إنطلاقا من اهتمام الرئيس السيسي بالقضية..
النائب ياسر الهضيبي يتقدم بطلب مناقشة عامة بالشيوخ بشان ”قضية الوعى بين المسئولية الحكومية والمسؤولية المجتمعية”
إنطلاقا من اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بقضية الوعي المجتمعي، قاما النائب والمستشار ياسر الهضيبي ، عضو مجلس الشيوخ ، بطرح القضية أمام المجلس من خلال طلب مناقشة عامة تحت عنوان " قضية الوعي بين المسؤولية الحكومية والمسؤولية المجتمعية" .
وأكد الهضيبى خلال ندوة عقدها مساء اليوم مع عدد من رؤساء التحرير وكبار المحررين البرلمانيين بمجلسى النواب والشيوخ ، ان قضية الوعي تمثل اولوية للرئيس عبد الفتاح السيسي ، منذ تولية المسؤولوية حتي الان وقد ظهر ذلك في كلماته الموجه للشعب في المناسبات القومية والدينية وإفتتاح المشروعات الانتاجية والخدمية، قائلا" لعلي أخطر ما اعلنة الرئيس السيسي مؤخرا بشأن قضية الوعي وهو ما كشف عنه خلال افتتاح مشروع سكن بديل امن حيث ذكر ان وصف مصر خسرت 400 مليار دولار في احداث يناير 2011، بسبب غياب الوعي
وأضاف الهضيبي،أنه في كل مرة يخاطب فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي المصريين عبر المنابر المختلفة ، يؤكد أن معركة الوعي هي "معركة الوطن" وهي أم المعارك التي على المجتمع بأسره خوضها .. فعلى الرغم مما حققته الدولة المصرية من إنجازات هائلة وملموسة سواء على صعيد الأمن الداخلي وفرض سيادة القانون ، أو على صعيد الجاهزية العسكرية بإعادة بناء جيش هو الأقوى إقليميًا ، أو على صعيد التنمية الاقتصادية وتوفير حياة كريمة للمواطنين .. إلا أن الرئيس دأب على التحذير من الوقوع في شرك مخططات الداخل والخارج وعلى سبيل المثال، ففى كلمته يوم 14 أغسطس 2021 عند افتتاحه لعدد من المشروعات بمدينة بدر، قال إن الوعى هو أخطر قضية تواجه المجتمعات فى العالم.
وتابع عضو مجلس الشيوخ، تكررت هذه الإشارات فى شهر أكتوبر، فبمناسبة ذكرى انتصار حرب 1973 المجيدة، قال «إن قضية الوعى هى قضية مصر الأولى التى تُعد مسئولية مشتركة بين الجميع». وأعاد الإشارة إلى ذات الموضوع فى كلمته بمناسبة ذكرى المولد النبوى الشريف فى 17 أكتوبر، حيث قال «إن بناء وعى أى أمة، بناءً صحيحًا هو أحد أهم عوامل استقرارها وتقدمها. وإن قضية الوعى والفهم الصحيح للدين من أهم أولويات المرحلة الحالية، مؤكدا أن مصر ماضية فى مهمتها لبناء الوعى وتصحيح الخطاب الديني، مضيفا انها مسئولية تشاركية تحتاج إلى تضافر كافة الجهود من أجل بناء مسار فكرى مستنير ورشيد يؤسس شخصية سوية».
ونوة الهضيبى فى كلمتة أمام رؤساء التحرير، وكبار المحررين البرلمانيين بمجلسى النواب والشيوخ الى إن قضية الوعى يضعها الرئيس ضمن أولوياتة ونتذكر أن الرئيس السيسى فى حفل تخريج طلبة الكليات والمعاهد العسكرية فى 25 أكتوبر، عاد إلى طرح الموضوع وقال «إن الوعى والانتباه لكل الأحداث المحيطة بنا أمر ضروري، موضحاً أن حروب الجيل الرابع والخامس تهدف إلى تشويه الوعى والحيلولة دون الفهم الصحيح للأمور، فهى حروب أفكار وعقول».
وتابع أنه في يوم 22 ديسمبر خلال افتتاح عدد من المشروعات التنموية بمحافظات الصعيد قال الرئيس السيسي "التخلف" أسبابه الجهل والفقر وقلة الوعى، كما اكد علي ضرورة رفع الوعى بخطورة البناء على الأراضى الزراعية، فنجد هنا ان الوعي هو وعي ديني وثقافي و مجتمعي و اقتصادي و سياسي.
وقال المستشار ياسر الهضيبي، إن الحقيقة التي لا جدال فيها ، أن الرئيس محق فيما قال ، فالوعي بشكل عام ، والسياسي بشكل خاص يمثل الركيزة الأساسية التي يُبنى عليها النظام السياسي والاجتماعي ، إذ أن إغفال موضوع الوعي في عملية بناء الدولة سيعني البناء على أسس من الرمال ، ولن يصمد هذا البناء أمام أي أزمة قد تمر بها الدولة أو المجتمع مهما كان حجم البناء السياسي أو العمراني .
وتابع قائلا: للأسف فقد شهد واقعنا صورًا عديدة من صور تغييب الوعي على كل المستويات وفي شتى الوسائل ، حتى كبرت البلية وتفاقمت ، وعظمت المشكلة وتأزمت ، فأصبحنا نرى كثيرًا ممن يدعون الفهم ويحوزون مفاتحه ، يسوغون المخالفات ، ويفتون بالأباطيل ، ويجيزون الخرافات .. وقد لعب الدور الأعظم في كل ذلك الإعلام بمختلف مستوياته ، فبتنا نرى الكاذب صادقًا ، والجاهل عالمًا ، وصارت الأخبار الضعيفة صحيحة ، والخرافة حقيقة ، والباطل حقًا.
وأكد الهضيبى إن عودة الوعي تحتاج إلى وقفة صادقة حازمة توقف ذلك العبث ، وتزيل تلك الغشاوة عن أعين الناس .. فيعود المدرس صاحب هدف ورسالة ، والخطيب صاحب فكر مستنير ، والعالم ذو علم واسع متعدد ، والمجتمع بعمومه يسير وفق هدف ورسالة وغاية تصنع له مكانة سامية بين الأمم والمجتمعات، موضحاً إن معركتنا الحالية هي "فكرية" في المقام الأول .. هي معركة الكلمة والقلم والُجمل والأخبار والتقارير والبرامج والصحافة والإعلام والفن ، التي يجب أن ننتصر فيها على العدو ، وتكون أسلحتنا الفكرية والثقافية والإعلامية أقوى من أسلحة العدو الذي يسعى إلى تزييف الحقائق.
وأضاف الهضيبي، لم تعد الحروب بين الأمم على حيازة الأرض بالبنادق والصواريخ، بل أصبحت على حيازة الوعي وتشكيله وتوجيه الجماهير، ومن فهم هذا أعاد النظر في الكثير مما تمتلئ به بيوتنا ومجتمعاتنا .ومع هذا ، لا يجب أن تأخذنا الحماسة الزائدة ، والرغبة الشديدة في خلق الوعي ، إلى العمل بدون خطة استراتيجية ، ومنهج واضح ، يمنح الثقة للمبدعين والمفكرين وخبراء الإعلام والمخلصين من أبناء الوطن للبحث عن مخارج لأزمة الوعي القائمة ، من خلال غرس فسائل الوعي في نفوس المواطنين وتوعيتهم بالحرب الإعلامية التضليلية التي يركز عليها أعداء الداخل والخارج في الأوقات الحرجة .. وهو ما أكد عليه السيد الرئيس مرارًا وتكرارًا .
واستكمل عضو مجلس الشيوخ، تمثلت أهم أدوات ومقومات تشكيل الوعي الوطني والمجتمعي سابقًا ، في الأسرة والقرية والمدينة والمدرسة والجامعة والصحيفة والمسجد والكنيسة ... وبرغم أهمية تلك الأدوات ودورها في بناء الوعي لسنوات طويلة ، إلا أننا نعيش الآن في عالم جديد ، عالم الفضائيات والتواصل الاجتماعي وشبكات المعرفة ، حيث الخطاب شفاهي ومقروء وقاصد ومقصود .. مما جعل هناك زوايا رؤية لا تحصى وأهداف ذات ارتباط شديد بالايديولوجيا والمصلحة ، وجعل أيضًا عملية بناء الوعي عملية معقدة وصعبة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ، التي أصبح لها نفوذ كبير وتحرك الرأي العام ، وتستخدم في بعض الأحيان لتهديد استقرار الدول من خلال الهجوم على مؤسساتها ونشر الأكاذيب والشائعات دون وجود رقيب.
وأضاف وهنا يبرز دور الإعلام بوجه عام ، من خلال التركيز على فحص ذلك الكم الهائل من المعلومات الجديدة الواردة التي توثق طبيعة التنظيمات الإرهابية المتطرفة ، من أمثال "داعش" وممارساته وأهدافه ، ولا سيما تلك المعلومات التي يتم الحصول عليها من بعض العناصر المنشقة عن التنظيم ، بعدما اكتشفوا ماهية التنظيم وزيف دعاياته ومغرياته ، وأخلاقياته التي تتعارض كليًا مع الشعارات التي يطرحها... وهنا تبرز أيضًا أهمية تفعيل الإعلام الوطني ، لإضعاف النشاط الإعلامي للتنظيمات الإرهابية وخنقه بوسائل مختلفة وبرامج متقنة لتوضيح حقيقته في عيون الكبار والصغار ، وتغيير محتويات مواقع الانترنت ، من صور ونصوص دعائية للتنظيم ، ولا سيما الدعوة إلى الجهاد المزعوم والأفكار الدينية المزيفة.
واكد الهضيبى ان الإعلامي المبدع الصانع هو القادر على الفهم والإقناع ، والتعبير عن الرأي العام بكافة أشكاله ، والمساهمة في صياغته وتكوينه ، يتمتع بالعلم والخبرة ويتحلى بالثقة والأمانة والصدق ، ويعرض كل الحقائق بحيادية حتى لو كان بعضها يحتوى على مظاهر سلبية أو غير مرغوبة .. أما الإعلامي التابع الضائع فهو الذي يتبنى فكر الآخرين ، ولا توجد لديه القدرة على الإقناع والتوعية ، بل يستعرض فقط ما ينشر في الصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي ، وهو المتسبب الأول في انخفاض نسب المشاهدة والإنصراف عما يذاع أو ينشر.
واسترد قائل: ان الإعلام يا سادة ، ليست وظيفة تقليدية ، أو عمل روتيني .. بل هو علم وثقافة وعمل إبداعي يحتاج إلى مبدعين وليس تابعين .. ولذلك نحن بحاجة إلى إصلاح إعلامي عاجل يتحقق به الوعي قبل فوات الآوان ، وإلى كوادر بشرية مؤهلة قادرة على النقاش والإقناع ، تستخدم لغة العقل والقلب لكسب الآراء ، وتمتلك القدرة على الجذب والترغيب لانتزاع الإرادة الجماعية وفرض الموقف وزرع الرأي ، والتغلغل الذي ينفذ إلى طبقات اللاوعي ، الفردي والجماعي ، لدى جماهير المتلقين من الصغار والشباب والكبار.
وأضاف إذا كات الحرب العسكرية تسعى إلى إحتلال الحقول ، فإن حرب الأفكار تسعى إلى إحتلال العقول .. وإذا كانت الحرب العسكرية تهاجم العسكريين والمواقع العسكرية ، فإن حرب الأفكار تهاجم المدنيين والعسكريين على حد سواء .. وإذا كانت الحرب العسكرية محدودة في الزمان والمكان ، فإن حرب الأفكار مستمرة في الزمان(أوقات الحرب والسلم معًا) .. وإذا كانت من تقنيات الحرب العسكرية التشويش على الرادارات وأجهزة الاتصالات واختراقها لتحريف ضربات العدو وإفساد خططه ، فإن حرب الأفكار تعمل على التشويش على العقول وعمليات التفكير للأفراد .. وإذا كانت الحرب العسكرية تستعمل الحرب الإلكترونية والمعلوماتية وتعمل على تدميرها بفيروسات ، فإن حرب الأفكار تستعمل فيروسات المعلومات المغلوطة والمشوهة وترسلها إلى أنظمة جهاز التفكير لدى أفراد المجتمع المعادي لتدمر معنوياته وشل قدرته على الابتكار والتفكير بشكل سوي .
وقال النائب الدكتور ياسر الهضيبي، إن حرب الأفكار هي أخطر الحروب ، فهي تحاول أن تصيب الأفكار والتعاليم والمبادئ وتزرع بذور الفرقة والانقسام ، وتضع العقبات أمام التقدم والتطور .. وتعمل في الظلام وتطعن في الخلف ، وتلجأ إلى تشويش الأفكار وخلق الأقاويل والإشاعات ونشر الإرهاب.
وتابع خطورة هذه الحرب ، أن فكرة واحدة فاسدة قد تضر بأجيال كاملة ، حيث يبدأ تخلف أي أمة بفكرة سلبية قاتلة تستقر في نفوس الناس .. كما أن إصابة الإنسان في وعيه من أخطر الإصابات مضيفاً لا شك أن الوعي كغيره من المفاهيم والقضايا ، يحتاج إلى مقومات ، إما على المستوى الشخصي أو في إطار المؤسسات والمجتمعات ، ولعل أهم تلك المقومات: المؤسسات التربوية والتعليمية على تنوعها وفي كل مراحلها ، فالأسر والمدارس والجامعات والمناهج الدراسية والمعلمون والخطباء وأئمة المساجد والقساوسة ، يسهمون بشكل جوهري في رفع مستوى الوعي لدى الأفراد والمجتمعات ، ويسهمون إسهامًا كبيرًا في إكساب الإنسان الأدوات اللازمة للحكم على الأمور ونتائجها .. كما أن الإعلام يعتبر من أهم وأخطر الوسائل في تقدم الأمم أو تخلفها ، وما لم يحمل الإعلام مبادئ وقيمًا حضارية رائدة يترفع فيها عن الابتذال والإثارة ، فإنه سيتحول إلى وسيلة هدم سريع مهما كان البناء عتيدًا والبناة كثرا. الإعلام من أهم أدوات القوة الناعمة التي تستخدم لكسب العقول ، وخلق الوعي الاجتماعي والسياسي وتبني الواقع .. فهو شريك أساسي في التوعية والدفاع عن الدولة الوطنية وهويتها وثوابتها .. ولكن للأسف ، لم يكن إعلامنا المحلي في بداية المعركة على المستوى المطلوب للمواجهة ، إذ كان يدور كعادته في البرامج والتقارير والأخبار التقليدية ، ويهمل الجوانب الفكرية والعقائدية ، وهذا ما أدى إلى سيطرة الإعلام الآخر ، إلى حد أن الكثيرين كانوا يأخذون أخبار مجريات الأحداث والتحليلات الفكرية والسياسية من القنوات الخارجية ، ولاسيما بعض القنوات المأجورة.
وأشار الي انه على الرغم من أن الإعلام المحلي تقدم شيئًا فشيئًا ، ولاسيما الإعلام الفضائي ، وهو يحاول منافسة الإعلام المضلل ويفضح أكاذيبه وإدعاءاته .. إلا أننا ما زلنا في معركة إعلامية مع الفكر الهدام والمتطرف ، الذي يبُث الشائعات والأكاذيب ، لا تقل في أهميتها عن المعركة التي يخوضها جيشنا الباسل في سيناء ضد الإرهابيين .
وقال الهضيبى ،إن الأمر يتطلب من وسائل الإعلام عبر وسائطها وبرامجها المختلفة ، الموجهة للاطفال والشباب والعمال والفلاحين ، والشرائح الاجتماعية الأخرى ، أن تغير في مضمونات برامجها وأساليب تقديمها ، مع ضرورة التنسيق والتكامل بين الجهات القائمة على هذه الوسائل ، حتى لا يكون هناك أي تعارض أو تناقض في المفاهيم والأفكار...وهذا يحتاج إلى عناصر بشرية مؤهلة فكريًا وثقافيًا ، ومشبعة بالروح الوطنية والانتماء الوطني ،تتمتع بعقلية منفتحة ، تجيد توظيف وسائل الإعلام التقليدية والحديثة وتجيد الحوار والنقاش والإقناع .
وأعلن الدكتور ياسر الهضيبي عضو مجلس الشيوخ عدد من التوصيات والتي جاءت علي النحو التالي:
-إذا كان السيد الرئيس مشكوراً قد أطلق علي عام 2022 عام المجتمع المدني ...فأنني ألتمس من سيادته أن يكون عام الوعي والمجتمع المدني لما للمجتمع المدني من دور كبير في نشر الوعي السليم بل يجب علي هيئات وجمعيات المجتمع المدني أن تلم بمرتكزات تنمية الوعي لكي تفهمها جيداً ثم تنقلها بدورها الهام لباقي أبناء الشعب المصري خاصة الشباب والعمال والفلاحين.
- ان قضية الوعي تتطلب بيئة تشريعية جديدة لمعاقبة من يتعمد تزييف الوعي لدي المواطنين وبث ونشر اخبار كاذبة وشائعات باستخدام التكنولوجيا الحديثة.
-اقترح تشكيل لجنة لإدارة تطوير المحتوى البرامجي في جميع القنوات الفضائية ، وللتنسيق والتعاون فيما بينها لوضع استراتيجية لخلق الوعي الوطني والمجتمعي ، والتصدى للشائعات والأخبار الكاذبة والأفكار المتطرفة .. هذا بجانب التسيق والانسجام في الأدوار بين الإعلام ووزارات الثقافة والشباب والرياضة والأوقاف وغيرها من الجهات المعنية.
- نقترح تدريب مادة تنمية الوعي في مدارسنا وتحصين التلاميذ بها من الصغر.
-يجب عمل لجنة مشتركة من وزارات التربية والتعليم – التعليم العالي – والاوقاف والشباب والرياضة – والاتصالات – والإدارة المحلية – والتخطيط لوضع استراتيجية قومية بمرتكزاتها لحماية وتنمية الوعي علي غرار الاستراتيجية.