الأمهات البديلة| الحرب تقطع تجارة الأرحام في أوكرانيا
ولادة فى القبو.. وأجنة فى أرحام الأوكرانيات «الأمهات البديلة» عالقون بسبب القصف الروسى الأوكرانى، حصار وقلق ينتاب النساء اللاتى على وشك الوضع لتسليم الطفل وأخذ ما تبقى من الأموال المتفق عليها.. بينما تواصل القوات الروسية هجومها على كييف، أجبر الأوكرانيون على الاحتماء؛ صغارًا وكبارًا بالملاجئ، ومن بين هؤلاء الأمهات البديلات وهى جزء من صناعة الخصوبة المزدهرة فى البلاد..
سلط الصراع الضوء على مفارقة تأجير الأرحام فى أوكرانيا، التى يلخصها شعار «جسدها، طفلى» . أثناء النزاع، كثر الحديث عن هذه التجارة وتأثرها وأن تختبئ الأم البديلة لوضع الطفل والحفاظ عليه حتى يكمل الاتفاق، أين المكان الآمن لحماية الجنين نيابة عن والديه؟ هل تبقى فى المدينة تحت القصف بجوار المستشفيات أو تهرع إلى القبو والملاجئ غير المجهزة؟
تعتبر هذه قضية الساعة فى أوكرانيا، بعد أن بات حديثو الولادة من الأرحام المؤجرة تعتنى بهم ممرضات فى الملاجئ خوفًا من القصف ولا يستطيع آباؤهم الوصول إليهم وأخذهم. تعانى الأمهات البديلات اللاتى لديهن أطفال حديثى الولادة من ليال بلا نوم بسبب الغزو الروسى الذى يمنع استلام الرضع، بينما تسعى مؤسسة خيرية لتنفيذ مهام الإنقاذ. أوكرانيا هى الوجهة الثانية الأكثر شعبية بعد الولايات المتحدة للأزواج الأجانب الذين يسعون للحصول على خدمات تأجير الأرحام وفقًا لمنظمة «Growing Families»، غير الربحية مقرها أستراليا التى تعمل كحلقة وصل مع الأزواج الذين يسعون إلى تأجير الأرحام وعلاج الخصوبة فى أوكرانيا وحول العالم.
تستقبل العيادات الآن وابلًا من الاتصالات من الآباء المتعاقدين على الأجنة خارج أوكرانيا، والذين هم فى أمس الحاجة إلى الحصول على معلومات أين الأمهات البديلات أين أطفالهن، وكيف يمكن استلامهم. كان هناك بعض المراكز متوقعة الهجوم واستعدت بشأن هؤلاء الأمهات خوفًا من إنهاء التعاقد، وبالفعل اتخذت بعض المنشآت خطوات لضمان سلامتهن ونقلهن نحو المناطق الغربية من البلاد، مثل عيادة «BIOtexcom» أشهر مراكز تأجير الأرحام فى كييف، التى قامت ببناء ملجأ مجهز بأقنعة الغاز وسترات النوم والأغذية المعلبة وأسرة الأطفال. وقال المستشار القانونى للعيادة «دينيس هيرمان» إن المكان يمكن أن يستوعب 200 حالة.
تعد أوكرانيا مركزًا دوليًا لتأجير الأرحام، وهى واحدة من بلدان قليلة فى العالم تسمح للأجانب بإبرام عقود مع النساء المحليات الأوكرانيات، هذا يعنى أن الأزواج من الولايات المتحدة والصين وألمانيا وإيطاليا يمكنهم الذهاب إلى هناك والترتيب مع امرأة أوكرانية لتربية طفلهم فى رحمها. يجب احترام الشروط يجب أن يكون الوالدان من جنسين مختلفين ومتزوجين وهناك حاجة إلى أسباب طبية لتبرير اللجوء إلى هذه الممارسة ولكن لا يزال هناك العديد من الأمهات المحتملات ودفعهن قانونيا وإقامة الأبوة القانونية للوالدين أمر بسيط.
ومن غير الواضح عدد الأطفال الذين يولدون لأمهات بديلات فى أوكرانيا، حيث تتراوح الأعداد بين ألفين و2500 كل عام. وما لا يقل عن 1500 من الأزواج الذين يعيشون فى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيرلندا وأستراليا وأماكن أخرى لديهم أمهات بديلة وأجنة مخزنة فى عيادات فى أوكرانيا، وفقًا لمدير منظمة «Growing Families سام إيفرينجهام، على سبيل المثال، تتوقع عيادة «BIOtexcom»، أنها فى الأشهر الثلاثة القادمة ولادة 200 طفل. وتقدم العيادة ثلاث حزم مختلفة لعملائها، لا توجد أسعار فى الدولة لكن تنخفض الأسعار مع زيادة المنافسة، وفقًا لمجلة «ذى إتنلانتك» الأمريكية.
من المعروف أن تأجير الأرحام محظور فى جميع أنحاء أوروبا، بينما تسمح به إنجلترا لمواطنيها فقط، وتسمح به أوكرانيا فى إطار قانونى منذ عام 2007 للأجانب؛ إن القوانين مرنة والإجراءات يسيرة والأثمان رخيصة؛ لا تمنح الأمهات البديلات أى حقوق أبوية، ويتم إصدار شهادة ميلاد باسم أولئك الذين «اشتروا» هذه الخدمة بعد ولادة الطفل، حتى أصبحت أوكرانيا ومدنها أشهر مركز لتأجير الأرحام فى القارة العجوز؛ وتقع غالبية العيادات التى تقوم بمثل هذه التجارة فى كييف والتى تستهدفها العمليات الروسية. وفقًا للجمعية الأوروبية للتكاثر البشرى وعلم الأجنة، وهى هيئة عضوية فى عيادات الخصوبة العاملة فى الاتحاد الأوروبى، هناك ما لا يقل عن 33 عيادة خصوبة خاصة وخمس عيادات حكومية تديرها الحكومة الأوكرانية.
وبعد اندلاع الصراع الروسى الأوكرانى، هناك ألفا زوج من مختلف أنحاء العالم من المحتمل أن تكون أجنتهم عالقة فى أوكرانيا. منذ عام 2015، بعد التعرض لسوء المعاملة والتخلى عن أطفالهم من قبل والديهم البيولوجيين، قررت نيبال والهند التخلى عن هذه التجارة للأجانب ما أصبح الطريق مفتوحا إلى توسع التجارة فى أوكرانيا، بعد أن باتت وجهة لمن يرغبون فى إنجاب أطفال بهذه الطريقة. هناك 50 عيادة طب الإنجاب فى البلاد ولكن ليس من الواضح كم منها يقدم خدمات تأجير الأرحام. وبالمثل، لا يوجد سجل وطنى للتبرع بالبويضات وبرامج تأجير الأرحام.
وفى أوكرانيا، وهى واحدة من أفقر البلدان فى أوروبا، ينظر إلى تأجير الأرحام على أنه مخرج ومنقذ للعديد من الأوكرانيات، حيث يصل دخل الفرد السنوى إلى 4 آلاف دولار، ويمكن للمرأة التى تقدم هذه الخدمة أن تكسب ما يصل إلى 20 ألف دولار، وإذا تبرعت ببويضتها، فإن السعر الذى تحصل عليه سيزيد. ويبدو أن الشركات الوسيطة تطلب سعرًا يصل إلى 65 ألف دولار من أولئك الذين يرغبون فى إنجاب الأطفال. ويتساءل أحد الآباء الذى تحدث مع المجلة الأمريكية تحت اسم مستعار جلين ماكجيل «إذا كان طفلك فى مبنى اشتعلت فيه النيران، ألن تركض إلى الداخل لإنقاذ لحمك ودمك؟ ماكجيل الأسترالى الذى استأجر مع زوجته أمًا بديلة فى أوكرانيا، وهى الآن حامل فى الأسبوع 36 ومن المقرر أن تلد خلال أيام. ماكجيل وزوجته، اللذين أمضيا سبع سنوات فى محاولة لعلاجات الخصوبة المختلفة، قد حجز رحلة طيران إلى كييف ليكونا مع الأم البديلة عند حالة الولادة.
وتمت العملية عندما قامت عيادة فى أستراليا بتجميد أجنتهم ثم سافر ممثل عن العيادة فى أوكرانيا إلى أستراليا لجمع الأجنة والعودة مرة أخرى إلى كييف، ماكجيل وزوجته على اتصال دائم بالأم البديلة عبر تطبيق يترجم الرسائل الإنجليزية إلى الأوكرانية، لقلقهم عليها وعلى أسرتها بأكملها، التى تقيم مع بديلات أخريات يحملون أطفالًا لأزواج أجانب، ويضيف ماكجيل قائلًا إنهن فى مبنى سكنى حيث العيادة والوكالة به، القلق يزداد وحالة من الترقب ولا شيء يمكن فعله سوى الصلاة من أجل سلامتهن.
والآن مع استمرار العمليات العسكرية، تستعد بعض العيادات فى جورجيا المجاورة لنقل الأجنة من أوكرانيا إلى منشآتها، لكنها ليست مهمة سهلة، نظرًا لاعتمادها على الرحلات الجوية التجارية لنقل الأجنة، ومع إغلاق الرحلات الجوية ليس هناك الكثير مما يمكن القيام به.