بعد تحقيقها 8% في 2021
الصين تسعي للاستقرار الاقتصادي لمواصلة النمو.. وتتهم السياسات المالية الأمريكية بالسوء
كشفت تقارير إقتصادية صينية أن الدولة حققت إنجازات مرموقة في عام 2021، فقد بلغت نسبة نمو اقتصادها 1ر8%، مقارنة مع عام 2020، في ظل السيطرة بشكل أساسي على جائحة كوفيد- 19.
واضاف التقرير انه رغم النمو إلا ان الصين تواجه ثلاثة ضغوط ناتجة عن تقلص الطلب والأزمات المتعلقة بالإمداد وتراجع التوقعات الاقتصادية خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى اتجاه معدل نمو الاقتصاد الصيني نحو الانخفاض وفقا للإحصاءات الفصلية، مما يعني أن الصين ستواجه صعوبات عديدة في عام 2022. لذلك، طالب المؤتمر المركزي للعمل الاقتصادي الذي عقد في ديسمبر عام 2021، بضمان استقرار الاقتصاد الصيني وتحقيق التقدم على أساس الوضع المستقر في عام 2022. وعليه، يمكن القول إن الاتجاه الرئيسي لتنمية الاقتصاد الصيني في عام 2022، هو "المحافظة على الاستقرار".
وبمقارنة مع عام 2021، تشهد البيئة الداخلية والخارجية للصين تغيرات في عام 2022. ستكون البيئة الخارجية معقدة وغير مؤكدة على نحو متزايد. من جانب، على الرغم من الانتعاش الكبير للاقتصاد العالمي في عام 2021، فإن السياسات النقدية المتساهلة للولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول على مدى سنوات عديدة، والتأثيرات السلبية الناجمة عن جائحة كوفيد- 19 على سلاسل الصناعة العالمية، أدت إلى تضخم كبير لتلك الدول ومن الممكن أن تسرع بخطى تغيير سياساتها النقدية؛ ومن جانب آخر، نظرا لاتخاذ مزيد من الدول سياسة "التعايش مع فيروس كورونا" وإعادة الإنتاج والعمل، سينخفض اعتماد هذه الدول على البضائع الصينية.
وفيما يتعلق بالبيئة الداخلية، تواجه الصين ضغوطا جديدة للسيطرة على الجائحة بعد ظهور حالات الإصابة بالمتحور الجديد من فيروس كورونا، "أوميكرون" مؤخرا. ينبغي تعزيز التدابير الدقيقة لمكافحة الوباء من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية بصورة سلسة ومستقرة. في نفس الوقت، ستواجه الصين الضغوط المتزايدة بسبب تقلص الطلب والأزمات المتعلقة بالإمداد وتراجع التوقعات الاقتصادية في عام 2022، وذلك يتعلق إلى حد كبير بالقيود التي فرضت على قطاع العقارات في عام 2021.
ستواجه الصين الضغوط الكبيرة للتنمية الاقتصادية في عام 2022. وعلى الرغم من ذلك، نجحت الصين في إنعاش اقتصادها في ظل جائحة كوفيد- 19، وتحقيق إعادة العمل والإنتاج بشكل سريع، والمحافظة على الأداء السلس لسلاسل الصناعة والإمداد، مما يدل تماما على أن الإمكانيات الكبيرة للسوق الصينية وقوة المرونة الاقتصادية للصين وتفوقها في التنافس العالمي. لذلك، بإمكاننا القول إن الاقتصاد الصيني سيكون مستقرا، ومن المتوقع أن يحقق نموا بسرعة متوسطة وعالية.
أولا، ستقدم السياسة النقدية المرنة والحصيفة للصين، أفضل بيئة خارجية للتنمية الاقتصادية. الصين من الدول القليلة التي تحافظ على السياسة النقدية الطبيعية. ومن أجل المحافظة على التنمية المستقرة للاقتصاد الحقيقي، خفض بنك الشعب (المركزي) الصيني نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك بمقدار 5ر0 نقطة مئوية، وتم إطلاق 2ر1 تريليون يوان من الأموال (الدولار يساوي 4ر6 يوانات حاليا) في 15 ديسمبر عام 2021، مما يقدم بيئة مالية جيدة للشركات المتوسطة والصغيرة والمشروعات التكنولوجية الابتكارية وأعمال التنمية الخضراء على أساس المحافظة على وفرة معقولة من السيولة.
الآن، يبلغ سعر الفائدة على القروض بالرنمينبي لمدة خمس سنوات 65ر4%، ويصل المتوسط المرجح للاحتياطي الإلزامي للبنوك إلى 4ر8%. ولا يزال هناك مجال لخفض معدل الفائدة ونسبة الاحتياطي النقدي. فإذا تبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الغربية الأخرى السياسة النقدية المتشددة، فإن السياسة النقدية للصين قادرة تماما على التحوط ضد أزمة السيولة هذه. بالإضافة إلى ذلك، يقدم البنك المركزي الصيني سلسلة من التدابير النقدية الدقيقة والمستهدفة لدعم الأعمال التكنولوجية والشركات المتوسطة والصغيرة الحجم، الأمر الذي يرفع فاعلية السياسة النقدية الصينية ويخفف الآثار السلبية لها.
ثانيا، ستحسن السياسات النقدية الإيجابية وضع الطلب الداخلي، وسترسي أساسا متينا للتنمية الاقتصادية. في عام 2021، انتهجت الصين سياسة نقدية متحفظة نسبيا، وقد وضعت الصين عجز الميزانية المستهدف لعام 2021 عند 2ر3%، مقارنة مع 6ر3% في عام 2020. في هذه الحالة، بإمكان الحكومة الصينية المركزية في عام 2022 زيادة حجم إصدار السندات الخاصة للحكومات المحلية بشكل مناسب وفقا لأحوال التنمية الاقتصادية، وتعزيز الاستثمار في البنية التحتية والمشروعات الإستراتيجية الضخمة ومشروعات الإسكان، فهذا يساعد على دفع الاستثمار الاجتماعي في قطاعات التكنولوجيا العالية مثل التصنيع الذكي والطاقة الجديدة. هكذا، سيتم تشكيل دورة فعالة بين الاستثمار والتوظيف والاستهلاك، مما يضمن تغيير اتجاه مسار التباطؤ في النمو الاقتصادي.
ثالثا، ستتعزز قوة التنمية الداخلية في الصين، مما يقدم ضمانا للنمو "المستقر" للاقتصاد الصيني. تشهد الصين في السنوات الأخيرة تطورا مطردا في قوة التنمية الداخلية، بفضل إصلاح جانب العرض وتبني نموذج التنمية الجديد "التداول المزدوج". من ناحية، يرتفع مستوى الأبحاث العلمية وقدرة الابتكار الذاتي في الصين، حيث تمتلك أكبر مجموعة للأبحاث والتطوير في العالم، وتحتل المركز الثاني في العالم من حيث حجم الاستثمار في أعمال الأبحاث والتطوير، تجاوزت كثافة البحث والتطوير في الصين مستوى الاتحاد الأوروبي. في عام 2021. يقول تقرير من المنظمة العالمية للملكية الفكرية إن الصين تجاوزت الولايات المتحدة الأمريكية من حيث عدد طلبات براءات الاختراع الدولية لمدة عامين متتاليين في عامي 2019 و2020، لتحتل المرتبة الأولى في العالم.. فضلا عن ذلك، جاءت أربع جامعات صينية ضمن المراكز العشرة الأولى للمؤسسات التعليمية في التصنيف العالمي لبراءات الاختراع الدولية. ومن ناحية أخرى، تسرع الصين في التحول والارتقاء الهيكلي الصناعي وتحقق نتائج ملحوظة. تتطور الشركات الصينية في مجالات الصيدلة البيولوجية والطاقة الجديدة والمعدات الضخمة بسرعة وتتعاظم قدرتها التنافسية في المجتمع الدولي. لذا، تقدم قدرة الصين في الأبحاث والتطوير ضمانا قويا لتنمية اقتصادها بجودة عالية.
وعلاوة على ذلك، ترفع الحكومة الصينية كفاءتها في الإدارة الاقتصادية وهذا أساس للتنمية الاقتصادية المستقرة. أثبتت الحقائق أن الإنجازات الاقتصادية المحققة في الصين لها علاقة وثيقة بقيادة الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية. أوضح المؤتمر المركزي للعمل الاقتصادي في عام 2021، أن الحكومة الصينية اكتسبت "مزيدا من الفهم لقانون أداء العمل الاقتصادي بشكل جيد. وقامت بتلخيص الخبرات من الإنجازات الاقتصادية، وتصحيح المشكلات المعنية، والمحافظة على التوازن بين سرعة النمو الاقتصادي وجودته وفاعلية التنمية الاقتصادية وعدالتها سعيا لتجنب المخاطر المالية في الصين.
في ظل تعقد وتغير البيئة الداخلية والبيئة الخارجية في عام 2022، تتمتع الصين بقدرة كبيرة لتحقيق تنمية اقتصادية مستقرة، وتحويل الضغوط إلى قوة محركة وحث الخطى في تعديل الهيكل الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة الشعب الصيني، وتحقيق تنمية اقتصادية عالية الجودة.