هل مات الإمام الشهيد الحسن بن علي رضي الله عنهما مسموما على يد زوجته

تزوج الإمام الحسن بن علي من جعدة بنت الأشعث بن قيس بن معدي كرب ، و هي أميرة كان أبوها أمير قبيلة كندة وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم في ثمانين راكب وأسلموا ، وولدت جعدة في اليمن و لا توجد تفاصيل كثيرة عن نشأتها وقبل زواجها من الحسن بن علي . وقيل إن سبب زواج الإمام كان سبباً سياسياً و الغرض منه تأليف قلب الاشعث بن قيس الكندي والد جعدة و قبيلته المهمة التي كان عددها يربو على الآلاف، فكانت مصاهرته مؤثِّرة في تأليف قلوبهم.
وأشار البلاذري إلى الدور الذي لعبه الأشعث بن قيس في تزويج ابنته جعدة من الإمام الحسن عليه السلام، فإنَّ الإمام علي عليه السلام خطب أم عمران بنت سعيد بن قيس وهو أخو الأشعث لولده الإمام الحسن عليه السلام، فقال الأشعث لأخيه سعيد: زوَّج أم عمران لابني محمد فهو ابن عمّها وهو خير لها من غيره، فزوج سعيد ابنته من محمد ابن أخيه الأشعث، وبعد هذا اقترح الأشعث تزويج ابنته جعدة للإمام الحسن عليه السلام.
وتذكر بعض الروايات وأكثرها من الشيعة أن جعدة هي التي قتلت الإمام بتحريض من معاوية رضي الله عنه وتقول الرواية الشيعية بعث إليها معاوية مالا جسيما، وجعل يمنيها بأن يعطيها مائة ألف درهم أيضا، ويزوجها من يزيد، وحمل إليها شربة سم؛ لتسقيها الحسن عليه السلام، فانصرف إلى منزله وهو صائم، فأخرجت وقت الإفطار، وكان يوما حارا شربة لبن، وقد ألقت فيها ذلك السم، فشربها، وقال: عدوة الله! قتلتيني قتلك الله! والله لا تصيبين مني خلفا، ولقد غرك، وسخر منك، والله يخزيك ويخزيه. فمكث عليه السلام يومان، ثم مضى، فغدر بها معاوية، ولم يف لها بما عاهد عليه.
وقد اتفق المؤرخون على أن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صل الله عليه وآله وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة، قُتل شهيداً بالسم.
لكن لم يحدث اتفاق على سبب القتل إلا من جانب الشيعة الذين أجمعوا على أن قاتلته هي جعدة بتحريض من معاوية، لكن نجد الإمام وشيخ الإسلام ابن تيمية يقول : (القولُ بأنّ معاوية سَمّ الحسن، فهذا مما ذكره بعضُ الناس، ولم يثبت ذلك ببيّنةٍ شرعية أو إقرار معتبر ولا نقلٍ يُجزَم به، وهذا مما لا يمكن العلم به، فالقول به قولٌ بلا علم، وقد رأينا في زماننا مَن يقال عنه: إنّه سُمَّ، ومات مسموماً من الملوك وغيرهم، ويختلف الناس في ذلك، حتى في نفس الموضع الذي مات فيه ذلك الملك والقلعة التي مات فيها، فتجد كلاً منهم يحدِّث بالشيء بخلاف ما يحدِّث به الآخر ويقول: هذا سمّه فلانٌ، وهذا يقول: بل سمّه غيره؛ لأنّه جرى كذا، وهي واقعة في زمانك، والذين كانوا في قلعته هم الذين يحدِّثونك. والحسن (رضي الله عنه) قد نُقل عنه أّنه مات مسموماً، وهذا مما يمكن أنْ يُعلم؛ فإنّ موت المسموم لا يخفى، لكنْ يقال: إنّ امرأته سمّته، ولا ريب أنّه مات بالمدينة ومعاوية بالشام، فغاية ما يَظن الظانّ أنْ يقال: إنّ معاوية أرسل إليها وأمرها بذلك، وقد يقال: بل سمّته امرأته لغرضٍ آخر مما تفعله النساء؛ فإنّه كان مطلاقاً لا يدوم مع امرأة). وقال ابن خلدون: (وما نُقل من أن معاوية دسّ إليه السُّم مع زوجته جعدة بنت الأشعث، فهو من أحاديث الشيعة، وحاشا لمعاوية من ذلك).
بينما تذكر رواية الشيعة عن أبي بكر الحضرمي قال: إن جعدة بنت أشعث بن قيس الكندي سمت الحسن بن علي، وسمت مولاة له، فأما مولاته فقاءت السم، وأما الحسن فاستمسك في بطنه، ثم انتفط به فمات.
وروي عن عيسى بن مهران قال: حدّثنا عبيد الله بن الصّباح قال: حدّثنا جرير، عن مغيرة قال: أرسل معاوية إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس: أنّي مزوّجك يزيد ابني، على أن تسمّي الحسن، وبعث إليها مائة ألف درهم، ففعلت، وسمّت الحسن عليه السلام، فسوّغها المال، ولم يزوّجها من يزيد، فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها، فكان إذا وقع بينهم وبين بطون قريش كلام عيّروهم، وقالوا: يا بني مسمّة الأزواج.
وقال أبو الحسن المدائني: وكانت وفاته في سنة تسع وأربعين و كان مرضه أربعين يوما، وكانت سنه سبعا وأربعين سنة دس إليه معاوية سما على يد جعدة بنت الأشعث بن قيس زوجة الحسن، وقال لها: إن قتلتيه بالسم فلك مائة ألف وأزوجك يزيد ابني، فلما مات وفى لها بالمال، ولم يزوجها من يزيد، قال: أخشى أن تصنع بابني كما صنعت بابن رسول الله صلى الله عليه وآله.