بوابة الدولة الاخبارية تدق ناقوس الخطر قرار إخلاء مركز رعاية الطفل بالعباسية..يهدد صحة نصف مليون مواطن
المرضى: المركز يقدم خدماته بأسعار رمزية ويحمينا من استغلال العيادات الخارجية
عضو لجنة الصحة بالنواب: المركز مؤسسة صحية هامة ولابد من الحفاظ عليه..
وجوه بائسة اعتلتها بعض التجاعيد، أجساد منهكة، وأياد مرتعشة.. هذا هو حال الكثير من المرضى داخل مركز رعاية الطفل بمنطقة الوايلي بمحافظة القاهرة، والذي يتردد عليه قرابة نصف مليون نسمة من المنطقة والمناطق المحيطة بها، بل ومن كافة أنحاء محافظتي القاهرة والجيزة، لما يقدمه المركز من خدمات طبية على أعلى مستوى بأقل التكاليف مقارنة بالأسعار الخرافية بالمستشفيات و العيادات الخاصة.
حالة من الحزن الشديد انتابت الآلاف من المترددين على هذا المركز والذي تبلغ مساحته 590 مترًا بعد علمهم برغبة مالك العقار باستعادة المكان بعد حصوله على حكم قضائي بالإخلاء.
ومنذ إنشاء المركز عام 1955 حتى الآن يحرص القائمون عليه على محاربة كافة التحديات والاعتماد بشكل كبير على التبرعات لتوفير أحدث الاجهزة للمرضى ولتقديم خدمة متميزة.
ففي الوقت الذي كان يعاني فيه المواطنون على مدار السنوات الماضية من اختفاء ألبان الأطفال كان المركز يقوم بصرف الألبان المنقذة لحياة الطفل المحروم من الرضاعة الطبيعية، والتى يتراوح سعر العلبة منها بين ٣٠٠ و١٣٠٠، كان المركز يوفرها بخمسة وعشرين جنيها فقط، بالإضافة إلى الدور الحيوي الذي يلعبه المركز في مساندة المواطنين على المستوى الانساني والمادي والصحي.
كما يضم المركز تغطية لبعض الخدمات الأخرى مثل الطوارئ والاستقبال ونظام المشروطية الذى يتضمن الكشف والمتابعة الطبية لمستفيدى معاش تكافل وكرامة وعلاج غير القادرين، وبعد صدور قرار الإخلاء،وبدء العد التنازلى لتسليم المبنى بعد اكتمال الدراسة الامنية اصبح الامل الوحيد لانقاذ المركز واستمراره في أداء الخدمات الطبية لاهالى الوايلى والعباسية هو ظهور متبرع من اهل الخير يقوم بشراء المبنى
من أصحابه بمبلغ ٧،٥مليون جنيها و(هو المبلغ الذى حدده الورثة للتنازل)
أو قيام احد البنوك بنفس الخطوة ضمن أنشطة المسئولية الاجتماعية.
واهدائه لوزارة الصحة او صدور قرار استيلاء مؤقت من محافظة القاهرة على ان تقوم وزارة الصحة بتعويض ملاك العقار بمبلغ مناسب، و بدون هذه الحلول فإن المركز بأكمله سيكون فى مهب الريح.
ورصدنا خلالها حالة الحزن التى سيطرت على المرضى، وإحساسهم بالضياع فور علمهم بقرار إخلاء المكان، مؤكدين أن هذا المركز كان هو الملاذ بالنسبة لهم خاصة بعد ارتفاع أسعار العلاج الخاص، خاصة أن معظم المترددين على المركز من محدودي الدخل الذين لا يستطيعون دفع آلاف الجنيهات في العيادات الخاصة لتلقي العلاج.
«عاوزين ياخدوا المركز ويموتونا بالحسرة على صحتنا».. قالتها حسنية السيد، 50 عامًا، تعاني من آلام في الأسنان، مشيرة إلى أن أقل تكلفة لحشو ضرس في العيادات الخاصة لا تقل عن 500 جنيها، فضلاً عن ممارسات الابتزاز التجاري بتعاون طبيب العيادة مع مركز أشعة لإجراء أشعة أولا لتحقيق أرباح مالية على حساب المريض، والذي يتكلف قيمة الأشعة الخارجية.
تستكمل السيدة العجوز حديثها وتنوه إلى أن الكشف في مركز الطفل بالعباسية لا يتجاوز الجنيه، وتكلفة حشو الأسنان لا تتعدى الـ100 جنيه، وتصل إلى 200 جنيه في الحالات الشديدة، فضلاً عن توافر جهاز أشعة يوفر على المرضي قيمة تكلفتها في مراكز الأشعة الخارجية، فضلاً عن توفير الجهد والتعب للوصول إلى المركز المتفق معه من قبل الطبيب المعالج.
وبالحديث مع عدد من المرضى علمنا أن المركز به العديد من الأجهزة الطبية المتقدمة، منها جهاز الموجات التصادمية الذى لا يتوافر سوى فى ثلاثة مستشفيات كبرى فقط، وهو جهاز خاص بتفتيت الشوكة العظمية فى كعب القدم، ويقوم عليه ثمانية من أكفء اخصائيى العلاج الطبيعى، وقال جمال علي، أحد المرضى، إنه على مدار شهور طويلة بحث في العديد من المستشفيات عن هذا الجهاز بدون جدوي، حتى علم أنه موجود داخل مركز الطفل بالعباسية والذي لا يبعد عن منزله سوى خطوات قليلة.
وتابع: كل حاجة موجودة هنا بأسعار لا يتخيلها عقل في زمن أصبح فيه العلاج بمثابة استثمار"، ونوه المريض إلى أن قسم الأسنان بالمركز يتميز بتوافر كل الامكانات والنظافة والتعقيم المستمر للأدوات، وبالحديث مع أحد العاملين في المركز، علمنا أن عيادة الأسنان تضم ٣٢طبيبا أساسيا، و٢٨ طبيب امتياز موزعين على ٤عيادات.
«انا كعب داير من شهرين على مراكز الاشعة وكل شوية يقولوا الاشاعة بايظة روح هات غيرها».. قالها شاكر صبري، رجل في العقد الرابع من عمره، التقينا به أمام عيادة الأسنان داخل مركز رعاية الطفل، مشيرا إلى أن أطباء الأسنان في العيادات الخاصة أشبه بـ الجزارين لا تعنيهم حالة المريض الصحية غير القادر على «اللف والدوران» داخل مراكز الأشعة.
وتابع: «دفعت 2000 جنيه في أسبوع مع دكتور أسنان من غير نتيجة»، مشيرا إلى أنه توجه بعد ذلك إلى مركز الطفل بالعباسية ليجد مجموعة من أمهر أطباء الأسنان يعملون به، وهم على قدر عالي من الخبرة بالرغم من حداثه أعمارهم، فضلاً عن توافر جهاز الأشعة الذي يوفر على المرضى الوقت والجهد والمال الضائع على مراكز الأشعة الخارجية.
في سكون شديد جلس الرجل الخمسيني أمام غرفة عيادة الأسنان، وبالحديث معه عن قرار الاخلاء للمركز، شعر بحالة من الصدمة الشديدة وقال: «ليه كده هو أنا لاقي أكل علشان اقدر ادفع مصاريف الكشف في العيادات الخاصة بره دول استغلاليين».
و داخل المركز رصدنا عدد من العيادات الخاصة للعلاج الطبيعي وغيرها من التخصصات المختلفة، والتى تقدم خدمة جيدة للمواطنين بأسعار رمزية، إلا أن كل هذا مهدد بالضياع الآن
تدخل سريع
وتعليقا على ذلك قالت الدكتورة سمر سالم، عضو لجنة الصحة بالنواب، إن جهة الإدارة الخاصة بالمركز في حاجة ماسة لهذا العقار الذى يخدم قطاعا كبيرا وعريضا من أهالى العباسية، كما أنه لم يتوافر لدينا مكان بديل يمكن نقل الخدمة إليه، ولكن للأسف تم رفض الاستشكال الذي تم تقديمه بشأن المركز، لذلك طعنا على الحكم أمام الإدارية العليا خاصة أن قانون إخلاء العقارات والخلافات بين المالك والمستأجر تكون أمام القضاء العادى وليس مجلس الدولة، كما قدمنا فى حافظة المستندات حكم المحكمة الدستورية العليا الذى يؤكد ذلك.
وأشارت عضو لجنة الصحة بالنواب إلى أن عددا كبيرا من أهالى منطقة العباسية طالبوا رئيس حى الوايلي، وبعض أعضاء مجلس النواب بالتدخل السريع للطعن على حكم المحكمة الادارية العليا بإخلاء مركز رعاية الطفل بالعباسية التابع لوزارة الصحة، لعدم حرمان الأهالى من الخدمات الطبية، وأكد الأهالى أنه طبقا للقانون يكون الفصل فى مثل تلك الأحكام عن طريق المحاكم المدنية وليس القضاء الإداري.
وطالبت عضو لجنة الصحة بعدم إخلاء المركز وفض الاشكال وتدخل الدولة ورجال الأعمال لجمع تبرعات، أو تدخل الحكومة لإنقاذ هذا المركز الذى يعد من المراكز الطبية الهامة جداً للمواطنين.
ونوهت النائبة إلى أن القضية تم رفضها من محكمة شمال المدنية ، كما تم رفض الدعوى المقامة من وزارة الصحة ضد المالك في المحكمة الابتدائية ثم تم رفضها في محكمة استثناف شمال القاهرة.
«دي مؤسسة ومش من حق أي حد يعمل معاها كده».. تستكمل النائبة حديثها وطالبت بتعديل مشروع قانون الإيجار للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى، وذلك باستثناء المقرات الحكومية والخدمية للمواطنيين