ما يقوله التراث الإسلامي.. بداية ونهاية الأمير إيتاخ في زمن الخليفة المتوكل
وقعت العديد من الأحداث المهمة في زمن الخليفة العباسي المتوكل بالله، منها موت الأمير إيتاخ، وذلك في سنة 235 هجرية، فما الذي جرى، وما الذي يقوله التراث الإسلامي؟.
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ بن كثير تحت عنوان "ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومائتين".
فيها: خرج محمد بن البعيث بن حلبس عن الطاعة فى بلاد أذربيجان، وأظهر أن المتوكل قد مات والتف عليه جماعة من أهل تلك الرساتيق، ولجأ إلى مدينة مرند فحصنها، وجاءته البعوث من كل جانب، وأرسل إليه المتوكل جيوشا يتبع بعضها بعضا، فنصبوا على بلده المجانيق من كل جانب، وحاصروه محاصرةً عظيمةً جدا، وقاتلهم مقاتلةً هائلةً، وصبر هو وأصحابه صبرا بليغا، وقدم بغا الشرابى لمحاصرته، فلم يزل به حتى أسره واستباح أمواله وحريمه وقتل خلقا من رؤس أصحابه، وأسر سائرهم وانحسمت مادة ابن البعيث.
وفى جمادى الأولى منها خرج المتوكل إلى المدائن.
وفيها: حج إيتاخ أحد الأمراء الكبار وهو والى مكة، ودعى له على المنابر، وقد كان إيتاخ هذا غلاما خزريا طباخا، وكان لرجل يقال له سلام الأبرش، فاشتراه منه المعتصم فى سنة تسع وتسعين ومائة، فرفع منزلته وحظى عنده، وكذلك الواثق من بعده، ضم إليه أعمالا كثيرةً، وكذلك عامله المتوكل وذلك لفروسيته ورجلته وشهامته، ولما كان فى هذه السنة شرب ليلة مع المتوكل فعربد عليه المتوكل فهم إيتاخ بقتله.
فلما كان الصباح اعتذر المتوكل إليه وقال له: أنت أبى وأنت ربيتني، ثم دس إليه من يشير إليه بأن يستأذن للحج فاستأذن فأذن له، وأمره على كل بلدة يحل بها، وخرج القواد فى خدمته إلى طريق الحج حين خرج، ووكل المتوكل الحجابة لوصيف الخادم عوضا عن إيتاخ.
وحج بالناس فيها محمد بن داود أمير مكة وهو أمير الحجيج من سنين متقدمة.
وفيها توفي: أبو خيثمة زهير بن حرب، وسليمان بن داود الشاركونى أحد الحفاظ، عبد الله بن محمد النفيلي، أبو ربيع الزهراني، وعلى بن عبد الله بن جعفر المدينى شيخ البخارى فى صناعة الحديث ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن أبى بكر المقدمي، والمعافا الرسيعني، ويحيى بن يحيى الليثى راوى الموطأ عن مالك.
ثم دخلت سنة خمس وثلاثون ومائتين
فى جمادى الآخرة منها كان هلاك إيتاخ فى السجن، وذلك أنه رجع من الحج فتلقته هدايا الخليفة، فلما اقترب يريد دخول سامرا التى فيها المتوكل بعث إليه إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد عن أمر الخليفة يستدعيه إليها ليتلقاه وجوه الناس وبنى هاشم، فدخلها فى أبهة عظيمة، فقبض عليه إسحاق بن إبراهيم وعلى ابنيه مظفر ومنصور وكاتبيه سليمان بن وهب، وقدامه بن زياد النصراني، فأسلم تحت العقوبة، وكان هلاك إيتاخ بالعطش، وذلك أنه أكل أكلا كثيرا بعد جوع شديد ثم استسقى الماء فلم يسقى حتى مات ليلة الأربعاء لخمس خلون من جمادى الآخرة منها.
ومكث ولداه فى السجن مدة خلافة المتوكل، فلما ولى المنتصر ولد المتوكل أخرجهما.