ندوة.. هل الإعلام مسئول عن معالجة القصور اللغوى والثقافى؟ مشاركون يجيبون
عقد المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور هشام عزمى، مائدة مستديرة بعنوان "اللغة والإعلام والاغتراب"، نظمتها لجنة الإعلام، بقاعة الفنون، بحضور مقرر لجنة الإعلام الدكتور جمال الشاعر، وأدارتها دينا قنديل عضو اللجنة، وشارك بها كل من: الإذاعى القدير حازم طه، ومقدم البرامج الدكتور خالد عاشور، والكاتب الدكتور محمد فتحى، والإعلامية الكبيرة الدكتورة هالة أبوعلم، وشهدت الفاعلية مواصلة المجلس تطبيق الإجراءات الاحترازية كافة، بهدف الوقاية والحد من انتشار فيروس (كوفيد - 19).
قال الدكتور جمال الشاعر: تنعقد هذه المائدة المستديرة حول قضية الإعلام واللغة والاغتراب، لأنه فى المؤتمرات والندوات والفعاليات الثقافية السابقة الفترة أثيرت قضية تراجع اللغة العربية فى محطات الإذاعة وقنوات التليفزيون واستخدام العامية بكثرة، وعلى مستوى التعليم شهدنا الاهتمام بمدارس اللغات الأجنبية عمومًا، التى تدرس لغات مثل التركية والألمانية والصينية وغيرها، وهذا بالطبع توجه رائع نحو التنوع الثقافى والانفتاح على العالم، لكن تظل اللغة العربية مرتبطة بالهوية المصرية، فاللغة العربية لغة القرآن الكريم، واللغة التى نعتز بها، ولا شك أن اللغة العربية لغة منطق وتفكير وليست لغة تعبير فقط.
وأضاف الدكتور جمال الشاعر: إن اللفظ أو المصطلح اللغوى الذى يخرج من مذيع نشرة الأخبار عبر موجات الراديو للجمهور يصبح هو اللفظ المعتمد، والمرجعية اللغوية الصحيحة لدى المستمعين، أذكر فى بداية انضمامي إلى الإذاعة المصرية عام 1974م، كنا نسمع أن المذيع الذى يخطئ لغويًا يتلقى لفت نظر جزاءً لذلك، وإن كان هذا غير صحيح إلا أننا كنا نلتزم بقواعد اللغة العربية بشكل شديد، مشيرًا إلى تراجع مستوى اللغة العربية لدى المذيعين والإعلاميين يمثل إشكالية كبيرة، يكمن حلها فى الأساس فى قضية إحكام عملية تدريس اللغة العربية، بدءًا من المراحل المدرسية وصولًا إلى المرحلة الجامعية وكليات الإعلام.
وقال الدكتور خالد عاشور: لدى وجهة نظر مختلفة حول موضوع النقاش، ففى رأيي أعتقد أن الإعلام هو عامل تطوير للغة العربية، وهذا عكس تمامًا ما يشاع، نعم أعترف أن هناك أخطاء ناجمة عن تقصير، وكذلك أعترف أن لدينا مذيعات ومذيعين دون المستوى، فالكثير من الزملاء يحتاجون للمزيد من التدريب على إجادة اللغة العربية الفصحى، لكن إجمالًا قد خدم الإعلام اللغة العربية، أتحدث عن الإعلام بمفهومه الشامل، وسأضرب مثالًا بأمر حديث نسبيًا، وهو إحياء اللغة العبرية فى نهايات القرن السابع عشر تقريبًا، بفضل إليعيزر بن يهودا، الذى قال آنذاك عبارته المعروفة، التى باتت لافتتهم بعدها: لا حياة لأمة بدون لغة، والشاهد فى حديثى هنا أن هذا الرجل كان صحفيًا.".
ومن جانبه علق الدكتور محمد فتحى قائلًا: "أرى عدة مشاهد وثيقة الصلة بموضوع النقاش، المشهد الأول يتكرر يوميًا فى بيوتنا، جراء مشاهدة أطفالنا لأفلام الرسوم المتحركة المدبلجة بالعربية الفصحى، يعتادون على التحدث ببعض الكلمات العربية الفصيحة التى يكتسبونها منها، وإذا بالرعب واللوعة لدى الأهالى نظرًا لأنهم يعتقدوا أن العامية أفضل لأبنائهم لمجاراة الحياة اليومية عمليًا، والمشهد الثانى يتمثل فى كيفية نظر الدراما المصرية نحو التحدث باللغة العربية الفصحى، نجدها نظرة ساخرة شديدة التهكم!، وفى مختتم حديثه اقترح وضع مناهج عامة إجبارية لكليات الإعلام، نحو الارتقاء بلغتهم العربية الفصحى.
وفى سياق متصل قالت الدكتورة هالة أبو علم: أحزن حينما يصادفنى محتوى إعلامى ركيك، فإننى فى واقع الأمر مهمومة بهذه القضية، مهنيًا حينما أتحدث أتذوق اللغة العربية الفصحى، على سبيل المثال حينما أقدم النشرة الإخبارية، أولًا أفهم الخبر وأقسم الجمل بشكل بسيط، وخلال ذلك أقف وقفات معلقة وأخرى نهائية وفقًا لسياق المعنى الذى استطعت استيعابه فى بادئ الأمر؛ فبالإضافة إلى اللغة العربية الصحيحة الفكرة تكمن فى الأداء الإخبارى، بالنسبة للإعلامى على وجه الخصوص الأمر لا يكمن فى الإلقاء فقط، وكان دائمًا ما يقال لنا إن كان المطلوب من الإعلامى إلقاء سليم لغويًا فقط؛ لكان الأحرى أن يقدم النشرة الإخبارية خريجو الأزهر مثلًا."، وفى مختتم حديثها أشارت إلى أهمية الإعلام التى تكمن فى تعويض القصور والتردى اللغوى والثقافى، مما يؤكد خطورة افتقاد الإعلام للغة العربية الصحيحة بدرجة كبيرة.