يقدمه.
النجاح الحقيقي للفنان هو الإستمرارية، لا نجاح مؤقت، تحكمه مدة زمنية، وتحاصره الأسابيع والأشهر والسنوات القليلة، وربما الأيام.
يقوم مشوار الفنان الحقيقي على العطاء المستمر، وتأسيس شركة فنية خاصة مستقلة، تؤمن له الإستمرارية لأطول فترة ممكنة، ويعتبر ذلك من أهم أسباب نجاح كبار الأغنية العربية، أمثال محمد عبد الوهاب ، أم كلثوم وعبد الحليم وفيروز، وغيرهم من العمالقة الذين تخطوا الأزمنة عبرالإستمرارية التي قامت على البحث والإختلاف في تقديم مواد غنائية ضمنت لهم مشوار النجاح، وعبدت لهم طريق الوصول نحو القمة التي حافظوا عليها بناءاً على نظرية أن قيمة الفنان بمشواره وليس بالنجاح المؤقت.
لو ركز العمالقة على النجاح المؤقت، لما قدموا مئات الأغنيات التي ضمنت نجاح مشوارهم، اذ لم يقف أحدهم عند نجاح أغنية أو ألبوم، بل كان هدفهم المشوار الطويل، وبناء مدرسة فنية نموذجية، والعمل من أجل التاريخ الذي يتناول أعمالهم الغنائية وانجازاتهم الفنية، وكان لهم ما أرادو.
قد يقدم المغني أغنية واحدة، تحقق النجاحات، ويتحول الى حديث الجمهور، ويختفي بعدها وكأنه لم يكن، والسبب في ذلك عدم إمتلاكه بعد النظر الذي قصده الراحل محمد عبد الوهاب،وثومة ،والعندليب وشهدت الساحة الفنية أعداد لا بأس بها من الفنانين الذين نجحوا سنوات وكان الإختفاء والغياب حليفهم، فالقيمة الحقيقية للفنان بمشواره وعطاءه المستمر والمتجدد.
لا بُد وأن يقرأ كل فنان ومنتج غنائي معنى كلمة الاستمرارية بطريقة علمية بعيداً عن الغرور الذي يُعتبر مقبرة الفنان، ولا بُد وأن يُدرك كل فنان أن القيمة لا تأتي عن طريق عام وعامين وعشرة، بل من خلال تكريس أعوامه بالعمل والبحث عن الموسيقى الجديدة والإطلاع على الثقافات الموسيقية العالمية كي يضمن مكاناً له في تاريخ الأغنية العربية.
وأذ إنتقلنا الى السينما المصرية وتاريخها الحافل بالاعمال الفنية المتميزة خلال الحقبة الماضية ،نجد أرشيف السينما يمتلئ بالعديد من الأفلام التي حققت نجاحا غير مسبوق ومنها أفلام العزيمة، الأرض، المومياء ،باب الحديد ، الحرام ، شباب امرأة ،بداية ونهاية، سواق الأتوبيس ، ومن الثنائيات الفنية التي شكلت نقلة نوعية في الأعمال، وحفرت في أذهان المشاهدين ذكريات رائعة، والتي صنعت حالة من النجاح، ومن الصعب أن تسقط أعمالهم من ذاكرة المشاهد العربي، فؤاد المهندس وشويكاراللذان يعدان من أشهر الثنائيات في تاريخ السينما والمسرح العربي، وكان لقائهما الأول من خلال مسرحية" السكرتير الفني، اقتلني من فضلك" إنتاج 1965، و"المليونير المزيف" 1968، و"أنا ومراتي والجو"، و"العتبة جزاز"، و"فيفا زلاطا" إنتاج 1976،وعادل إمام ويسرا، لكل منهما كاريزما خاصة وقاعدة جماهيرية كبيرة، فالزعيم يمتلك روح الكوميديا بالفطرة، أما يسرا فهي الفنانة المتجددة والقادرة على تقمص كل الشخصيات إلى حد التوحد معها،حيث اجتمع هذا الثنائي الموهوب، في عدد من الأفلام السينمائية المتميزة، ومنها: "طيور الظلام، الأفوكاتو، الأنس والجن، ليلة شتاء دافئة، الإنسان يعيش مرة واحدة، بوبوس، رسالة إلى الوالي، جزيرة الشيطان، كراكون في الشارع، على باب الوزير، والتعاون الثنائي الفني، بين سامية جمال وفريد الأطرش، في عدد كبير من الأفلام الشهيرة منها: "عفريتة هانم، حبيب العمر، آخر كدبة"، وعدد من الأفلام التي دارت في إطار رومانسي استعراضي، كما ارتبط الثنائي الفني ليلى مراد وأنور وجدى ، بعلاقة حب توجت بعد ذلك بالزواج، تزوجا قبل انتهاء تصوير أحداث فيلمهما "ليلى بنت الفقراء" عام 1945، وتوالت بعد ذلك الأفلام التي جمعت بينهما، ومنها: "عنبر، أنا قلبي دليلي، حبيب الروح"، كما شاركت الفنانة فاتن حمامة، مع الفنان عماد حمدي، في 18 عملا سينمائيا، كان بدايتها فيلم "ست البيت" عام 1949، ليشكلا بعدها ثنائيا مهما جدا في عدد من الأفلام، منها: "بين الأطلال، لا تطفئ الشمس"، وغيرها من الأعمال التي غلب عليها الطابع الرومانسي.
هنا وبعد هذا السرد نستطيع أن نقول إن تاريخ البشرية، يعتبر الفن من أقوى وأكثر الامور انتشاراً، لما له من تأثير كبير في حياة الإنسان والمجتمع، ليس بنوع محدد فقط، بل ان جميع أشكال الفن تؤثر على الإنسانية.
ويعطي الفن للفرد قيمة معنوية بغض النظر عن نوعه ومدى إتقانه له، فهو يمنح الفرد شعورا بقيمة ما تم إنجازه.. لذا علينا أن نساهم بمبادرة يشارك فيها الجميع وفى مقدمتهم المتخصصين واهل الفن الحقيقين لنعودالى الفن الهادف الذى يحمل رسالة وقيم ومبادئ ويتحدث عن تاريخنا وحضارتنا.
كاتبة المقال الكاتب الصحفية أمال ربيع بمؤسسة أخبار اليوم
مقالاتقد تهمك:-
الكاتبة الصحفية أمال ربيع تكتب .. القلوب الصافية أضغط هنا
الكاتبة الصحفية أمال ربيع تكتب .. إن كان حبيبك عسل ما تلحسوش كله اضغط هنا