ذا ديبلومات: التعاون الإنساني نقطة مضيئة في تاريخ العلاقات الصينية ـ الأمريكية
رأت مجلة "ذا ديبلومات"، المتخصصة في الشئون الآسيوية، أنه رغم غلبة سمة التنافس الاستراتيجي على طبيعة العلاقات الصينية الأمريكية مستقبلا، إلا أنه ثمة آفاق تعاون رحبة بين البلدين، خاصة في ظل الاتصال الفعال بينهما في عدة مجالات، أبرزها مواجهة التغير المناخي والتجارة والتمويل والعمل الخيري الإنساني .
وأشارت المجلة، في تقرير لها، إلى أثر تزايد التنافس الاستراتيجي بين القوتين العظميين على فرص التعاون بينهما، كما استشهدت بما ذكره بعض الباحثين من انحدار العلاقات بين البلدين إلى مستوى تاريخي من الجمود، بل إلى مستوى الحرب الباردة .
ورغم توقف التعاون في عدة مجالات، كمباحثات تغير المناخ، وتصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، فقد نجح الجانبان في تعزيز وتعميق تعاونهما في مجال العمل الخيري منذ تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد ـ 19)، حيث قامت العديد من المدن، الموقعة على اتفاقيات توأمة، من الجانبين بتقديم الدعم لبعضها البعض .
ونقلت المجلة تصريحات عمدة مدينة "سان أنطونيو" بولاية تكساس، رون نيرنبرج، أشاد فيها بجهود أعضاء المجتمع المحلي بالمدينة الأمريكية لتقديم يد العون لمواطني مدينة "ووشي" الصينية الشقيقة، وذلك بجمع المبالغ اللازمة لشراء بعض المستلزمات الطبية التي تحتاجها المدينة الصينية وتعهدت الأخيرة بتوفير ما يزيد على 30 ألف كمامة لسد حاجة المدينة الأمريكية.
وأضافت أن التعاون في العمل الخيري بين البلدين لم يقتصر على المدنيين فحسب، فقد ساهمت العديد من شركات القائمة بكلا البلدين في جهود مكافحة الجائحة، خاصة شركات التكنولوجيا المتقدمة التي حاولت تسخير تقنيات البيانات الضخمة والذكاء والاصطناعي، وغيرها من التقنيات الحديثة، للمساعدة في الحد من انتشار الجائحة.
على سبيل المثال، أطلقت شركة تينسينت الصينية (Tencent) منصة "معا نستطيع" ("Together We Can") العالمية كخدمة استعلامات صحية توفر أيضا دعما نفسيا وإمكانية الإبلاغ الفوري عن حالات الإصابة.
وأشارت "ذا ديبلومات" إلى أن الأعمال الخيرية في الصين دخلت مرحلة جديدة من التطور مع ظهور جائحة كورونا. ووفقا لتقرير تنمية الأعمال الخيرية السنوي في الصين (2022)، فإنه بحلول نهاية عام 2021، بلغ العدد الإجمالي للمنظمات الاجتماعية في الصين 900 ألف و900 منظمة، بزيادة 0.73 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020.
وأضافت أن العمل الخيري في الصين يقدم خصائص جديدة، أولها: تنويع قنوات الاتصال، حيث لم تعد قنوات ونطاقات الترويج لمشاريع العمل الخيري محدودة للغاية فالوسائط الذاتية ومقاطع الفيديو القصيرة ومنصات البث المباشر وأدوات المراسلة الفورية زادت من سرعة الترويج للعمل الخيري. وثانيها: زيادة الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة كوسيلة لتمكين المجتمع المحلي، حيث لعبت الوسائل الرقمية، كتقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين"، دورا كبيرا في دفع نمو العمل الخيري.
على سبيل المثال، تعتمد شركة "تيسينت" الصينية منذ بداية عام 2020 على تقنية سلسلة الكتل لمتابعة المشروعات الخيرية، مستفيدة مما توفره هذه التقنية من المزايا المتعلقة بتحقيق اللامركزية والمكاشفة وقابلية التتبع.
وترى مجلة "ذا ديبلومات" أنه بينما تشهد العلاقات بين واشنطن وبكين توترا، يتعين على الجانبين تجاوز الخلافات بينهما وتعزيز تعاونهما في العمل الخيري، وفي حقبة ما بعد (كوفيد ـ 19) مازالت هناك العديد من احتمالات التعاون في هذا المجال بين الجانبين. وهو ما أشارت إليه وكيلة وزارة التجارة الأمريكية السابقة، جوان ماكينتي، خلال مشاركتها في أول حوار لمبادرة التعاون الخيري بين الصين وأوروبا وأمريكا.
وأكدت ماكينتي أنه في ظل مواجهة جائحة كورونا، فإن التعاون في العمل الخيري يوفر للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصين فرصة مهمة لتعزيز علاقاتهم،
وأوضحت أن الولايات المتحدة والصين يمكنهما العمل على ذلك عبر ثلاثة محاور تتلخص في: مواصلة التعاون الخيري في مكافحة فيروس كورونا، إلى جانب تطوير برامج التبادل الثقافي والخيري بين واشنطن وبكين، وتبادل المعرفة والخبرات في مجال التقنيات الحديثة التي تساعد في تمكين العمل الخيري، كالحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وتقنية سلسلة الكتل "بلوك تشين".