الإنتخابات بعيدة المنال في ليبيا.. ما السبب؟
دعا "حراك سياسي" ليبي يضم 15 حزباً ومنظمة مجتمع مدني، ومجالس شيوخ لبعض القبائل إلى "إعلان حالة الطوارئ في البلاد، وتشكيل حكومة أزمة، لا تتجاوز تسع حقائب؛ تكون بعيدة عن المحاصصة القبلية والجهوية"، مشدداً على ضرورة "تجميد مجلسي النواب والدولة؛ ورفع الحصانة عن أعضائهما؛ وتولي المجلس الرئاسي مسؤولياته في إدارة شؤون البلاد في مدة أقصاها ستة أشهر من تاريخه".
وجاء هذا المطلب ضمن ما يشبه "خريطة طريق"، رسمتها هذه الكيانات السياسية عقب انتهاء وقفتها الاحتجاجية، أمام مقر المجلس الرئاسي بالعاصمة طرابلس، مساء الاثنين، نددوا خلالها بمجلسي النواب والأعلى للدولة.
كما اقترح الحراك الاتفاق على "قاعدة دستورية" مؤقتة، تجرى على أساسها الانتخابات النيابية والرئاسية المتزامنة، وفقاً للمعايير الدولية لإجراء الانتخابات، مشيرين إلى أنه "في حال عدم إقرار مشروع الدستور تحل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، ويتم العمل بالقاعدة الدستورية المؤقتة إلى حين تشكيل مجلس نواب جديد، يتولى إصدار قوانين بهيئة تأسيسية جديدة لمشروع الدستور".
من جهته، قال عضو المجلس الانتقالي السابق وعراب عملية فجر ليبيا، عبدالرزاق العرادي، إن أي حديث عن أي انتخابات قريبة في ليبيا، وهم، وستؤدي إلى حرب مالم يسبقها حوار جاد ينتج عنه مصالحة وسار للعدالة الانتقالية وميثاق وطني. وأضاف إن الانتخابات يجب أن يسبقها إعادة صياغة مشروع الدستور وفق هذا الميثاق، بالإضافة إلى توحيد المؤسسات السياسية والعسكرية والاقتصادية، في خط موازٍ.
يُشار الى أنه قد تبدل الحال بين رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة الاستشاري، خالد المشري، بين ليلة وضحاها، بعد التوافق بينهم خلال مشاورات القاهرة الأخيرة، وبيانهم المشترك الذي أكد التفاهم على عدة نقاط من أبرزها إحالة الوثيقة الدستورية لإقرارها من المجلسين ووضع خارطة طريق واضحة.
حيث عاد عقيلة صالح وخالد المشري، للتلاسن وتبادل الاتهامات بعرقلة الاستقرار في ليبيا وإجراء الانتخابات. وفي جلسة مجلس النواب التي عقدت أمس الثلاثاء في مدينة بنغازي قدم عقيلة صالح إحاطة حول الانسداد السياسي الحاصل هذه الفترة والحلول التي قدمها مجلس النواب من أجل إنهاء تلك الحالة.
وقال عقيلة صالح، في إحاطته إن المرحلة الحالية تتطلب تحمل المسؤوليات وحدوث تقارب مع المجلس الاستشاري، مستدركاً "هناك تقارب بيننا ولكنه لفظي وليس على مستوى الأفعال". ولفت إلى إنه لا يحق للمجلس الأعلى للدولة إصدار وثيقة دستورية أو إعلان دستوري، لأن دوره استشاري فحسب، داعيا النواب كافة إلى حضور جلسة تعديل الإعلان الدستوري، مؤكدا أن مجلس النواب لن يقع تحت رحمة أحد.
ولم تمر تصريحات عقيلة صالح، مرور الكرام، وخرج خالد المشري، ليوجه رسالة غير مباشرة وشديدة اللهجة، تدل أن سمة خلاف جديد يحلق في الأفق بين المجلسين. وقال المشري: "من أراد التوافق والاستقرار فأيدينا ممدودة للتوافق والاستقرار بقدره وأكثر، ومن أراد غير ذلك فلن يحصد إلا سوء نواياه".
وبنظر المراقبين، فإن الوضع لا زال على حاله منذ فشل إجراء الانتخابات في ديسمبر الماضي وفشل مجلسي النواب والدولة في حل خلافاتهم حول القاعدة الدستورية للانتخابات، ووضع خريطة طريق تنهي المرحلة الانتقالية، وتنتج سلطات منتخبة وتنهي أزمة الشرعية والانقسام السياسي في البلاد. ولابد من حل جذري بظهور وجوه جديدة تبتعد عن الخلافات والمناكفات السياسية لتحقيق مطالب الشعب الليبي التي طال إنتظارها.