كل ما تريد معرفته عن البقالة عبر الإنترنت
في عالم متغير كل لحظة، ستشهد قطاعات خدمية تحولات تقنية تسهّل مهامنا اليومية، من بينها عمليات التسوق للبقالة التي ستشهد سلاسل أكثر ذكاءً وأقل احتكاكاً بالآخر، لتتبدى كحلّ يعد بزوال طوابير الانتظار، وخفض احتمالات السرقة من المحلات، فضلاً عن تقليل فاتورة الأجور، بيد أن ذلك يطرح في الوقت ذاته تساؤلات عما سيفقده البشر ناحية التفاعلات المجتمعية التي غالباً ما يتعثر بها المرء في تلك الأماكن حسبما نقلت البيان الإماراتية.
مع انطلاق سلسلة جديدة من محلات السوبرماركت الذكية، تتضح أكثر الأسباب الكامنة وراء احتمال انتشارها مستقبلاً، فهي تعد بزوال طوابير الانتظار، وخفض احتمالات السرقة، وتقليل فاتورة الأجور، ولكن انتشارها يطرح أيضاً تساؤلات عما سيفقده المجتمع في سياق ذلك؟ فمحلات السوبرماركت أكثر من مجرد أماكن لشراء الطعام، بل هي مساحة للاختلاط والتعامل اليومي بين الناس من مختلف الطبقات والخلفيات الاجتماعية في عالم يزداد انعزالاً بشكل متزايد، والعاملون قلقون من أنها تمثل خطوة أخرى في مسيرة القضاء على وظائفهم.
تفيد صحيفة "جارديان" البريطانية في تقرير نشرته أخيراً، بأن محلات السوبرماركت في المستقبل سيبدو مماثلة لما اعتدنا عليه، لناحية توفر المنتجات، كالخبز والزبدة وغيره، ولكنها ستكون مجهزة بأحدث التقنيات، وفي وقت يتسابق تجار التجزئة في العالم لنشر تكنولوجيا منافسة حالياً، فإن النموذج الذي تمضي به متشابه إلى حد ما.
فتلك المتاجر تمتلئ بألوف الكاميرات والرفوف الموزونة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تراقب كل حركة، وتكتشف ما تم شراؤه وتحاسب الشاري مباشرة أثناء خروجه. ففي بريطانيا، على سبيل المثال، في متاجر "تسكو'، لا توجد عمليات سحب (مسح ذاتي أو تقليدي) ولا مساعدون في السداد، ومن الناحية النظرية لا توجد فرصة للسرقة، لكن يتطلب الشراء منها، أولاً، تحميل تطبيق وتسجيل بطاقة ائتمان ومسح رمز الاستجابة السريعة على الهاتف للدخول من خلال بوابات تمنع من ليس لديه التطبيق من الدخول. ثم بمجرد الدخول تتبع التكنولوجيا الزبون في جميع أنحاء المتجر، وتسجل كل عنصر يجري التقاطه وإعادته، وعند الانتهاء يخرج الزبون، وبعد دقائق ينبهه هاتفه إلى المبلغ الذي أنفقه.
وكان قد تم افتتاح أول محل سوبرماركت للخدمة الذاتية في الولايات المتحدة في ممفيس بولاية تينيسي الأمريكية في عام 1916، وهذا شكل ثورة في وقته، لأنه أتاح للزبائن التجول في المتجر وأخذ المواد من الرفوف بأنفسهم، وحتى ذلك الحين كان على المتسوقين إعطاء صاحب المتجر قائمة التسوق لكي يجمعها بنفسه.
اليوم تتبع جميع المتاجر أكانت كبيرة أم صغيرة مفهوماً مشابهاً، ولكن احتياجات البيع بالتجزئة كانت تتطور. فوفقاً لموقع "يو غوف"، ولّت أيام التسوق مرة في الأسبوع، مع توجه الناس إلى السوبرماركت مرتين على الأقل في الأسبوع. ويهدف الجيل الجديد من متاجر الذكاء الاصطناعي إلى الاستجابة لهذه التغيرات. وقد وجد استطلاع حديث شمل ألفي شخص أجرته شركة التعبئة والتغليف "دي أس سميث" في المملكة المتحدة أن أكثر من ثلث هؤلاء على استعداد للخروج من المتجر بدلاً من الانتظار خمس دقائق في طابور الخروج.
وتقول كبيرة محللي التجزئة، لورا ساونتر، في شركة "دبيلو جي إس إن" لتحليل اتجاهات المستهلك إن "تلك المتاجر الجديدة هي للآباء العاملين من جيل الألفية، فهؤلاء يريدون الدخول والخروج ولا يريدون إضاعة وقتهم، فيما لا يريد جيل (زد) من الشباب التفاعل مع موظفي المتجر".
وينطلق حالياً سباق لإطلاق عشرات المتاجر المماثلة، حتى إن لدى أمازون، متاجر تستخدم تقنية مماثلة، وهي الشركة التي طالما اتهمت بتشجيعها الناس على شراء كل شيء على الإنترنت.
وفيما تزعم جميع محلات السوبرماركت أن التكنولوجيا مصممة لجعل حياة المتسوقين أسهل، يقول الخبراء إن الرغبة الحقيقية تكمن في تحسين صافي الأرباح عن طريق تقليص فاتورة الأجور، وتوفير حوالي 5.5 مليارات جنيه إسترليني تضيع كل عام بسبب سرقة المتاجر من قبل الزبائن والموظفين، ففي اسكندنافيا، يقدم بائعو التجزئة في الدول الاسكندنافية متاجر دون مساعدي تسجيل أو حراس أمن أو أي موظفين آخرين حاضرين، بدلاً من ذلك يستخدم الزبائن هواتفهم لفتح أبواب متاجر شبيهة بحاويات الشحن والتسوق بمفردهم والخروج بإشعار بفاتورة على هواتفهم.
وتزعم الشركات التي تقوم بتركيب التقنية أنها تقي من السرقة والأخطاء واحتيال الموظفين، وهذه مشكلات يواجهها جميع تجار التجزئة. وقد أظهرت دراسة لمركز أبحاث البيع بالتجزئة أن حوالي 1.4 مليار جنيه إسترليني تفقد سنوياً بسبب سرقة المتاجر في المملكة المتحدة، تليها 1.3 مليار جنيه تضيع بسبب الموظفين.
وردت المتاجر بمزيد من التكنولوجيا لمعالجة الأمر. فقامت بعض محلات السوبرماركت في تثبيت شاشات عند الخروج الذاتي لتذكير الزبائن بأن كل إجراء يجري تصويره. فيما قامت ساينزبيري بتجربة تقنية "كاشف الإخفاء" للتعلم الآلي للمراقبة والتسجيل، مشيرة إلى أنها ساعدت في خفض السرقة في بعض الأقسام بنسبة 47%.
وفي وقت تتوضح أسباب انتشار هذا الجيل الجديد من محلات السوبرماركت عالية التقنية، إلا أن هناك قلقاً يساور النشطاء من أنها قد تمثل خطوة أخرى نحو "مجتمع الرقابة اليومية"، فيما يتخوف آخرون من أن يقتصر التسوق على من يحمل هاتفاً ذكياً وبطاقة ائتمان في تلك السوبرماركت، هذا في وقت، يرى الخبير في الأتمتة بجامعة أكسفورد، الدكتور كارل بنيديكت فراي، أن تصميم التكنولوجيا جاء للقضاء على الوظائف وتوفير المال، في وقت وفرت محلات السوبرماركت فرص عمل مستقرة لفترة من الزمن.