الدكتورة عبير شاورى تكتب.. مدارس ستيم ”المتفوقون المتسولون فى العلوم والتكنولوجيا”
تلك المدارس التى ذكرت بالعنوان هى امل من آمال مصر التى يجب ان يتبناها الجميع ويقف الى جوار طلابها وطالباتها فهم صفوة ابنائنا اللذين يجب ان نعتمد عليهم فى بناء هذا الوطن والدليل على ذلك ما يحققوه من نجاحات فى شتى و مختلف المجالات سواء اثناء وجودهم داخل المدارس او حتى بعد تخرجهم منها وسوف اذكر بعض الأمثلة لهذه النجاحات وانا على يقين ان هناك مئات النجاحات الأخرى التى حققها و يحققها هؤلاء الشباب المهمشين من قبل الوزارة او من قبل المجتمع
على سبيل المثال و اثناء العام الدراسى قبل الماضى هناك فريق من مدرسة المتفوقين بالشرقية مكون من مكون من الطالبات أريج سعيد ولمى عماد الدين وملك احمد وملك مؤمن فى”أسبوع القاهرة للمياه 2021 حيث اانطلق فى الرابع والعشرين من اكتوبر واستمر حتى 28 اكتوبر 2021 تحت شعار “المياه، السكان، والتغيرات العالمية: تحديات وفرص”، ويتناول المؤتمر تبادل الرؤى حول التغيرات العالمية التي تواجه قطاع المياه وتأثيراتها على المجتمع وكذلك قدرتنا على إدارة مواردنا المائية من خلال الاعتماد على الأساليب العلمية المستدامة والقابلة للتطبيق. بمشروع عن اعادة استخدام المياه المستخدمة فى اعادة تدوير الورق وتنقيتها للإستخدام اكثر من مرة و هو ما يتواكب حاليا مع مؤتمر المناخ المزمع عقده فى شرم الشيخ هذا العام
وهي المرة الأولى التي يتم فيها اختيار موضوع السكان في المؤتمرات العالمية المتعلقة بالمياه؛ لما له من تأثير مباشر على قطاع المياه نتيجة الضغط الشديد على الطلب لسد احتياجات السكان من مياه للشرب والري وتوفير الغذاء. وربط تأثير الزيادة السكانية والأنشطة المرتبطة بها بالتغيرات المناخية، وزيادة الانبعاثات التي تزيد من حدة تلك التغيرات. ولعل هذا البحث رغم انه جاء مبكرا بأكثر من عام على المؤتمر المزمع عقده فى شهر نوفمبر القادم بمدينة شرم الشيخ
إلا انه يناقش قضية مهمة لمعظم شعوب الأرض ألا وهى قضية الماء و كيفية الإستفادة منها وعدم اهدارها و ترشيد استهلاك الماء و يعد هذا احد النماذج للحلول العلمية و المبتكرة التى يقوم بها ابطال مدارس المتفوقين فى العلوم والتكنولوجيا ،هؤلاء الطلاب و الطالبات اللذين يتعرضون لمهزلة مجتمعية يندى لها الجبين فقد تم اختيار طلاب وطالبات هذه المدارس بعد عدة اختبارات قاسية وذلك بعد ان اجتازوا المرحلة الإعدادية بتفوق بحيث يكونوا حاصلين على الدرجات النهائية فى المواد العلمية ( العلوم والرياضيات) و اللغة الإنجليزية او فى مادتين من الثلاث مواد بالإضافة الى مجموع لا يقل عن 97 بالمئة من المجموع الكلى ثم يتم اختبارهم فى الثلاث مواد مرة اخرى على اجهزة الكمبيوتر اختبار اون لاين وذلك قبل وجود منظومة التابلت او حتى التدريب عليها او الإفصاح والتلميح لها كما تم اختبارهم ايضا اختبار ذكاء على اجهزة الكمبيوتر ثم يتم بعد ذلك اختيار افضل العناصر للإلتحاق بمدارس المتفوقين فعندما يتقدم لك اكثر من ستة الاف طالب او اكثر من المتفوقين
ثم تقوم بإعادة اختبارهم حتى تختار منهم الف طالب على مستوى الجمهورية فأنت قد قمت بإختيار صفوة الصفوة و قد قمت بعملية انتقاء عالية المستوى وبذلك هم اهل للإلتحاق بمدارس المتفوقين ثم ناتى بعد ذلك للدراسة فى هذه المدارس وهى دراسة قائمة على المشروعات وحل المشكلات و الطالب فيها هو الجانب الفاعل فى العملية التعليمية فكل مجموعة يتم تكليفها بعدة تكليفات فى كل مادة وعلى كل مجموعة ان تقوم بهذا التكليف و تقوم بالشرح لباقى الفصل و المعلم هنا هو مرشد وموجه فقط إلا اذا استلزم الأمر ان يكون معلم فيقوم بشرح بعض الأشياء و لا اخفيكم سرا ان هؤلاء الطلاب يتفوقون على معلميهم فى كثير من الأحيان ولا سيما انهم يقوموا بعمليات البحث المستمرة عن المعلومات
كما انهم لا يلتزمون بكتاب مدرسى محدد مثل الثانوى العام بل تكون دراستهم من خلال مراجع علمية دولية ومن مواقع علمية مختلفة وبعض مناهجهم ومقرراتهم يتم تدريسها ببعض الكليات العلمية مثل الطب و الهندسة هذا بالإضافة الى تعرضهم لمتغير مختلف تماما عن طلاب الثانوى العام ألا وهو انه يجب عليهم الإعتماد على انفسهم و الإبتعاد عن دفئ منازلهم و ذذلك لأن هذه المدارس تعتمد على النظام الداخلى حيث يقيم الطلاب فى سكن خاص بالمدارس سواء فى المدرسة نفسها او اماكن قريبة منها مثل المدارس التى لم تكتمل بعد
و هذا يشكل عبئ نفسى لهؤلاء الطلاب وعليهم ان يتعاملوا معه و يتغلبوا عليه حيث لا يوجد لديهم ام اوب او اخت تعد لهم كوب من الشاى فى الليالي الباردة اثناء قيامهم باستذكار دروسهم و لا يوجد من يقوم بتغطيتهم فى ليالي الشتاء الباردة واذا شعر احدهم بالجوع ليلا فعليه ان ينتظر للصباح حتى موعد الإفطار او عليه ان يكون قد ادخر شيئا لمثل هذه الأوقات و هذا الطالب الذى حُرم من رفاهية المنزل والأسرة يتعرض كل اسبوعين لإختبار يطلقون عليه اختبار جورنال و يكون فى بعض المواد العلمية و عليه ان يربط هذه المواد بمشروعه الذى يعده فى الفصل الدراسى
حيث ان كل مجموعة من الطلبة عليهم اعداد مشروع فى كل فصل دراسى وعمل مجسم لهذا المشروع والقيام بتجربته فإذا كان المشروع مثلا بناء كوبرى عليهم ان يقوموا بعمل نموذج مصغر من الكوبرى بنفس الخامات المقترحة لعمل هذا الكوبرى ثم تجربته فى ظروف مشابهة للواقع وإذا كان المشروع روبوت فعليهم ان يقوموا بتصميم الروبوت وتشغيله وتجربته و هكذا ثم نأتى للمرحلة الأخيرة فى دراستهم حيث يكون امتحانهم النهائى فى الصف الثالث اكثر صعوبة بالطبع من الثانوى العام ليس فى المادة العلمية فحسب لأن هذا امر طبيعى جدا مع اختلاف المقررات و الدراسة ولكن امتحاناتهم تعتمد على ما يسمى اختبار السرعة والقوة اى انك تعتمد على سرعة التفكير وكفائته ايضا لتستطيع الوصول الى الإجابة السليمة كما ان درجة النجاح لهؤلاء الطلاب هى 60%
اى ان من يحصل على نصف الدرجة يعد راسب فى هذه المادة و لذلك فقد رات القيادة السياسيةممثلة فى السيد رئيس الجمهورية انه يجب الإهتمام بهؤلاء الطلاب حتى يكونوا عونا لبلدهم فى المستقبل و يستطيعوا النهوض بها لوضعها فى مصاف الدول المتقدمة و لكن هناك من يعبث بهذا الوطن و يقتل طموح هؤلاء الشباب الذى يرجو غدٍ افضل مما يدفعهم للفرار و ترك هذا الوطن لتتلقفهم ايدى الدول الأخرى بكل ترحاب و بدلا من ان يكون لدينا زويل جديد ومجدى يعقوب و مصطفى مشرفة فهم لا يبغون الى محمد عادل قاتل نيرة فقد اغلقوا امامهم ابواب الجامعات الأهلية و الحكومية والخاصة فدخولهم للجامعات الحكومية يعتمد على حسبة بلرمه و التى يطلق عليها النسبة المرنة والتى تعتمد على ناتج قسمة عدد طلاب ستيم على عدد طلاب القسم العلمى بالثانوى العام فتكون نسبة هزيلة تدخل كليات الطب او الهندسة او الصيدلة على حسب الأعداد المقبولة من الثانوى العام
فبدلا من ان يكون لدينا مصطفى محمود فى جراحة المخ و الأعصاب فنحن نلقى به لتتلقفه اى دولة اخرى وترحب به و نحن هنا نتحجج بالنسبة المرنة فى الجامعات الحكومية و حتى الجامعات الأهلية والتى تم انشائها بالأساس لإستكمال منظومة هذه المدارس أو هكا تم التسويق لهذه المدارس لدى اولياء الأمور حيث اجمع معظمهم على انه تم اخبارهم بإنشاء جامعات جديدة تكون استكمال لمنظومة ستيم وهى الجامعات الأهلية الأربعة الأولى جامعة الملك سلمان وجامعة الجلالة و جامعة العلمين و جامعة المنصورة الجديدة و لكن تحولت هذه الجامعات الى تعليم استثمارى لا يستطيع ان يدخله هؤلاء الطلاب بميزانيات اسرهم المتواضعة
فبدلا من ان نعطيهم منح مجانية نطالبهم بسداد عشرات الآلاف من الجنيهات تصل الى المائة الف و اكثر فى بعض الجامعات الأهلية بل الأدهى و الأمر انه تم إغلاق التقديم الالكترونى امامهم وعليهم ان يدوروا كعب داير على هذه الجامعات يقدموا اوراقهم فى اثنى عشر جامعة وهى الجامعات الأهلية الجديدة وبعد ان كان هناك وعد بأن يكون لطلاب ستيم منح مجانية و نسب خصم فى مصاريف هذه الجامعات بنسبة ستين الى ثمانين بالمئة اكتشف اولياء الأمور ان هؤلاء الطلاب المتميزون لا توجد لا توجد لهم اى ميزة تعادل نصف ما عانوه وتكبدوه من مشقة و معاناه سواء ففي الدراسة او الإقامة او العمل الجاد طوال ثلاثة اعوام بل عليهم ان يذهبوا لكل جامعة من الجامعات الأهلية الجديدة و يقوموا بدفع مبلغ الف جنيه لسحب ملف التقديم فهل هذا تكريم المتفوقين فى وطنهم
ثم كيف يكون مجموع طالب مدارس المتفوقين اعلى من مجموع طالب الثانوى العام فى التنسيق فمدارس المتفوقين الدرجة لديهم من 700 درجة بينما الثانوى العام من 410 بالإضافة الى ان طالب الثانوى لايدرس مناهج بصعوبة مدارس المتفوقين و كيف احدد لهؤلاء المتفوقين نسبة معينة لدخول الكليات لماذا لا تتركهم يختاروا ما يشاءوا من الكليات التى يروا انهم سوف يبدعوا فيها ، ولا سيما ان عددهم لا يمثل كلية واحدة من الكليات فمجمل عددهم لا يصل الى الفى طالب و طالبه فى القسمين العلوم والرياضيات فما المانع من توزيعهم على الكليات التى يرغبونها فى محافظاتهم او حتى غير محافظاتهم اذا لم تتوافر في محافظاتهم المجالات التى يرغبون بدراستها دون النظرالى النسبة المرنة او المجموع فهم نواة لعلماء الغد و لاداعى للقلق فلن يرغب جميعهم فى دراسة الطب والهندسة لقد تفوق هؤلاء الطلاب علينا فى طريقة التفكير و لم يعودوا يفكرون مثل عقولنا المتحجرة . اما ان يظل هؤلاء الطلاب رهن افكارنا القديمة ومكتب التنسيق العتيق فهو امر يدعو للدهشة فلماذا يشعر هؤلاء المتفوقون انهم يتسولون حقوقهم و كيف لنا ان نتركهم لمرارة هذا الشعور فطالب ستيم هو اهل لكل مجال يقدم عليه و قادر على احداث تغيير جذرى فى هذا الوطن و انظروا اليهم ماذا فعلوا خارج مصر
فعلى سبيل المثال النابغة ياسمين يحيى التى تم تكريمها من وكالة ناسا وتم ايضا تكريمها من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى و التى كانت سببا فى ان يقرر السيد الرئيس بافتتاح مزيد من مدارس المتفوقين . ان هؤلاء الطلاب لم يخذلونا ابدا كنظام تعليمى فتجدهم فى كافة المحافل يرفعون راية مصر عاليا و يحققون مراكز متقدمة ان لم تكن الأولى فى كافة المسابقات الدولية و الإقليمية التى يشاركون فيها فعلى سبيل المثال لا الحصر فازت الطالبتان شهد محمد نوح وسما محمد نوح من مدرسة المتفوقين بالشرقية بالمركز الأول فى مجال البايوميديكال و الصحة العامة فى مسابقة ايسف مصر للعلوم ومثلتا مصر فى الولايات المتحدة الأمريكية وفازتا بمنحة للدراسة فى جامعة اريزونا .
ورغم ان الدول المتقدمة المختلفة تتهافت على استقطاب اولادنا من مدارس المتفوقين فنحن نضع امامهم العراقيل ونجعلهم يتسولون الكليات و نغلق فى وجوههم الفرص لتحقيق التقدم لهذا الوطن و نقارنهم بطلبة الثانوى العام رغم انه لا مجال للمقارنة حيث ان هؤلاء الطلاب فى الأساس هم عناصر منتقاه وتم تدريبهم على اتباع احدث الأساليب العلمية فى البحث و العمل الجاد كما انه تم تدريبهم على استخدام المعامل المختلفة فهم قادرون على التعامل مع اجهزة ليزرية وكهربائية زمعامل مختلفة ولديهم العديد من مهارات التحليل والإبتكار ألا يستحقون من المجتمع المؤازرة والدعم بل ألا تستحق مصرنا الحبيبة ان نرتقى بها بأيدى هؤلاء الشباب الواعد لذا يجب ان تكون لهم الأولوية فى دخول الجامعات لا ان ينتظروا ما يتبقى من الثانوى العام (تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰٓ) . لذا اناشد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى ان ينظر لأولاده بنظرة الأب الذى يسعى لتحقيق رغبات اولاده المشروعة و لا تتركهم يتسولون الكليات كما اخبرتنى ولية امر احد هؤلاء الطلاب وهى تبكى و منهارة قائلة المتفوقون يتسولون الكليات و لا احد يعترف بنا بل يعاملوننا كأننا اقل من الثانوى العام ، فلا يليق بمصر العظيمة ارض الحضارة ان يكون هذا هو حال متفوقيها .
كاتبة المقال الدكتورة عبير شاورى