حكايات من الواقع تثير الجنون
شيء من جنون أوشكت أن أسقط فى براثنه يدفعنى للخلاص من نفسى و قد خارت كل القوى منى إلا وميض أمل بات طوق نجاة أحاطتنى به زوجتى مثابرة للنجاة، تزيح عنى أستار يأس مظلمة أحاطتنى بها امرأة هى الشيطان بعينه تتواري خلف مسوح ملائكية، ثملت غرامها، أراها امرأة بكل النساء، أنستني زوجتي وأولادي، لهثت خلفها مغمض العقل والقلب تسلسلني برغبات تملكت مني واجتاحت في طريقها كل شيء، مالي وكياني وأولادي......!
سنوات ليست بالبعيدة مضت كنت فيها رجلا آخر غير ذلك الضائع في براثن الرذيلة والإدمان، لي مكانتي في المجتمع فقد كنت مهندس إنشاءات في إحدي الشركات العقارية الكبري وميسور الحال أعيش أنا وأولادي في فيلا بإحدي المدن الجديدة حياة مفعمة بالحب بيني ورفيقة عمري نتدثر بسعادة مستقرة وآمال وطموحات لأولادنا وكيف نراهم وقد شبوا وشقوا طريقهم في الحياة, لا يدور في عقلي غير إسعادهم والعمل من أجل رغد العيش لهم, أجتهد في عملي وأعلو به فتصميماتي الهندسية المبتكرة وضعتني في صف متقدم بالشركة, لم أدر أن الدنيا التي وهبتني السعادة يسكن الغدر باطنها, يترقبني بعيني صقر, يوشك أن ينقض علي.
كنت في موقع لعمارة تحت الإنشاء أشرف عليها عندما رأيتها لأول مرة, تلاقت خيوط شمس الظهيرة علي صفحة وجهها النضرة فانبعثت بريقا اقتحم العين مني فأغشاه, منقادا منذ اللحظة الأولي وقعت في حبائلها, كأني لم أر امرأة من قبل, أخذتني من نفسي وبيتي وعملي وحياتي كلها.
في بادئ الأمر كانت تري في المهندس الذي يبني لها عمارة ولكني كنت مأخوذا بها إلي حد الجنون وهي تشعر بهذا مني ولكنها تقترب وتبتعد بمقدار امرأة تعرف كيف تلهو برجل استسلم لسحرها بكل الوعي منه.
في تلك الفترة تسربت المشاكل إلي بيتي الذي كان دوما مستقرا, أخرج منه في الصباح لأعود قبل منتصف الليل وكأني لم أعد, لا أطيق أحدا ليس بيني وبين زوجتي كلام, وشيئا فشيئا ضاقت بي زوجتي وحاولت التمرد علي حالي معها فضربتها, كانت المرة الأولي التي تمتد يدي عليها فيها ولكني لم أكن أنا فقد غيرت مني تلك المرأة كل شيء, أوهمتني بحب زائف سلاحه غريزة أحاطتني بأغلال فراش حرام وأنفاس شيطانية نتعاطاها سويا حتي الثمالة, كل حيلتي من تحويشة عمر ادخرتها لأولادي ضاعت عليها وعلي ذلك السم الأبيض الذي أدمنته علي يديها وما إن ارتوت مني حتي لفظتني من حياتها وراحت تبحث لها عن فريسة أخري تمتص رحيق الحياة منها المال والشهوة.....!
تلقفتني زوجتي ضائعا شريدا لا حول لي ولا قوة, وارتني عن الناس بقلب الأم تخشي علي وليدها من الفضيحة, قالت: إن حبها لي هو صمام الأمان لحياتنا معا وطلبت مني أن أذهب معها لمصحة لعلاج الإدمان, وقالت إنها ستبيع مصوغاتها الذهبية كلها لعلاجي وبدلا من أن أشكر لها وفاءها لي كنت ثائرا إلي حد الجنون, أبحث في هستيريا عن أي مال في البيت أشتري به الجرعة المخدرة, صفعتها علي وجهها عنفا وقسوة، حاولت أن أخرج فتعلقت بي وسيل الدمع منها يرجوني أن لا أستسلم للضياع.
في تلك اللحظة تملكتني رعشة شديدة ودارت بي الدنيا وغيبتني عن الوعي شهورا طويلة لم أكن أدر عنها شيئا غير أني أفقت في نهايتها من الكابوس المفزع الذي كنت غارقا فيه تمكنت مني روح الإرادة وتطهر الدم من تركيز المخدر فيه, ولكني ما زلت في المصحة الأطباء قالوا إني في حاجة لفترة نقاهة أتخلص فيها تماما من أي تداعيات للإدمان ولم يكن هذا يقلقني بقدر تلك اللحظة التي أخرج فيها وأواجه زوجتي بخزي جررته عليها وخراب في مالنا الذي ضاع ولست أدر هل بقي لي من العزيمة ما أستطيع به أن أقف علي قدمي مرة أخري، أم هى إرهاصات النهاية لطريق سلكته منقادا و قدر لى أن أتجرع مرارته حتى النهاية ؟
ترفق بنفسك يا أخى و لا تقنط من رحمة الله فمن يستطع أن ينتصر علي عنفوان المخدر في دمه ويقشع ظلمة الذل تحت سيطرته لذو عزم شديد, فلما تصم نفسك بالضعف يا أخي ولعل ما مررت به من تجربة وإن كانت قاسية ليست إلا محنة لها وقع الزلزال في حياتك ويصح أنها دمرت ما بنيت عبر سنوات الشقاء الماضية ولكنها لم تدمرك بعد وها قد عدت لقوتك وعافيتك ومن بني الماضي يمكنه أن يبني المستقبل ولتوبة نصوح هي الدافع القوي علي التغيير والبناء وصدق رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما قال:( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان علي راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها, فأتي شجرة فاضطجع في ظلها, قد أيس من راحلته, فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده, فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك; أخطأ من شدة الفرح).
و هناك آية جعلها الله لك هي زوجتك تلك المرأة الملاك التي أحبتك وكانت لك الوفاء والجلد ووهبتك طوق النجاة اسعد بها وعوضها بعزيمتك في إعادة إعمار نفسك وإعمار حياتك معها وصدق الله العظيم عندما قال في محكم آياته من سورة الأعراف{ واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين(175) ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلي الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون(176) ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون(177) من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون}
اجعل لنفسك طريقا تصحح به مسار حياتك فلا تكن من الخاسرين و ليكن صبرك و إيمانك هما دعامات العزيمة و الإرادة و النجاة بإذنه تعالى .