ألمانيا: هل يؤدي ارتفاع الجدل السياسي حول أسعار الطاقة إلى تصاعد الاحتجاجات؟
بعد ان ارتفعت أسعار الطاقة إلى مستويات غير مسبوقة تصاعد الجدل السياسي حول احتمالات اندلاع احتجاجات عنيفة وحول تغيير السياسات التي تسعى الحكومة الالمانية إلى تطبيقها للحد من ارتفاع الأسعار وخفض التضخم وتصاعد مخاوف الركود مثل إصلاح تعريفة الكهرباء والعودة إلى المفاعلات النووية واستخدام مناجم الفحم.
البداية كانت بانتقاد ديتر دومبروفسكي رئيس اتحاد ما يسمى بروابط ضحايا الحكم الشيوعي لألمانيا الشرقية، مناشدة من صفوف حزب اليسار الألماني المعارض بتنظيم مظاهرات في أيام الإثنين ضد الرسوم الإضافية للغاز وضد ارتفاع أسعار الطاقة.
وقال ديتر دومبروفسكي لشبكة التحرير الصحفي بألمانيا: "كون أن اليسار يحاول إعادة توظيف مظاهرات أيام الاثنين التي نشأت في مقاومة ديكتاتورية حزب الوحدة الاشتراكي بألمانيا الشرقية (إس إي دي)، يعد أمرا مخجلا، ويظهر قصورا في الوعي بالتاريخ" في إشارة إلى دعوة زورن بلمان، المفوض باسم شؤون شرق ألمانيا بالكتلة البرلمانية لحزب اليسار بالبرلمان الألماني "بوندستاج"، الذي دعا لمظاهرات في أيام الإثنين ضد فرض رسوم إضافية للغاز وضد ارتفاع أسعار الطاقة.
من جهة أخرى، يعتزم حزب البديل من أجل ألمانيا (إيه إف دي) اليميني المعارض تنظيم مظاهرات ضد ارتفاع نسبة التضخم الذي يحمل الحكومة الاتحادية المسؤولية عنه.
وقال رئيس وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية إنه لا يوجد تصور حاليا بشأن حدوث احتجاجات عنيفة واسعة النطاق في ألمانيا مرتبطة بارتفاع أسعار الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا.
وأكد رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور في ألمانيا توماس هالدنفانج لصحيفة بيلد آم زونتاج الألمانية أنه في حين أنه "لا يوجد لدينا في الوقت الراهن أي إشارات بشأن حدوث أعمال شغب جماعية عنيفة"، إلا أن السلطات الأمنية مستعدة مع ذلك لجميع السيناريوهات.
تجدر الإشارة إلى أنه في يوليو الماضي حذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك من اندلاع "انتفاضات شعبية" في حالة نقص الغاز.
ومع ذلك، قال عالم الاجتماع بيوتر كوتسيبا لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه يتوقع موجة عنيفة من الاحتجاجات في الخريف في ضوء أزمة الطاقة التي تلوح في الأفق وارتفاع التضخم في ألمانيا.
وفي تطور لافت على عمق أزمة الطاقة في ألمانيا دعا وزير المالية الألماني للإسراع من عملية الإصلاح في سوق الكهرباء
وقال ليندنر لصحيفة "بيلد أم زونتاج" الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر اليوم الأحد: "يتعين على الحكومة الاتحادية تكثيف العمل بأقصى سرعة بشأن أسعار الطاقة، وإلا سيزداد التضخم بشكل أقوى من خلال أزمة الكهرباء".
وانتقد وزير المالية الألماني الارتفاع القوي لأرباح مشغلي توربينات الرياح وأنظمة الطاقة الشمسية ومحطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وقال: "الأرباح تزيد بمقدار مليارات على حساب المستهلكين".
ومن جانبه يسعى وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك للحد من الأسعار للمستهلكين وللأوساط الصناعة من خلال إصلاح جذري لسوق الكهرباء. وقالت متحدثة باسم الوزارة يوم الجمعة الماضي إنه يتم السعي من أجل الفصل بين التطور في الأسعار النهائية للكهرباء بالنسبة للمستهلك وبين أسعار الغاز المتزايدة، وأوضحت أن الأمر يتعلق بمشروع متوسط المدى.
من جهة أخرى أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك رفضها لإطالة مدة تشغيل محطات الطاقة النووية الألمانية الثلاث المتبقية حاليا، لفترة تتجاوز نهاية العام الجاري.
وقالت بيربوك لصحيفة "بيلد أم زونتاج" الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر اليوم الأحد: "لست مقتنعة بأن محطات الطاقة النووية ستحل مشكلة الغاز الخاصة بنا".
وتابعت الوزيرة الألمانية أن الأشخاص الذين يتحدثون حاليا عن الطاقة النووية، لا يهمهم تسيير الأمور، ولكنهم يريديون الرجوع إلى استخدام الطاقة النووية، وقالت: "دفعنا مليارات كثيرة خلال العقد الماضي بسبب هذا التردد في الخروج من استخدام الطاقة النووية. تقويض ذلك الآن سيكون جنونا، وسيكلفنا أكثر".
وفيما يتعلق بالفحم حتّمت أزمة الغاز الروسي على ألمانيا العودة إلى الاستخدام المتزايد للفحم قبل الشتاء، غير أن إعادة تشغيل المحطّات عملية محفوفة بالصعوبات منها نقص العمالة الشديدة و "الصدأ" الذي لحق بالمنشآت بعد سنة من التوقّف عن العمل.
ورغم أن حكومة المستشار الاشتراكي-الديموقراطي أولاف شولتس لسبع وعشرين محطّة فحم بمعاودة الإنتاج لفترة محدودة، حتّى مارس 2024 لكن لم تفتح سوى محطّة واحدة أبوابها من جديد بكامل طاقتها.
ويبدو أن أزمة الطاقة في ألمانيا لن تحل قريبا خاصة بعد أن طمأنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أوكرانيا بأن ألمانيا ستدعمها في الحرب ضد روسيا لسنوات قادمة، إذا لزم الأمر.