العرب كلمة السر.. كيف تنجو أوروبا بدون الغاز الروسي؟
نشرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية تقريراً قال إن الاتحاد الأوروبي يمكنه النجاة من دون الغاز الروسي في الشتاء المقبل، وذلك بحسب ما تقوله دراسة.
وذكر تقرير جديد صادر عن مركز بروجل للأبحاث ومقره بلجيكا أن الاتحاد الأوروبى قادر على العبور إلى الشتاء القادم بدون واردات من الغاز الطبيعى الروسى مع تجنب الأضرار الجسيمة باقتصاده.
وقال الباحثون إن التكتل الذي يضم 27 دولة سيحتاج إلى تقليص طلبه بنسبة تتراوح بين 10٪ و15٪ على الأقل إذا أوقفت روسيا وارداتها تماما بعد هجومها على أوكرانيا، وهي بلد عبور للغاز المتدفق إلى الاتحاد الأوروبي.
وأظهر التقرير أنه إذا واصلت شركة التصدير الروسية العملاقة جازبروم الوفاء بالتزاماتها التعاقدية طويلة الأجل، فان التخزين المستنفد فى أوروبا يمكن تجديده بسهولة قبل موسم التدفئة القادم.
ويسلط قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا، الجارة الشرقية للاتحاد الأوروبي، الضوء على اعتماد التكتل على واردات الغاز من روسيا، وأثار دعوات من بعض السياسيين والشركات بشأن حظر تلك المشتريات. ومن المقرر أن يناقش وزراء الطاقة بالاتحاد الاوروبى خطر انقطاع الإمدادات فى اجتماع طارئ فى بروكسل فى وقت لاحق اليوم.وقالت سيمون تاجليابيترا، إحدى واضعي التقرير، "إن غزو روسيا لأوكرانيا هو لحظة فاصلة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي سيعيد أيضا تصميم خريطة الطاقة الخاصة به. وأضافت أن "رسالتنا الرئيسية هنا واضحة : اذا اضطر الاتحاد الأوروبى أو كان مستعدا لتحمل التكلفة، فيجب أن يكون من الممكن استبدال الغاز الروسى بالفعل لفصل الشتاء القادم دون تدمير النشاط الاقتصادى".
ذكرت وكالة بلومبرج أن الولايات المتحدة وحلفاءها يخططون للإفراج عن 60 مليون برميل من مخزونهم الاستراتيجي من النفط.ويقول التقرير إن التحدي المباشر الأكبر الذي يواجه الاتحاد الأوروبي هو تجديد مخزوناته من الغاز المستنفد. وفي حين لا يزال بإمكان الكتلة زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال من دول مثل الولايات المتحدة، فإن مثل هذه المشتريات ستكون أكثر تكلفة. كما أن إعادة ملء التخزين إلى مستوى متوسط سيكون عملية مكلفة: فقد تصل إلى 70 مليار يورو (78.2 مليار دولار) مقارنة بـ 10 مليارات في السنوات السابقة، وفقا لبروجل.
ومع توقع بقاء الأسعار مرتفعة خلال فصل الصيف، عندما يكون شراء الغاز أرخص عادة، فإن الشركات سوف تفتقر إلى الحافز لإعادة بناء الاحتياطيات وستحتاج إلى أدوات لتقاسم المخاطر من الحكومات.
وقال جورج زاكمان، الذي شارك في إعداد تقرير بروجل:"هناك وضع صعب للغاية. لكي نكون مستعدين، نحتاج إلى ملء المخازن بدءا من الآن. لكن المشغلين التجاريين قد يتهربون من شراء الغاز بالأسعار الحالية، حيث يجب أن يخشوا من أن تتسبب جازبروم في أي لحظة في انهيار الأسعار من خلال إغراق السوق".
فقد ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية خلال الأسبوع الماضي، إلى جانب الأحداث الجارية في أوكرانيا والعقوبات التي فرضتها الحكومات الغربية على روسيا ردا على ذلك. ارتفعت العقود الآجلة القياسية بنسبة تصل إلى 36٪ يوم الاثنين.
وقال باحثو بروجل إن سيناريوهات الأزمة ستتطلب الكثير من الارتجال. ومن أجل البقاء من دون الغاز الروسي، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يراجع العشرات من اللوائح، وأن ينفق بسرعة الكثير من المال، وأن يتخذ قرارات صعبة، وأن يقبل أنه في كثير من الحالات لن يكون لديه الوقت الكافي لإيجاد حلول مثالية.
ويأتي هذا التقرير في الوقت الذي تقوم فيه المفوضية الأوروبية بصياغة خطة عمل لتعزيز قدرة التكتل على الصمود في مجال الطاقة والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد. وقد شددت السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي على أن أفضل علاج لأوروبا هو تسريع تنفيذ الاتفاق الأخضر، وهي استراتيجية شاملة للتحول إلى الطاقة النظيفة والوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وبخلاف تقرير بروجل، تعتمد أوروبا على الغاز الروسي بنسبة تحصل إلى نحو 40% من احتياجاتها، ما يجعل غياب روسيا فراغاً ليس من السهل ملؤه. وتتوجه أوروبا والولايات المتحدة في الوقت الحالي لدراسة البدائل العربية، حيث يحتل العراق والمملكة العربية السعودية المرتبتين الثانية والثالثة في تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا بواقع 9% من الغاز العراقي و7.7% للسعودي.
وتبحث أوروبا مع الدول العربية الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" استقرار أسواق النفط والعمل على عودة الأسعار إلى المستوى الطبيعي عن طريق زيادة الإنتاج، إلا أن الأمر يواجه تحديات ترتبط بموازنة العرب بين علاقاتهم مع الروس من جهة وأوروبا والولايات المتحدة من جهة.
وقال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي إنه من الصعب استبدال كميات الغاز الروسي الضخمة الى أوروبا بإمدادات أخرى من الغاز الطبيعي المسال من مختلف الدول، فضلا عن أن أي دولة وحدها لن تستطيع أن تكون بديلا لروسيا بالنسبة لأوروبا.وقطر هي ثاني أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال بعد أستراليا وتسعى الى زيادة طاقتها الانتاجية التي تبلغ حالياً 77 مليون طن سنويا الى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027، لكن المشكلة لدى قطر ليست في سعة الإنتاج ولكن في ارتباطها حاليًا بعقود التوريد الى دول أخرى، إلا أنه من الممكن إعادة التفاوض على هذه العقود خاصة في حال حدوث أزمة وتداعيات سياسية أكبر. في أسوأ الأحوال، قد تعوض قطر عملاءها الحاليين مادياً.
أما بالنسبة للجزائر، قال الرئيس التنفيذي لشركة النفط والغاز الوطنية الجزائرية "سوناطراك" توفيق حكار، يوم الأحد بحسب رويترز، إن الشركة مستعدة لدعم شركائها الأوروبيين في المواقف الصعبة، وإنها ستظل مورد يُعتمد عليه للغاز للسوق الأوروبية.وبرز اسم مصر ضمن الحلول والبدائل الأوروبية المناسبة لتنويع بدائل إمدادات الغاز الروسي حال نقص الإمدادات أو توقفها، في ظل الارتفاع المستمر لأسعار الغاز الطبيعي عالميا. بحسب "سكاي نيوز".
وقال محللون وخبراء في مجال الطاقة في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن أزمة نقص إمدادات الطاقة لأوروبا "فرصة لوضع مصر على خريطة الطاقة الأوروبية"، وتأمين جانب من إمدادات الغاز الروسي للقارة العجوز.
لكن هؤلاء الخبراء عادوا للإشارة إلى أن "كميات الغاز المسال المصدرة من محطتي دمياط وإدكو من الصعب زيادتها حاليا"، خاصة بعد اتفاق القاهرة مؤخرا، على تحويل كميات من الغاز إلى لبنان عبر "خط الغاز العربي" الذي يمتد من الأردن إلى سوريا ثم لبنان.