الاقتصاد الألماني يواجه تحديات تاريخية: أعلى تضخم منذ 50 عامًا وتوقعات بموجة ركود وانخفاض قياسي في معدل النمو
تخيم أجواء من التشاؤم على مستقبل الاقتصاد الألماني ، خاصة مع الخوف من الدخول فى موجة من الركود التضخمى مما يشكل أسوأ أزمة لأكبر اقتصاد فى أوروبا منذ خمسين عاما. يأتي هذا بالتزامن مع رفع المركزى الأوروبي سعر الفائدة على اليورو لأول مرة منذ 10 سنوات، وتعكس بيانات البنك المركزى الألماني التى أعلنها أمس الجمعة أجواء التشاؤم والمخاوف التى تكتنف أداء الاقتصاد الألماني، فقد خفض البنك المركزى توقعاته لمعدل النمو للاقتصاد الألماني هذا العام الى 1,9 % بدلا من التوقعات السابقة وهى 4,2 %، كما خفض أيضا توقعاته لمعدل النمو فى 2023 الى 2,4% بدلا من 3,2 %.
وطبقا لبيانات المركزى الألماني التى أعلنها أمس، فقد قفز معدل التضخم فى شهر مايو الماضى الى أعلى معدل تشهده السوق ألألمانية منذ خمسين عاما، فقد بلغ 7,9 % طبقا لمؤشر أسعار المستهلكين، مع توقعات بأن يصل المعدل السنوى الى 7,1 % نهاية العام الحالى، لكن يواخيم ناجل محافظ المركزى الألماني توقع تراجع معدل التضخم تدريجيا العام المقبل ليصل إلى 4,5 % ثم إلى 2،6 % عام 2024 ، بينما المفروض طبقا لضوابط المركزى الأوروبي ألا يزيد معدل التضخم على 2 % .
ويعني ذلك انتهاء عهد التمويل الرخيص وعلى الصعيد الأوروبي خاصة منطقة اليورو، فقد تدخل البنك المركزى الأوروبي أخيرا فى محاولة منه لامتصاص الضغوط التضخمية التى تضرب الاقتصاديات الأوروبية كلها، حيث أعلن رفع سعر الفائدة على اليورو 25 نقطة أساس لأول مرة منذ 10 سنوات لينهى بذلك عصر الفائدة الصفرية، كما أعلن أيضا وقف شراء السندات طويلة الأجل بداية من يوليو المقبل.
وانعكست الضغوط التضخمية على اقتصادات منطقة اليورو على توقعات البنك المركزى الأوروبى التى أعلنها أول أمس حيث رفع توقعات معدل التضخم السنوى الى 6,8 % مقارنة بـ 5,1 % التى توقعها فى مارس الماضى بينما خفض توقعاته لمعدل النمو الى 2,8 % بدلا من 3,7 % فى مارس الماضى.
وانتقد كليمنس فوست الرئيس التنفيذى لأكبر معهد متخصص فى الدراسات والتحليلات الاقتصادية فى ألمانيا " معهد ايفو " تأخر المركزى الأوروبى فى التدخل لكبح جماح الموجة التضخمية قائلا : للأسف لن تجدى شيئا الإجراءات الجديدة التي تأخرت كثيرا، ولا مفر من الدخول فى موجة ركود بعد انتهاء فترة التمويل الرخيص فى أوروبا .
وفى الأسواق الألمانية يستمر ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية لتلامس مستويات قياسية فقد اقترب سعر لتر زيت الطعام من عباد الشمس من 4 يورو – حوالى 80 جنيها مصريا – بيينما وصل سعر لتر البنزين الى أكثر من 2 يورو فى معظم المدن الألمانية، وأشارت بعض الصحف الألمانية إلى أن قطاع الزراعة والثروة الحيوانية فى ألمانيا يواجه تحديات غاية فى الصعوبة يعجز المزارعون والمستثمرون عن مواجهتها مما ينذر بتدهور هذا القطاع وبالتالى يؤدى الى المزيد من ارتفاع أسعار المتنجات الغذائية فى السوق ألألمانية بمعدلات تفوق القدرات الشرائية للمستهلكين، بينما يواجه قطاع الصناعة ضغوطا تضخمية غير مسبوقة خاصة ارتفاع أسعار الطاقة ومشكلات فى سلاسل الإمداد قد تضعف من القدرة التنافسية للمنتجات الصناعية ألألمانية وتنذر بانتهاء عهد سيطرة " صنع فى ألمانيا " على الأسواق العالمية . ويطرح السؤال نفسه: هل ينجح حكماء الاقتصاد فى ألمانيا فى وضع "روشتة "علاج ناجعة لمواجهة هذه التحديات التاريخية أم أن الأمر يتوقف على مجريات وتطورات الصراعات الدولية والإقليمية؟