رجب هلال حميدة يكتب.. يوميات رمضانيه .. من أين كان يأخذ الناس دينهم قبل المذاهب الأربعة؟!
يسأل كثير من المسلمين وغيرهم بين الحين والآخر،من أين كان يأخذ الناس دينهم قبل المذاهب الأربعة؟! ومن أين اخذ أصحاب هذه المذاهب دينهم ، ولم يكن هناك اصلا مذاهب قبلهم؟!
إن هذا السؤال مثله مثل هذه النوعية من الاسئلة التي بدأت تنتشر ، والتي تحمل بداخلها مغالطات في الأصل.
السؤال نفسه فيه اشكالية تحتاج للتفكيك ، فالناس لا تأخذ الدين من المذاهب لا بعدها ولا قبلها ،وإنما الدين يؤخذ من الكتاب والسنة.
وأما المذاهب فهي اقوال تستخرج وتنظم الأحكام وتجمعها بعد أن كانت مبعثرة في قلوب التابعين وافواه المعلمين من الصحابة رضوان الله عليهم ممن نقلوها عن النبي عليه الصلاة والسلام ومن القرآن الكريم.
فالمذاهب نظمت الأحكام الفقهية ولم تؤلفها او تخترعها من العدم، هذه الأحكام ماخوذة في الاصل عن النبي عليه الصلاة والسلام والقرآن الكريم.
لذا فيمكننا ان نقول ان المذاهب هي (كتب الحديث) لكن بالنسبة للفقه، فكما جمع البخاري ومسلم وغيرهما أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام جمع مالك وابو حنيفة الأحكام الفقهية عن القرآن الكريم والنبي عليه الصلاة والسلام واصحابه وتابعيه رضوان الله عليهم.
وما تعددت هذه المذاهب وتنوعت الا لان من اصحابها من رأى التيسير ومنهم من رأى الضرورة، ومنهم من عمل باجتهاده وفهمه للحديث ومنهم من أخذ بالحديث حرفيا ومنهم من لم يصله في الأصل هذا الحديث، ولهذا سنجد اصحاب هذه المذاهب على اختلافها قد اجتمعوا في اقوالهم على طريق ومبدأ واحد فقط، وهو ان صح الحديث فهو مذهبي ، وقد جمع اقوالهم في ذلك العلامة محمد سعيد صفر المدني المتوفي عام ١١٩٤ هجريا في منظومته الشهيرة عندما قال وقول اعلام الهدى لا يُعْمَلُ بقولنا بدون نص يقبل، فيه دليل الاخذ بالحديث ،وذاك في القديم والحديث
قال أبو حنيفة الإمام ،لا ينبغي لمن له إسلام ،أخذ بأقوالي حتى تُعرَضَا، على الكتاب والحديث المرتضى
ومالك إمام دار الهجرة ، قال وقد أشار نحو الحجرة ،كل كلام منه ذو قبول ،ومنه مردود سوى الرسول
والشافعي قال إن رأيتم ، قولي مخالفا لم رويتم ،من الحديث فاضربوا الجدارا، بقولي المخالف الأخبارا
وأحمد قال لهم لا تكتبوا ، ما قلته بل أصل ذلك اطلبوا
فاسمع مقالات الهداة الأربعة ، واعمل بها فإنها منفعة
ما المذاهب الإسلامية الا أقوال لأحكام الدين والشرع المأخوذة من القرآن والسنة جمعت وصنفت وليست من اختراع اصحابها وهي بمنزلة كتب الصحيح في علم الحديث إنما هنا في الفقه.