من الذهب إلى الحبوب.. أسعار السلع تصعد وروسيا تواجه العزلة
صعدت أسعار السلع الأساسية من القمح والذهب وصولاً إلى الألمنيوم في انطلاقة مضطربة للأسبوع، حيث يصارع التجار بيئة جيوسياسية مشحونة ومجموعة مخاطر تتعلق بالإمدادات الناجمة عن اندلاع الحرب في أوكرانيا.
زاد سعر القمح ليصبح على مقربة من مستوى هو الأعلى منذ حوالي 13 سنة اليوم الاثنين، بينما حقق الألومنيوم مستوى قياسياً جديداً وصعد النيكل. وزادت أسعار سبيكة الذهب –وهي بمثابة الملاذ الآمن في الأزمنة التي تشهد حالات توتر دولية– بما يزيد على 2%.
توصلت الولايات المتحدة والغالبية الكاسحة من الحكومات الأوروبية إلى اتفاق لمعاقبة البنك المركزي الروسي واستبعاد الآخرين من نظام "سويفت" (SWIFT) الذي يُستعمل في إجراء معاملات دولية تقدر قيمتها بتريليونات الدولارات. تزيد القيود المفروضة الأشد صرامة من حالة عدم اليقين المتعمقة في سوق السلع الأساسية، والتي بث غزو روسيا لجارتها أوكرانيا القلق فيها.
وقالت مجموعة "غولدمان ساكس" في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "عدا حدوث تطور في مفاوضات إحلال السلام، نؤمن بأن هذا سيترك أسعار السلع الأساسية في حالة صعود حادة، حيث نشاهد تحطيم الطلب على أساس أنه آلية الموازنة الوحيدة البارزة المتبقية".
وفي حين أن المعادن والسلع الزراعية لا تعد هدفاً للعقوبات من صناع السياسة في الغرب، إلا أن الأسعار آخذة في الصعود، حيث يراهن المستثمرون على أن التدابير الأخيرة (العقوبات على القطاع المالي الروسي) من الممكن أن تعرقل سداد مستحقات الموردين، وتجبر البنوك على تقليص التمويل بطريقة أكبر بالنسبة لمشتريات السلع الروسية.
يقيس المستثمرون عبر الأسواق المالية بطريقة متزامنة الخطر المتنامي الذي يتهدد النمو الاقتصادي العالمي الناجم عن أكبر أزمة ذات طابع أمني في تاريخ أوروبا في عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية.
تشكل روسيا وأوكرانيا معاً رُبع صادرات القمح على مستوى العالم وخُمس مبيعات الذرة. تعتبر روسيا المورد الرئيسي لمجموعة كبيرة من السلع الأساسية بما فيها الألمنيوم، والنيكل، والبلاديوم، والنفط، والغاز.
متاعب في البحر
مع احتدام الحرب الدائرة، يتنامى خطر الاضطرابات اللوجستية بطريقة سريعة في أنحاء أسواق السلع الأساسية، حيث ترفض شركات التأمين توفير تغطية تأمينية للسفن التي تبحر عبر البحر الأسود، أو تطالب بأقساط هائلة لفعل ذلك الأمر. كانت تركيا أكبر مشتر منفرد للألمنيوم الروسي في سنة 2020، حيث تقدمت على الصين واليابان، بحسب قاعدة بيانات إحصاءات التجارة الدولية (UN Comtrade) التي تصدر عن الأمم المتحدة.
على صعيد أسواق الحبوب، جرى إغلاق الموانئ الأوكرانية، ويقول التجار إنهم غير قادرين على الوصول إلى سوق الحبوب الروسية. وأفادت بلومبرغ أن بعض المصدرين لا يمكنهم إبرام عقود في الوقت الراهن نظراً لأنهم لا يعلمون ما إذا كانوا سيتمكنون من تنفيذها في ظل تطور الموقف.
صعدت أسعار العقود المستقبلية للقمح في بورصة شيكاغو بنسبة 8.7% لتبلغ حوالي 9.34 دولار لكل 3/4 بوشل، بينما صعدت أسعار الذرة 5%، وتقدمت أسعار فول الصويا 3.9%. كما زاد سعر زيت النخيل في بورصة كوالالمبور 5.1% أثناء تداولات اليوم، بيد أنه بقي دون مستوى مرتفع قياسي.
ارتفع سعر الألمنيوم بما يبلغ نحو 4% في بورصة لندن للمعادن إلى مستوى قياسي جديد، بينما ارتفع البلاديوم 7.8% في ظل مخاوف من اضطرابات محتملة في الإمدادات. تنتج روسيا ما يصل إلى 40% تقريباً من معدن البلاديوم عالمياً. سجلت أسعار الفضة والبلاتين تغيراً محدوداً.
وبحسب أتيلا ويدنيل رئيس مجلس الإدارة المنتدب في شركة "نافيغيت كوموديتيس" (Navigate Commodities)، فإن الصادرات من خام الحديد عبر هذه المنطقة ستخضع لتأثير أي حملة عسكرية طويلة الأمد في أوكرانيا. صعد سعر الخام الذي تقوم عليه صناعة الصلب بنسبة 3.2% في بورصة سنغافورة.
انتعاش السبائك الذهبية
دعمت الأزمة في أوكرانيا أسعار الذهب، حيث يبحث المستثمرون عن ملاذات آمنة. أجبرت العقوبات الأحدث التي فرضتها الدول الغربية البنكَ المركزي الروسي على التعهد باستئناف مشترياته من المعدن النفيس والتي كانت متوقفة منذ ما يصل إلى سنتين.
ويرى جافين وندت، كبير محللي الموارد الطبيعية في شركة "ماين لايف" (MineLife Pty) أن "أسعار الذهب تتحرك في مسار وحيد فقط في الظروف الراهنة، وهو المسار التصاعدي".
ويقول إن المعدن النفيس "مدعوم بطريقة جيدة فعلاً من ارتفاع معدلات التضخم وحالة عدم اليقين حيال أسعار الفائدة الأساسية، فقد أسفر انتقال أثر الأزمة السياسية مع روسيا إلى تنامي أسعار الذهب، ويظهر أنه سيُبقي على قوته الدافعة الإيجابية".
صعد سعر عقود الذهب الفورية بنسبة 2.2% لتصل إلى 1930.85 دولار للأونصة، قبل أن يجري تداوله عند مستوى 1909.57 دولار بحلول الساعة 12:55 مساء بتوقيت سنغافورة.